مبادرة حمدوك.. كيف وبمن تمضي؟

جاء تأييد النائب الأول لرئيس مجلس السيادة قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان حميدتي لمبادرة (حمدوك) أمس الأول، بعدما وجدت التأييد من جُل القوى السياسية وحركات الكفاح المسلح ،إيماناً منهم بأن مشكلة البلاد سياسية في المقام الأول، وتثميناً لأهمية الحوار الوطني الذي دعت له المبادرة التي حملت عنوان (حل الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال الديمقراطي ـ الطريق إلى الأمام)..
فإلى أين تمضي المبادرة ومن معها ومن ضدها؟ وهل تمت أي تحركات عملية بشأن حشد التأييد والدعم للمبادرة؟

ترحيب حميدتي
رحب النائب الأول لرئيس مجلس السيادة قائد الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان حميدتي، بمبادرة رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، ودعا إلى الالتفاف حولها..
وقال حميدتي: “هنالك مبادرات أخرى كثيرة طرحها عدد من الجهات كلها تصب في اتجاه وضع المعالجات الكلية للأزمة السودانية، ندعو إلى توحيد كل هذه المبادرات في مبادرة واحدة تحقق التوافق الوطني الشامل بمشاركة كل السودانيين دون إقصاء لأحد.
وأكد حميدتي أن هذا هو المخرج الوحيد لتحقيق أهداف ومطلوبات الثورة السودانية وصولاً إلى ديمقراطية حقيقية عبر صندوق الانتخابات.
لماذا طرح رئيس الوزراء المبادرة؟
الأزمة السياسية
من جانبه أشار القيادي بالحرية محمد وداعة إلى اجتماع اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير مع رئيس الوزراء، بتاريخ 25 يونيو 2021م الذي تداول الأزمات المحيطة بالوضع الانتقالي، مشدداً على اتفاق حمدوك مع وفد اللجنة بتوصيف الأزمة، بأنها أزمة سياسية، وقال (إن التدهور الأمني الآن يعود بالأساس  إلى التشظي الذي حدث بين مكونات الثورة، وإلى التشاكس في داخل قوى الحرية والتغيير، وإلى خلافات بين المكون المدني والمكون العسكري، وإلى خلافات داخل المكون العسكري) ، و ما عدا ذلك تداعيات وانعكاس لهذه الأزمات.
وأكد وداعة في حديثه لـ(السوداني) أن حمدوك اقترح تكوين لجنة (خمسة من المركزي + خمسة من اللجنة الفنية) من كل جهة باشرافه لإعادة إصلاح الحرية والتغيير، وأضاف: فى 27 يونيو التقت اللجنة الفنية لإصلاح الحرية والتغيير، مرة أخرى رئيس  الوزراء وقدم استعراضاً لمبادرته، وتم قبولها مبدئياً مع الملاحظات، بعد يومين وبتاريخ 29 يونيو 2021م، أطلق رئيس الوزراء مبادرته وجاءت متجاوزة لمقترحه الأول لجنة ( 5+5) ، ووسعت من إطار القوى المفترض مشاركتها فيما اسماه (الكتلة الانتقالية).
وقطع وداعة بأن الأمر كان تعويماً لفكرة الإصلاح و اختزالها في توسيع قاعدة المشاركة بهدف خلق الكتلة الانتقالية، وتابع: لم تمض إلا بضعة أيام وتفاجأ السودانيون جميعاً بإعلان وقعته مجموعة المركزي والحركة الشعبية شمال (عقار) وحزب الأمة، ما اسمته إعلاناً سياسياً بوحدة الجبهة الثورية والمجلس المركزي وحزب الأمة، تم فيه اتفاق الثلاثة على إعلان الوحدة الكاملة فيما بينهم  والاتفاق على  ثلاثة هياكل جديدة، وهي الهيئة العامة، ومجلس مركزي ، ومجلس قيادي.
وأردف: الأطراف المكونة لهذا الإعلان ستجرى اتصالات واسعة بالأطراف التي لم تشارك بعد في التكوين الجديد وبشركاء الفترة الانتقالية نحو بداية جديدة هي الأوسع شمولآ لحاضنة توفر الدعم للحكومة والفترة الانتقالية وتخدم مصالح البلاد العليا، هذه القوى حرة في أن تتحد على ما تريد، ولكنها ليست حرة بالطبع في  ادعاء أن ذلك هو طريق العبور من تركة نظام الإنقاذ و التي فشلت مجموعة المركزي فى زحزحتها قيد أنملة ، بل كان فشلها فى عامين ربما أكبر أثرآ من فشل النظام السابق اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً.
ومضى قائلا: افتراض أن يرى الآخرون ما تراه، مركز جديد و حاضنة جديدة مركزها أطراف البيان الثلاثة، يصبون ماءً بارداً على مبادرة السيد رئيس الوزراء وينسفونها تماماً بدل الالتفات إلى تكملة نواقصها وإصلاح عيوبها، فجاء بيانهم قافزاً عليها في محاولة اللحاق بمواقيت تعيين الولاة وتكوين المجلس التشريعي، تفتقت عبقرية الحاضنة الجديدة عن وصفة غريبة فى ترشيحات المجلس التشريعي (تقدم عرضاً وعندما يرفض تقول للمعروض عليه، سنكون المجلس ونترك مقاعدكم شاغرة) ، وهذا يخالف الوثيقة الدستورية ، وإن كان هذا صحيحاً فلتحدد لجنة التشريعي لعبد الواحد و الحلو مقاعدهم و تتركها شاغرة.
وتابع: هذا غرق فى شبر ماء، وسيصطدم برؤية المكون العسكري الذي أبلغ الثلاثة أن تكوين المجلس التشريعي سيتم بعد توافق واتفاق قوى الحرية و التغيير، المجلس المركزي لا يرى جثث القتلى في دارفور وغرب كردفان، و لا الانفجار الوشيك في الشرق، و لا هم له إلا إكمال المحاصصات البغيضة في الولاة والمجلس التشريعي، ولا سبيل إلى ذلك، إلا بتكريس الانقسام الذي تقوده مجموعة المركزي ، و أنه  دونه خرق القتات ، وأن غداً لناظره قريب.

مع وضد
من مع المبادرة ومن ضدها؟ سؤال يدور في أذهان المهتمين في الشارع العام والذين ما يزالون يراهنون على تحقيق اختراق في الأزمة السياسية الماثلة، ويرى المستشار السابق لرئيس الوزراء د.أمجد فريد أن المبادرة وجدت التأييد والدعم من جميع الكتل السياسية والحركات المسلحة، لافتاً إلى أن الحزب الشيوعي الذي لم يدعم المبادرة ، قدم نقداً جيداً لها.
وشدد أمجد في حديثه لـ(السوداني)على أن النقد الموضوعي للمبادرة يعتبر دعماً، الأمر الذي يعني أنها مدعومة ومؤيدة من الجميع.
طور التشكيل
ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عثمان ميرغني أن مبادرة حمدوك في طور التكوين، مشيراً إلى أن حمدوك يجري مشاورات مع القوى السياسية من أجل الوصول لاتفاق بين هذه القوى على مبادئ المبادرة.
وجزم ميرغني بحديثه لـ(السوداني) بعدم إمكانية وصف مضي المبادرة، وأوضح: المبادرة لم تتحول إلى قرارات تنفيذية ومازالت عبارة عن طرح للقوى السياسية والمجتمع المدني وأساتذة الجامعات وعدة فئات أخرى.
مبادرة حمدوك
وكان رئيس مجلس الوزراء د. عبد الله حمدوك، قد كشف في الثاني والعشرين من يوليو الماضي عن شروعه بإجراء لقاءات ومشاورات واسعة مع قيادات السلطة الانتقالية والقوى السياسية والمدنية وقوى ثورة ديسمبر، وذلك بخصوص تطوير مبادرته (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام)، والتي تهدف لتوحيد مكونات الثورة والتغيير وإنجاز السلام الشامل، وتحصين الانتقال الديموقراطي وتوسيع قاعدته وتحقيق أهداف ثورة ديسمبر المجيدة (حرية، سلام وعدالة)، واستعرض حمدوك بمؤتمر صحفي بعدها بيوم، تفاصيل المبادرة، مبيناً مظاهر الأزمة العامة وخطرها على الانتقال، وتطرقت تفاصيل المبادرة إلى إصلاح القطاع الأمني والعسكري وقضايا الاقتصاد والعدالة والسلام، إضافةً إلى تفكيك نظام الثلاثين من يونيو ومحاربة الفساد، وكذلك السياسة الخارجية والسيادة الوطنية، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.
بعد بيان حمدوك لتفاصيل مبادرته للرأي العام، انخرط مجلس الوزراء باجتماعات مغلقة استمرت ثلاثة أيام بمنطقة سوبا، ليخرج منها المجلس بجملة من القرارات تتعلق بكافة جوانب المبادرة مع وضع حلول للأزمات وفق جداول زمنية محددة.

المصدر: صحيفة السوداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.