بينها وضع العسكر ومستقبل الإسلاميين.. أسئلة عالقة وعناوين بلا تفاصيل في مبادرة حمدوك الجديدة

مثلما فرض ما عرف بخطاب الوثبة للرئيس المعزول عمر البشير في يناير/كانون الثاني 2014 العديد من التساؤلات وانتهى إلى “الحوار الوطني”، قدم خطاب رئيس مجلس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، اليوم الثلاثاء، من الأسئلة أكثر مما وفر من الإجابات.

وأول الأسئلة التي سينتظرها الشارع السياسي بالسودان، هل ستكفل مبادرة حمدوك عودة الإسلاميين للمشهد؟ وهل سيقبل الائتلاف الحاكم توسيع الحاضنة السياسية واستبدالها بـ”كتلة انتقالية تاريخية” بحسب ما ذكر حمدوك.

وأطلق حمدوك مبادرة وطنية للخروج من أزمة سياسية، قال إنها تضع البلاد في مفترق طرق، وتستهدف وجودها بحيث “نكون أو لا نكون”.

وعاب رئيس تحرير صحيفة “التيار”، عثمان ميرغني، على المبادرة عدم تقديم تفاصيل واضحة المعالم، قائلا إن حمدوك دائما ما يضع عناوين بلا تفاصيل.

ويقول مهدي رابح، عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، إن التحدي يكمن في أن تكون المبادرة مفصلة وتطرح بشفافية ملفات حوار جيدة للوصول لما أسماه حمدوك “آلية حماية الانتقال”.

عودة الإسلاميين

وبالرغم من أن نص المبادرة جاء في عموميات؛ لكن ميرغني يقول للجزيرة نت إن لديه معلومات مفادها أن رئيس الوزراء يطرح خلف الكواليس إشراك عناصر من النظام السابق غير متورطة في أي جرائم.

ويرى ميرغني أن بعض مكونات قوى الحرية والتغيير -الائتلاف الحاكم- ليست لديها رغبة في تغيير الوضع، ولن تغامر بتوسيع القاعدة.

وبحسب مصادر في قوى إعلان الحرية والتغيير، فإن مبادرة حمدوك ستشمل الإسلاميين باستثناء حزب المؤتمر الوطني المحلول، فضلا عن قوى سياسية شاركت الحزب المنحل السلطة.

وأكد القيادي الإسلامي السابق، مبارك الكودة، أن رئيس الوزراء طرح في مبادرته “التسوية الشاملة” رغم أن الرجل تحاشى ذكر التفاصيل.

وأوضح للجزيرة نت أن التسوية، التي يبدو أن الرجل يقصدها، شاملة وستطال منتسبي المؤتمر الوطني وكل الإسلاميين على أن يأخذ القانون مجراه ضد كل من أجرم.

دواعي المبادرة

يرى ميرغني أن السبب الرئيس وراء إطلاق حمدوك المبادرة في هذا التوقيت هو الدعوات لمليونية 30 يونيو/حزيران، التي تتضمن خطورة كبيرة على الحكومة.

ويؤكد أن الحكم الانتقالي يمر بمرحلة خطيرة من زاويتين؛ الفشل التنفيذي وارتداده على الاقتصاد والتذمر الشعبي، فضلا عن التشظي السياسي والأمني الذي وصل مرحلة كبيرة، ما بين مكونات الائتلاف الحاكم وبين الجيش والدعم السريع.

ويتابع “هناك خطورة كبيرة على الحكومة الهشة في ظل الاقتصاد المنهار وتدهور الخدمات وغياب المحكمة الدستورية والبرلمان”.

من جهته، يقول عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني إن حزبه يؤيد المبادرة؛ لأنها من حيث المبدأ تمثل تحريكا للساكن، والراهن السياسي يحتاج لهذه المبادرة.

ويؤكد أن أهم عنصر في المبادرة أن حمدوك ومن موقعه الحالي كرئيس للوزراء وضع نفسه كقائد للعملية السياسية الانتقالية، مضيفا “كان حمدوك مديرا تنفيذيا لحكومة تنفيذية، والآن وضع نفسه في المكان المناسب كزعيم سياسي للانتقال”.

ويشير إلى أن الرجل تحدث عن إشكالات كبيرة، ليس التوافق عليها سهلا؛ لكن عندما وضع الرجل نفسه في هذا المكان فستحظى مبادرته بزخم الناس والشارع.

وضع العسكر

حدد حمدوك في مبادرته الشروع مباشرة وعبر جدول زمني متفق عليه في عملية الوصول لجيش واحد مهني وقومي بعقيدة عسكرية جديدة عبر عملية للإصلاح الشامل، وبما يعبر عن تنوع السودان الفريد.

وتحدث رئيس الوزراء في مبادرته عما أسماه “التشظي العسكري”، ربما في إشارة للتوتر الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع.

وبحسب الكودة، فإن حمدوك حدد واقع التشظي العسكري بشكل صريح، واعتبره -أي الكودة- تمظهرا من تمظهرات السياسة.

ويذكر رابح أن حمدوك تحدث في مبادرته عن التوافق حول القضايا الكبرى، وذكر التشظي المدني والعسكري ما يعني أن الأجهزة العسكرية شريكة في المبادرة ويعول عليها لإنجاح الانتقال، وأي كتلة تقف ضد الانتقال يمكن أن تشكل عائقا.

أسس المبادرة

عمل رئيس الوزراء على ابتدار نقاش حول مبادرته قبل وقت كاف للتبشير بمشروعه السياسي.

وأبلغ عضو المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير، جعفر حسن، الجزيرة نت الأسبوع الماضي، أن حمدوك عقد لقاءات وصفها بالإيجابية مع المجلس المركزي تمهيدا لطرح مشروع سياسي ظل يبشر به باسم “الكتلة الانتقالية”، يضم كل أطراف الثورة.

ويرى الكودة أن حمدوك حدد في مبادرته مكامن المشكلة، ووضع يده على مكان الداء؛ لأنه اعترف بالأزمة السياسية، التي تتسبب في الأزمات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وطرح مشروعا وطنيا شاملا لمعالجتها.

لكن الكودة يقول إن المبادرة التي طرحها رئيس الوزراء تتطلب تعديل الوثيقة الدستورية.

ورغم أن المرشح المستقل في انتخابات الرئاسة 2015 حمدي حسن، يرى أن إطلاق المبادرات من هذا النوع مطلوب؛ لكنه يعتقد أنها ليست من مهام رئيس الوزراء.

وينوه حسن في منشور وزعه، اليوم الثلاثاء، إلى أن حمدوك قد لا يملك الصلاحيات المطلوبة لإصدار القرارات حول مبادرته.

ويضيف “توحيد قوى ثورة ديسمبر/كانون الأول أمر تجاوزه الراهن والواقع السياسي، فذلك كان مطلوبا من أجل إسقاط نظام الإنقاذ، وقد تحقق السقوط المطلوب، فلذلك فمن الطبيعي أن ترجع كل مجموعة لرؤاها الأصلية”.

المصدر : الجزيرة


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.