محكمة مدبري انقلاب 1989 م.. جلسة (الهتافات)!!

رفضت هيئة المحكمة أمس شطب قضية مدبري انقلاب 1989 في مواجهة الرئيس المعزول و (27) من منسوبي النظام البائد أو حفظ ووقف إجراءاتها, وذلك لغياب كامل هيئة الاتهام لجلستين متتاليتين دون عذر مبرر.

واشارت هيئة المحكمة برئاسة قاضي المحكمة العليا أحمد علي أحمد، وعضوية قاضيي استئناف، الى أنها رفضت جميع طلبات هيئة الدفاع عن المتهمين المتعلقة بوقف إجراءات الدعوى الجنائية الذي استندوا فيه لنص المادة (201) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م، وشددت المحكمة على أن نص المادة المذكورة لا ينطبق على وقف إجراءات القضية لغياب أي من أطراف الدعوى الجنائية.
سلطة جوازية
كما رفضت المحكمة شطب الدعوى الجنائية في مواجهة جميع المتهمين لغياب الاتهام عن الظهور أمامها، وعللت المحكمة ذلك بأن الأصل في القانون السير في إجراءات الدعاوى الجنائية في المحاكم الى منتهاها حتى لا يكون سيف الاتهام مسلطاً على رقاب المتهمين سواء كان ذلك في الدعاوى التي تتعلق بالحق الخاص او العام، ولفتت هيئة المحكمة الى أن نص المادة (141) من قانون الإجراءات الجنائية التي استند اليها الدفاع في طلبه بشطب القضية، يتعلق بدعاوى الحق الخاص التي هي سلطة جوازية للمحكمة تستخدمها حسب تقديرها، الا أن القضية الماثلة امام المحكمة هي قضية حق عام ولا ينطبق عليها شطب الدعوى لغياب الاتهام.
لا سبب للتعليق
ومن جهتها رفضت المحكمة طلب الدفاع بحفظ الدعوى الجنائية لغياب الاتهام مسبقاً، وبررت المحكمة في قرارها بأن قانون الإجراءات الجنائية جاء خالياً من نص يتعلق بحفظ الدعوى في ما يتعلق بقضايا الحق العام، الا أنه في المقابل يجوز حفظ الدعاوى التي تتعلق بمسائل الأحوال المدنية والشخصيةـ وأردفت المحكمة قائلة: (وفقاً للقانون يجوز للمحكمة أن تعلق وتحفظ إجراءات الدعوى الجنائية، الا أنها لا ترى سبباً في تعليق إجراءات القضية لغياب الاتهام عن جلستين).
موضوعي وقانوني
وفي ذات الاتجاه قررت المحكمة قبول طلب محاميين من ممثلى الدفاع عن المتهمين، بمواصلة السير في إجراءات الدعوى الجنائية في غياب هيئة الاتهام عن الحق العام، واعتبرت المحكمة الطلب واقعياً وموضوعياً من حيث القانون، لاسيما أنها سبق أن قررت السير في إجراءات الجلسة ومواصلة السماع.
تعطيل إجراءات
وفي الوقت ذاته رفضت هيئة المحكمة أيضاً طلبات دفاع جميع المتهمين بحرمان كامل هيئة الاتهام من الظهور أمامها وتمثيل الحق امامها، وذلك لغيابهم عن الظهور أمامها في جلستين متتاليتين دون اسباب، مع مخاطبة النائب العام بتكليف هيئة اتهام بديلة عن الحالية، وأرجعت المحكمة رفضها الطلب الى أنه بحكم نص المادتين (3/2،53/3) من قانون الإجراءات المدنية لسنة 1983م التي جوزت للمحكمة حرمان أي محامٍ أو مستشار قانوني أو وكيل نيابة، تغيب عمداً لتعطيل إجراءات المحاكمة مع إخطار النائب العام ونقابة المحامين بذلك، وشدد المحكمة على أن نص المادة المذكورة لا ينطبق على هيئة الاتهام في القضية التي اتضح أنها تغيبت عن المثول أمام المحكمة لجلستين في حين أن القانون جوز للمحكمة حرمانهم اذا تغيبوا عن المثول أمامها لثلاث جلسات.
شكوى ضد المحكمة
وفي ذات الوقت كشفت هيئة الاتهام عن الحق العام للمحكمة، عن تقدمها بشكوى بتاريخ 27/6/2021م لرئيس القضاء المكلف، ضد رئيس هيئة محكمة مدبري انقلاب 89م، وذلك استناداً لنصوص المادتين (52،53/ح) من قانون السلطة القضائية لسنة 1986م، لعدم قدرته على تحقيق العدالة في هذه الدعوى الجنائية، في وقت التمست فيه هيئة الاتهام من المحكمة تأجيل جلسة المحاكمة بالأمس، حتى صدور قرار عن رئيس القضاء المكلف حول شكواهم ضد رئيس هيئة المحكمة وذلك من باب العدالة .
رفض وعدم رأي
وبالمقابل أمرت هيئة المحكمة دفاع المتهمين بعدم ابداء اي رأي او اعتراض حول طلب الاتهام المتعلق بالشكوى، وارجعت ذلك الى ان طلبهم يتعلق بها كحكمة فقط، في وقت قررت فيه المحكمة رفض طلب الاتهام بتأجيل الجلسة لحين فصل رئيس القضاء في شكواهم ضد هيئة المحكمة، مشيرة الى ان الطلب غير معنية به هذه المحكمة لا سيما أنها سبق أن رفضت ذات الطلب بتأجيل جلسة سابقة للمحامي بارود صندل رجب رئيس هيئة دفاع المتهم الثالث والعشرين اللواء عمر عبد المعروف، بعد ان علل تقدمهم بطعن أمام رئيس القضاء في عضو بهيئة المحكمة الذي افادوا في طلبهم بأنه هتف ضد المتهمين قائلاً: (اي كوز ندوسو دوس) على حد قولهم ابان اعتصام القيادة العامة الشهير، واشاروا الى انه بذلك يعتبر خصماً للمتهمين.
قصة محامين متضامنين
وفي المقابل اعترضت هيئات الدفاع عن جميع المتهمين، على تسجيل المحكمة لحضور يفوق (10) محامين متضامنين مع هيئة الاتهام النيابة العامة، مطالبين المحكمة بمراجعة تلك الأسماء ومقارنتها بكشف الاتهام المودع بطرف المحكمة ومدى تطابقها مع أسماء محامي الاتهام الذين ظهروا أمام المحكمة في جلسة الأمس، منوهين بعدم وجود تلك الاسماء في كشف هيئة الاتهام المعروف للمحكمة واستفسارهم عن مدى حصلوهم على إذن مسبق من النائب العام لتمثيل الحق العام في القضية، وهنا قاطع رئيس هيئة المحكمة ممثلى الدفاع عن المتهمين وقال لهم: (عليكم بمراجعة الكشف المودع بمحضر المحاكمة الذي يحتوي على أسماء هيئة الاتهام بما يفوق(400) محامٍ متضامنين مع الاتهام عن الحق العام، بجانب وجود كشف بالمقابل يحتوى على ما يفوق (300) محامٍ متضامنين مع هيئات الدفاع عن المتهمين، وشددت المحكمة على أنها سبق أن الزمت طرفي الدعوى الجنائية (الاتهام والدفاع) بتخصيصها جلسات تنعقد بالمحكمة القومية العليا لتقديم الطلبات التي لا تتعلق بجلسة السماع، ونبهت المحكمة طرفي القضية لضرورة الالتزام والعمل وفقاً لتوجيهاتها .
وجود مهندس مختص
وقررت المحكمة قبول طلب هيئة الاتهام عن الحق العام بإمهالهم فرصة حتى يتسنى لهم إحضار مهندس فني مختص، وذلك لتشغيل (سي. دي) تحتوي على فيديوهات لعدد من المتهمين من بينهم الرئيس المعزول عمر البشير، وبررت المحكمة قبولها طلب الاتهام بتأجيل الجلسة، وذلك عدالة منها بعد أن تيقنت بعدم وجود المهندس المختص داخل قاعة المحاكمة، في الوقت الذي رفضت فيه المحكمة جميع طلبات هيئات دفاع المتهمين بمواصلة السير في إجراءات الجلسة ورفض طلب الاتهام بإمهاله فرصة أخرى .
جلسة مغلقة وفيديوهات
وفي سياق متصل أرجأت ذات المحكمة الفصل في طلبات هيئات الدفاع عن جميع المتهمين الى السابع والعشرين من الشهر الجاري اي ما بعد عطلة عيد الاضحى المبارك، والطلب المتعلق بعرض مستندات الاتهام الـ (سي. دي) التي تحتوى على الفيديوهات المصورة لحوارات لبعض المتهمين على ذمة الدعوى الجنائية، في جلسة مغلقة بعيداً عن كاميرات وعدسات وسائل الإعلام المختلفة (المقروءة والمسموعة والمرئية)، مطالبين المحكمة بقصر عرض الفيديوهات على هيئة المحكمة وطرفي الدعوى الجنائية (الاتهام والدفاع) وبحضور المتهمين فقط، وذلك حتى تتسنى لهم مناقشة وتدوين ملاحظاتهم حول ما ورد في تلك المستندات الفيديوهات ومدى تعرضها للتزييف من عدمه أو إعادة إنتاجها أو تعديلها بواسطة (الفوتوشوب), مبررين ذلك بأن حضور الإعلام وعرض تلك الفيديوهات عبره دون إبداء ملاحظاتهم وآرائهم القانونية حولها سواء بالقبول أو الرفض بمثابة محاكمة سياسية للمتهمين، منوهين بأن تقديم المستندات بهذه الطريقة تعتبر مستندات (غيبة) لهم في هيئة الدفاع ولا يعلمون محتوياتها، كما طالبت هيئة الدفاع عن المتهمين بأن يتم تسليمهم نسخة من تلك المستندات الفيديوهات حتى تتسنى لهم مشاهدتها في مكاتبهم الخاصة كما هو معمول به في القضاء العالمي في إطار التعاون بين هيئتي (الاتهام والدفاع)، ومن ثم تدوين ملاحظاتهم حولها وتقديم دفوعاتهم حولها امام المحكمة سواء كانت بقبولهم لها أو رفض قبولها كمستندات اتهام على ذمة القضية، وشدد محامو الدفاع في طلبهم للمحكمة على أن المستندات الفيديوهات التي يعتزم الاتهام تقديمها وعرضها أمام المحكمة يعترضون عليها ابتداءً، وذلك لأن موكليهم المتهمين رفضوا التعامل مع لجنة التحقيق في البلاغ باعتبارها الخصم والحكم، لا سيما أن النائب العام السابق تاج السر الحبر، كان الشاكي والمشرف على اعمال لجنة التحري في البلاغ، منبهين الى أن لديهم طعناً حول ذلك أمام المحكمة الدستورية .
مماطلة وتسويف
وفي ذات السياق اعلنت هيئات دفاع المتهمين اعتراضها على طلب الاتهام بتأجيل الجلسة لتعذر وجود المهندس المختص بتشغيل الفيديوهات، واعتبروه مماطلة وتسويفاً من الاتهام، لا سيما أن المحكمة سبق أن أمهلت هيئة الدفاع عن المتهمين في القضية فرصة لإحضار مستندات الاتهام الـ (سي. دي) التي تحتوي على الفيديوهات وتشغيلها أمام المحكمة، الا أن الاتهام تغيب عمداً عن جلستين سابقتين كانتا محددتين لعرض مستندات الاتهام بالمحكمة، دون تقديمه مبررات قانونية أو جوهرية تبرر غيابه عن الجلسات، وطلبت هيئة الدفاع عن المتهمين من المحكمة استفسار المتحري في القضية عن مدى جاهزيته لمواصلة تقديم ملف القضية للمحكمة أم لا، لاسيما بعد أن تبين أنه ليس جزءاً من هيئة الاتهام، فيما ذهبت مجموعة أخرى من هيئة الدفاع عن المتهمين في اعتراضهم على طلب الاتهام بتأجيل الجلسة الى أخرى بسبب عدم وجود فني لتشغيل الفيديوهات بالرغم من منح المحكمة لهم فرصتين سابقتين الا أنهم تغيبوا عن المثول امامها، واعتبر ممثلو الدفاع ذلك بمثابة مماطلة وتسويف مع سبق الإصرار والترتيب والتوقع، مطالبين المحكمة باستبعاد وتنحية كل اعضاء هيئة الاتهام، مع حرمانهم من الظهور أمام المحكمة لتمثيل الاتهام في القضية، مع مخاطبة النائب العام المكلف مبارك محمود عثمان، لاختيار هيئة اتهام بديلة لتمثيل الحق العام في القضية، لاسيما أن المتهمين ظلوا خلف القضبان لأكثر من عامين منتظرين محاكمتهم على ذمة القضية.
هتافات الاتهام
ورصد بالامس مثول اعضاء هيئة الاتهام عن الحق العام في الدعوى الجنائية بالرغم من غيابها عن جلستين سابقتين، حيث دونت المحكمة حضورهم بمضابطها وعلى رأسهم رئيس الهيئة رئيس نيابة عامة سيف اليزل سري، في الوقت الذي شهدت فيه الجلسة حضور عشرات المحامين معلنين تضامنهم مع هيئة الاتهام في القضية. وعقب نهاية الجلسة ورفعها ردد محامو الدفاع عن المتهمين وكعادتهم عبارات التكبير والتهليل، وحينها قابلهم محامو الاتهام بهتافات: (الدم قصاد الدم ما بنقبل الدية) ومن ثم خرجوا الى خارج القاعة ودخلوا في مناوشات جانبية، قبل ان يتفرق كل في حال سبيله.

المصدر : الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.