بعد فشل محاولات مجلس الأمن.. سد النهضة.. هل يقود الملء الثاني إلى حرب مياه؟
انفض سامر جلسة مجلس الوزراء التي لجأ اليها الجانبان السوداني والمصري بشأن اعلان الجارة الاثيوبية الدخول في مرحلة الملء الثاني لسد النهضة، بصدق التوقعات التي ذهبت الى ان الحل الدبلوماسي لن يجدي نفعاً، حيث انتهت الجلسة دون الإعلان عن إجراء من قبل المجلس، وسبق ان لجأ اليه الطرفان لوقف الملء الأول، ولعل اختيار إثيوبيا تمسكها بالملء الثاني عندما بعثت بخطاب رسمي لدولتي السودان ومصر قبل أيام من انعقاد الجلسة لتخبرهما رسمياً بمواعيد الملء الثاني خلال شهر يوليو الجاري واغسطس القادم، ضاربة بمحاولات الطرفين للجوء للمجتمع الدولي لوقف الملء الثاني عرض الحائط، بحجة ان مجلس الامن ليس من شأنه مناقشة مشروع تنموي لتوليد الكهرباء، وأن الخلافات حول المياه العابرة للحدود لا تقع ضمن ولاية مجلس الامن.
تغريدة وزير الري
وفي تغريدة على حسابه الشخصي بموقع (تويتر)، جدد وزير الري بروفيسور ياسر عباس، دعوة السودان أديس أبابا إلى الكف عن الخطوات الأحادية، في ما يتعلق بهذا الملف الشائك والعالق منذ سنوات، وقال إن بلاده ترحب بانخراط مجلس الأمن الدولي في مناقشة قضية السد الإثيوبي، وقال ان السودان يدعو إلى استئناف عملية المفاوضات المعززة، ويحث إثيوبيا على الإحجام عن اتخاذ المزيد من الإجراءات الأحادية المتعلقة بسد النهضة.
إنهاء التدويل
وأتى ذلك بعد أن اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية، دينا مفتي، يوم الجمعة الماضية، أن مجلس الأمن أنهى مسألة تدويل السد وأعاده إلى الاتحاد الإفريقي الذي كان يفترض ألا يخرج عنه، وفق تعبيره. كما أشار إلى أن سد النهضة إفريقي ويجب أن تتم مناقشته داخل البيت الإفريقي، وأضاف قائلاً: (ما كان على مصر والسودان نقل الملف إلى مجلس الأمن).
وبالرغم من أن الأصوات بالجلسة اتفقت على ضرورة استئناف المفاوضات الهادفة للتوصل إلى اتفاقية قانونية ملزمة في غضون ستة أشهر، وهو ما يتطابق مع ما يطالب به كل من السودان ومصر، وإعلان إثيوبيا رغبتها في مواصلة التفاوض ورمي اللائمة على السودان ومصر بعدم الوصول لحل مقبول، الا ان عضو لجنة المفاوضات السابق د. أحمد المفتي يصف العودة الى المفاوضات بالكارثة العظمى وإعطاء اثيوبيا شرعية للملء الثاني، لجهة وجود شرط واحد لنجاح المفاوضات متمثل في إيقاف الملء الثاني فوراً الى حين الانتهاء من المفاوضات الامر الذي لم يجد التوافق عليه.
خيار الحرب
وتماشياً مع مقولة ان اللجوء إلى الحلول الدبلوماسية تجريب المجرب ويجب اللجوء الى حلول اقوى، الا انه بالمقابل فإن دولاً أعضاء بالمجلس حذرت من التهديد باستخدام القوة، وشددت على ان ذلك لن يؤدي إلى حل بشأن سد النهضة، بل لتعقيدها، بيد ان المفتي يرى وفقاً لتقديراته ان الحلول القانونية والدبلوماسية تم تجريبها على مدار عشرة أعوام وانتهت، وشدد على ضرورة وجود خيار استراتيجي لجهة انه خيار المرحلة، وان دستور السودان يقول ان مسؤولية كل حكومة حماية مواطنيها، وأقسم عليها الوزراء، جازماً بأن الحقوق المائية للسودان تستولي عليها اثيوبيا، لذلك يجب اللجوء الى خيار حشد قوات ضخمة على الحدود الإثيوبية داخل الحدود الإثيوبية وتوجيه خيار وقف الملء الثاني او دخول القوات لاسترداد السد بما فيه من دفاعته الجوية، لجهة ان الأرض التي عليها السد سودانية وتم منحها لإثيوبيا وفق شروط منها عدم انشاء منشأة مائية الا بموافقة حكومة السودان، وتوقع انه بمجرد الاعلان والحشد سوف تكون الرسالة قد وصلت الى المجتمع الدولي الذي سوف يعقد جلسة طارئة لأن السد يهدد الامن والسلم الدوليين، ويطالب اثيوبيا بوقف الملء الثاني.
وأشار إلى أن وزير الخارجية ذهبت في ذات الاتجاه الذي مضى فيه السودان لعشرة أعوام حتى اليوم وهو القبول بجميع التجاوزات والانتهاكات الإثيوبية.
مرافعة ضعيفة
ويذكر أن ممثلي الدول الاعضاء في مجلس الامن اجمعوا على دعوة الاطراف الثلاثة الى مواصلة المفاوضات للتوصل لحل يرضي البلدان الثلاثة، وأكدوا جميعاً ان هذا الحل ضروري وممكن. غير ان كل دولة قد ركزت في تناولها للقضية المطروحة امام المجلس على ما تراه ملحاً وضرورياً في تطور هذا النزاع حول سد النهضة الاثيوبي الكبير وسبل حله، ويقول خبير المياه عبد العظيم محمد صالح ان ما خرجت به جلسة مجلس الامن الدولي كان متوقعاً، لجهة أن المرافعة التي قدمها السودان ومصر لم تكن قوية، وقال لـ (الإنتباهة) ان الدولتين لم تتخذا الخطوات السليمة في التفاوض مع إثيوبيا، فى إصرارهما على أن السد غير آمن ولم تكتمل دراساته بشأن السلامة التي كانت منوطة بها لجنة الخبراء الدوليين في 2013م، والتى ألزمت إثيوبيا باكمال دراسات امان السد البيئية والاقتصادية ومخاطر السد، ونوه بان السودان لديه كروت ضغط قوية جداً مثل اتفاقية 1902م واحتلال إثيوبيا اقليم بني شنقول الذي تم بناء سد النهضة عليه بموجب هذه الاتفاقية التي تمنعها من بناء منشآت مائية على النيل، وعاب على الحكومة وضع اعتبار للحكومة الإثيوبية التي لا تراعي مصالح شعب السودان الاقتصادية، واضاف أن لديها أجندة خفية، وبين ان سد النهضة من حيث الجانب التقني لا يحتاج الى (34) مليار متر مكعب، بل (11) مليار متر مكعب، واعتبر السد سياسياً في المقام الاول، ومجال للابتزاز الامني والسياسي والاستراتيجي للسودان ومصر، وبه ايادٍ خفية إقليمية ودولية.
سودانية بني شنقول
وتوقع ان تستمر إثيوبيا في اتباع أسلوب التعنت والمراوغة، واكد فشل المفاوضات القادمة خاصة ان قرار مجلس الامن غير واضح ولا يتضمن سقفاً زمنياً محدداً للمفاوضات ومشاركة فاعلة من الأمم المتحدة والاتحادين الإفريقي والأوروبي، وزاد قائلاً: (لا أمل في هذه المفاوضات، وسوف تستمر إثيوبيا في الملء الثاني والثالث والرابع)، وشدد على ضرورة ان يلوح السودان بملف إقليم بني شنقول، بجانب تركيزه على أن السد غير آمن، خاصة ان الدراسات تتوقع انهياره بعد خمس سنوات، لجهة ان الكهوف التي تحت السد وعلى اعماق اكثر من (٤٠) متراً وبالقرب من القرن الإفريقي ستؤدي الى تصدعات بالسد وانهياره، مما يشكل كارثة للسودان بان يقضي عليه، خاصة ان المياه سوف تكون في طول (10) امتار على اقل تقدير، وسوف يدمر جميع الخزانات بالبلاد. وحمل وزير الرى مسؤولية وصول السودان لهذا الفشل الذي وصفه بالذريع.
المصدر: الانتباهة أون لاين