بوادر تمرد.. أياد “إخوانية” تعبث بالشرطة السودانية

برزت بوادر تمرد خطير من بعض منتسبي قوات الشرطة السودانية الذين هددوا بالدخول في إضراب شامل الأربعاء وهتفوا ضد وزير الداخلية السوداني عزالدين الشيخ أثناء مخاطبته لهم في ساحة الحرية في وسط العاصمة الخرطوم.

لكن عمر عبد الماجد الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة وصف ما حدث أمام وزير الداخلية بأنها “مظاهر عدم انضباط شرطي من مجموعة محدودة ومحددة”، مؤكدا ان الاوضاع الامنية بالبلاد “جيدة”.

وقال مختصون ومراقبون إن حالة التراخي والفوضى التي يشهدها جهاز الشرطة السودانية حاليا تحمل بصمات إخوانية واضحة تهدف إلى ضرب الأمن وخلق الفوضى، مستغلين وجود عدد كبير من الضباط الموالين للنظام المخلوع عمر البشير والذين تم تمكينهم في أعقاب انقلاب 1989 بعد فصل المئات من الضباط المؤهلين.

تراخي وفوضى

تأتي هذه التطورات في ظل انتشار كبير للجريمة والانفلات الأمني في العاصمة والمدن السودانية الأخرى وسط اتهامات متصاعدة للشرطة بالتراخي. وتشهد شوارع الخرطوم انتشارا كثيفا لظاهرة عصابات “النيقرس” الذين يقومون بنهب المارة باستخدام أسلحة بيضاء وأحيانا نارية.

وفي الواقع، تزايدت خلال الفترة الأخيرة الشكوك حول دور الشرطة، وبدأت تلك الشكوك تظهر بشكل أقوى في ليلة رأس السنة حيث عاش سكان الخرطوم حالة من الرعب عندما امتلأت الشوارع بعصابات النهب والتكسير دون أن يكون هنالك أي وجود يذكر للشرطة.

ويرى كثيرون أن الدعوة غير المسبوقة لإضراب الشرطة يوم الأربعاء تأتي ضمن مخطط كبير يقوده عناصر النظام السابق لاستغلال المسيرات التي تعتزم بعض الجهات تسييرها للمطالبة بإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية والعدلية والأمنية في البلاد.

وأعلنت لجنة تفكيك النظام السابق القبض على عدد كبير من العناصر الإخوانية كانوا يخططون لزعزعة أمن البلاد وضرب الاقتصاد تمهيدا لإعادة نظام المخلوع البشير الذي أطاحت به ثورة شعبية في أبريل 2019 ويقبع حاليا في سجن كوبر شرق الخرطوم.

انفراط عقد الأمن

وحذرت مجموعة من ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً في عهد المخلوع البشير من نذر وبوادر تمرد وسط قوات الشرطة، ووصفت ما حدث الاثنين بـ “انفراط عقد الانضباط من قبل أفراد الشرطة”، وحملت وزير الداخلية مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة بصوره معقولة.

وقالت المجموعة في بيان إن الهشاشة الأمنية قادت إلى ما يشبه انفراط عقد الأمن المجتمعي وتفشي جرائم النهب والسلب والقتل وازدياد نشاط العصابات واهتزاز الإحساس بالأمن لدى المواطن وانعدام الثقة في قوات الشرطة.

وأضافت “سلوك وأداء قوات الشرطة أصبح ضعيفا للغاية وغير متماسكا نتيجة إحساس أفرادها بعدم الرضا والأمان الوظيفي بسبب الوضع الاقتصادي والقانوني وانعدام الثقة في القيادة بالإضافة للتهميش المتعمد لدور الشرطة مع سلبها لسلطاتها وتكبيلها، الأمر الذي أدى لتقاعس أفرادها”.

وطالبت المجموعة رئيس الوزراء بتدارك تداعيات الأزمة المتوقعة التي من شأنها أن تطيح بأمن البلاد وذلك من خلال اتخاذ إجراءات عاجلة تشمل إقالة وزير الداخلية وهيئة قيادة الشرطة وإعادة هيكلة الشرطة وتحسين أجور أفرادها وإعادة ضباط الشرطة المفصولين تعسفياً فوراً للخدمة والإسراع في إنشاء ادارة الأمن الداخلي على أن يكون أساسها وعمادها ضباط الشرطة المفصولين تعسفيا.

ودعت المجموعة قوات الشرطة إلى تفويت الفرصة على المتربصين بالفترة الانتقالية وعدم منحهم الذريعة لتغيير التحول الديمقراطي الي هبوط ناعم يعود بالنظام السابق.

ممارسات النظام السابق

يؤكد الخبير الأمني والقانوني الطيب عبدالجليل أن جهاز الشرطة يعاني من مشكلات كبيرة بسبب ممارسات نظام المخلوع عمر البشير التي أدت إلى إفراغ الجهاز من العديد من الكوادر المؤهلة على مدى الأعوام الثلاثين الماضية.

وقال عبدالجليل لموقع سكاي نيوز عربية إن هنالك حاجة لإجراء مراجعات هيكلية وقانونية عاجلة تعيد لجهاز الشرطة قوته وتجعله أكثر قدرة على أداء مهامه بمهنية عالية مما ينعكس إيجابا على الأوضاع الأمنية بالبلاد والتي تشهد انفلاتا واضحا.

ويرى عبدالجليل، الذي كان يشغل منصبا قياديا في الشرطة السودانية، أن جهاز الشرطة يواجه حملة شرسة لإضعافه وتجريده من مهامه لصالح جهات غير مؤهلة للتعامل مع المدنيين وغير مدربة وهو ما سيؤدي إلى انفلات أمني تصعب السيطرة عليه.

ومن جانبه، ينبه إبراهيم حسين الضابط السابق في الشرطة السودانية إلى خطورة الوضع الحالي في جهاز الشرطة والذي اعتبره نتيجة طبيعية لنهج النظام السابق الذي عمل على إبعاد الشرطة عن المسار المهني الصحيح والصارم الذي ظلت تلتزم به قبل مجيء نظام البشير في عام 1989 والزج بها في التوجهات العقدية.

وقال حسين لموقع سكاي نيوز عربية إن حالة الانفلات الحالية في أوساط الشرطة هو أمر كان متوقعا نتيجة للتردي الكبير الذي وصل إليه جهاز الشرطة خلال الأعوام الثلاثين الماضية وفقدان الجهاز لعدد كبير من الكوادر المؤهلة تأهيلا عاليا مما أحدث فراغا في عمليات التدريب والتأهيل بين أفراد الشرطة وأوصل الوضع إلى ما هو عليه الآن.

بعد إخواني

يشدد الكاتب الصحفي صلاح جلال على أن التمرد الحالي لبعض ضباط وجنود الشرطة يؤكد وجود عمل سياسي داخل الشرطة تقوده مجموعة من التابعين للنظام السابق.

ويقول جلال إنه لا يجب التهاون مع الفوضى الحالية داخل جهاز الشرطة مطالبا بضرورة تنظيفه من العناصر المضادة للثورة، وحسم المتمردين بقانون القوات النظامية وتقديمهم لمحاكمات ميدانية فوراً دون إبطاء.

وفي ذات السياق، يرى الناشط السياسي احمودي البشرى أن احتجاجات الشرطة الحالية لها طابع سياسي واضح يؤكد مدى عمق التمكين الإخواني داخل جهاز الشرطة ويبرهن على أن “الانفلات والنهب والتهريب كان يجد حواضن أمنية ترعاه”.

ويقر البشرى بأن مرتبات الأجهزة الأمنية والموظفين عموما تآكلت، لكنه يشير إلى أن اتباع النظام السابق الموجودين داخل أجهزة الشرطة يحاولون استغلال تلك الأوضاع وخلق الفوضى.

سكاي نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.