محكمة مدبري انقلاب 1989.. (لعنة) القضاة..!!

حبس الحضور أنفاسهم بقاعة محاكمة مدبري انقلاب 1989 بالأمس لدقائق معدودة لهول المفاجأة ودويها وذلك بعد أعلن وبشكل غير متوقع رئيس هيئة المحكمة قاضي المحكمة العليا أحمد علي أحمد، تنحيه عن مواصلة النظر في سير إجراءات الدعوى الجنائية التي يواجه الاتهام فيها الرئيس المعزول عمر البشير و(27) من قيادات النظام البائد.

وقرر قاضي المحكمة رفع جلسات محاكمة المتهمين الى العاشر من أغسطس المقبل حتى يتم الفصل في طلب تنحيه عن مواصلة النظر في القضية من قبل رئيس القضاء المكلف ، قاضي المحكمة لم يتوقف عند ذلك بل افصح عن الأسباب التي دفعته للتنحي وذلك بعد ان أبلغه رئيس القضاء المكلف بعريضة الشكوى التي صاغها اعضاء هيئة الاتهام عن الحق العام في القضية ضده و طالبوا خلالها بتنحيه وذلك لوجود مخالفات خلال سير إجراءات القضية مما لايتحقق معها اية عدالة فيها.

جميع الحضور بقاعة المحكمة المنعقدة بمعهد تدريب ضباط الشرطة بالادلة الجنائية لم يتوقعوا أن يتخذ رئيس المحكمة قراراً بالتنحي عن القضية – مما جعل الكثير من المراقبين القانونيين يتكهنون أن القضية أشبه أن تكون (ممسوسة بلعنة)، لاسيما وأنه سبق قد أعلن رئيس هيئة المحكمة السابق قاضي المحكمة العليا عصام الدين محمد ابراهيم، ايضاً تنحيه عن سير ومواصلة القضية – بحجة انه مريض ومصاب بارتفاع ضغط الدم، ونوه القاضي وقتها الى أن الانسان يجب ان يكون أحرص على صحته ويبتعد عن كل ما يؤدي الى الانفعال.

وكما يقولون فقد عدنا لذات المربع القديم وبات الجميع يتساءلون من هو القاضي الذي سيخلف رئيس هيئة المحكمة الحالي ويترأس جلسات القضية مقبل الأيام؟ وهل سيقبل رئيس القضاء المكلف طلب تنحي رئيس المحكمة الحالي عن مواصلة سير القضية ؟ وهل وهل.

في المقابل استهجنت هيئات دفاع المتهمين قرار تنحي رئيس هيئة المحكمة من مواصلة القضية وقابلوه بالرفض التام ،مشيرين الى انهم لن يسكتوا عن الامر وان لكل حدثا حديث ولكل مقام مقال ،فيما ذهب آخرون منهم الى ان رئيس هيئة المحكمة (حر) في قراره بالتنحي او البقاء في ترؤس المحكمة وذلك شأنه لا يتدخلون فيه.

كلاكيت أول مرة

عند الساعة العاشرة صباحاً اعتلت هيئة المحكمة برئاسة قاضي المحكمة العليا احمد علي احمد ، الى جانب عضوية قاضي درجة استئناف منصة المحكمة واعلن الحاجب انطلاق الجلسة ، حينها أرسل رئيس هيئة المحكمة تهانئ واماني العيد للجميع بعد أن أقراهم تحية السلام ، ومن ثم بعد ذلك وكعادة المحكمة شرعت في تسجيل حضور هيئتي الاتهام والدفاع في الدعوى الجنائية، حيث تبين من تسجيل الحضور غياب محامي المتهم الحادي عشر عن الجلسة ، الى جانب المتهم الفريق اول محمد عبدالله النو عن الجلسة لمرضه .. وكان من المؤمل ان تفصل هيئة المحكمة حسب أوامرها في الجلسة الماضية في طلبات هيئة دفاع المتهمين تتعلق بمشاهدة معروضات الاتهام عبارة عن مقاطع فيديوهات (سي دي) وتسجيلات لبعض المتهمين في معزل عن وسائل الاعلام ومن ثم يدونون ملاحظاتهم عليها ويقررون بشأنها للمحكمة حول قبولها هكذا او الطعن فيها في ظل وجود عمليات الفوتوشوب الرقمية وغيرها عازين ذلك حتى لايحاكم موكليهم المتهمين محاكمة رأي عام سياسية .

كلاكيت ثاني مرة

إلا انه وبعد ذلك رصدت (الإنتباهة ) انخراط رئيس هيئة المحكمة في حديث هامس مع عضوي هيئة المحكمة الآخرين ودون سابق إنذار فجر مفاجأة داوية كشف خلالها عن اتخاذه قراراً بتنحيه عن مواصلة السير في اجراءات القضية ، وذلك بعد ان أبلغه رئيس القضاء المكلف بتقدم هيئة الاتهام بعريضة شكوى ممهورة بتوقيع اعضائها رئيس نيابة عامة سيف اليزل سري ، والمحامين المعز حضرة ، وعبدالرحيم جاه الرسول ، وعبدالقادر البدوي ، ضده لوجود مخالفات في سير اجراءات القضية تستوجب معها المساءلة الادارية وفقا لنص المادة (52) من قانون السلطة القضائية لسنة 1986م مع تنحيته من النظر في القضية ، مشيرا الى ان بعض تلك الاسباب التي صاغها الاتهام في شكواه لرئيس القضاء يتعلق بعضها باتخاذ المحكمة ودون علم هيئة الاتهام قرارت بناء على طلبات مقدمة من هيئة الدفاع دون اتاحة الفرصة للاتهام بالتعليق عليها ، اضافة الى ان هيئة الاتهام اشارت في شكواها الى وجود تقارير طبية خاصة ببعض المتهمين لم يتم عرضها عليهم وربما ادت الى إيقاف الدعوى الجنائية .

كلاكيت ثالث مرة

ورد رئيس هيئة المحكمة توضيحا منه على شكوى الاتهام ضده بانه ولو تكرمت بالاطلاع على ملف محضر المحاكمة ومأذون لها بذلك في هذه المرحلة لتوصلت الى خلاف ما ادعته في شكواها ضد رئيس هيئة المحكمة لاسيما وان هناك (4) حالات مرضية لمتهمين في القضيتين الاولى والثانية تتعلق بالمتهمين السادس والثالث عشر وهما طريحا سرير المرض بمستشفى ساهرون ، موضحا بان المتهمين (6/13) قد ادخلا المستشفى في تاريخي 5/3/2020م و13/5/2020م ،منوها الى ان المحكمة او رئيسها لا تسأل عن اسباب ادخالهما المشفى لان لجنة التحقيق والتحري او النيابة هي من قامت بالسماح للمتهمين بدخول المستشفى قبل احالة الملف للمحكمة في تاريخ 20/7/2020م ، اي بعد (4) اشهر من دخول المتهمين المستشفى .

كلاكيت رابع مرة

في وقت اشارت فيه المحكمة الى ان الحالة المرضية الثالثة حسب محضر المحاكمة هي للمتهم السادس والعشرين وهو مفرج عنه بالضمانة بواسطة النيابة للحالة الصحية التي ظهر بها امامها مع تقدمه في العمر حيث يبلغ (87)عاماً حسب بياناته وقررت المحكمة بموجب ذلك اعفاءه من حضور جلسات محاكمته حسب سلطاتها في المادة (134) من قانون الاجراءات الجنائية السوداني لسنة 1991م ،مع الزام محاميه بالظهور امام المحكمة.

كلاكيت خامس مرة

في ذات السياق أوضحت ذات المحكمة بالامس الى انه وحسب محضرها فان هناك حالة مرضية رابعة للمتهم السابع عشر احمد محمد علي الفششوية ، واكدت المحكمة بان الاتهام لم يقدم اي طلب بشأن حالته الصحية– وانما تم تقديم الطلب حول صحته من قبل محاميه محمد الحسن الامين الذي التمس ارجاء تلاوة أقواله بواسطة المتحري لحين عرضه للكشف الطبي عن قواه العقلية ،حيث تسلم الاتهام نسخة منه وطلب خلال رده عليه باحالة المتهم الى القمسيون الطبي العام للكشف عن قواه العقلية ،واكدت المحكمة بانه تمت مخاطبة القمسيون الطبي لفحص المتهم بعد تعذر مستشفى الشرطة عن ذلك ،وتساءلت المحكمة قائلة كيف (يفوت كل ذلك على هيئة الاتهام وتقوم بتقديم شكوى ضدها حول عدم عرض تقارير المتهمين الأربعة الطبيةعليها )؟.

كلاكيت سادس مرة

في ذات الوقت نبهت المحكمة الى ان هيئة الاتهام ايضا اثارت في شكواها ضدها بان رئيس المحكمة درج على البقاء داخل قاعة المحكمة بعد انتهاء الجلسة ويتحلق حوله بعض من محامي الدفاع وان هيئة الاتهام لا تدري ماذا يدور ، وهنا قال رئيس المحكمة بانه وان صح بان رئيس المحكمة يختلي ببعض اعضاء هيئة دفاع المتهمين لغرض ما يتعلق بالدعوى فان ذلك يستحق المساءلة حقا ولكنه افتراضاً تعوذه الفطنة اذ انه ومن السذاجة البوح بسر في منصة المحكمة يجلس عليها بكامل هيئتها لاسيما وان عضوي المحكمة على درجة من الالتزام والاحترام تمنعهما من مغادرة المحكمة قبل رئيسها ،فضلا ً عن وجود كامل الشرطة القضائية التي تؤمن المحكمة والتي تلتزم لانضباطها بالبقاء الى جوار هيئة المحكمة حتى مغادرتها المحكمة .

كلاكيت سابع مرة

في ذات الوقت كشفت المحكمة بان عريضة الاتهام هذه لم تكن الاولى ضد هيئة المحكمة فقد سبق وان تقدم محامو الدفاع بعريضة بشأن اجراءات المحكمة ويفهم منها ان رئيس المحكمة قد تحامل علي الدفاع وهددهم باتخاذ اجراءات بما اسماه بالطلبات المتكررة وتجاهل بعض ما يرد منها في الدفاع باعتبارها اجراءات خاصة ، وقالت المحكمة بانه واذا كانت هيئتا الاتهام والدفاع ترى كل واحدة منها في رئيس المحكمة انحرافا نحو الآخر فذلك مما ينسب له نظرياً، واردف رئيس هيئة المحكمة بقوله : ( ولان النفس أمارة بالسوء وحتى لا تحملني الى ما تأباه العدالة فقد طلبت من رئيس القضاء المكلف تنحيتي من هذه المحاكمة).

الدفاع لم يختصم المحكمة

من جهته تبرأ المحامي زين العابدين محمد حمد ممثل الدفاع للمتهم الاول العميد معاش يوسف عبدالفتاح الشهير بـ(رامبو ) من ان يكون لهيئة دفاع المتهمين اي علاقة في اتخاذ رئيس هيئة المحكمة قراراً بالتنحي عن النظر في القضية ، ودافع زين العابدين بقوة في حديث لـ(الإنتباهة ) حول ما ذكره رئيس هيئة المحكمة المتنحي عن القضية بانه سبق وان تقدمت احدى هيئات دفاع المتهمين بشكوى لرئيس القضاء ضد احد قضاة هيئة هذه المحكمة والمطالبة بتنحيه ، مضيفاً بان الدفاع ( بريء من ذلك براءة الذئب من دم بن يعقوب ) حول ذلك ، مشدداً على انهم كهيئة دفاع لم يختصموا المحكمة في يوم من الايام – وانما قاموا في وقت سابق بتقديم طلب لذات المحكمة يتعلق ببعض الإجراءات التي اتخذتها وذلك باعتباره حقا قانونيا ،منوها الى ان قرار تنحي القاضي هو جاء نتيجة تقدم الاتهام عريضة يختصم فيها المحكمة ولا شأن للدفاع بذلك.

مسرحية هزلية

في ذات الاتجاه وصف المحامي ابوبكر عبدالرازق ممثلاً لدفاع المتهم الثالث عشر نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي ابراهيم السنوسي ، تقدم هيئة الاتهام بشكوى لرئيس القضاء ضد رئيس هيئة المحكمة يشير فيها الى تنحيه لوجود مخالفات في سير القضية بانها مسرحية سياسية قانونية هزلية مما جعل القاضي يتنحى بموجبها عن مواصلة القضية ، واشار عبدالرازق في تصريح لـ(الإنتباهة ) الى انه وحسب تقديرهم وتحليلهم واستنباطهم بان القاضي المتنحي قد مورست عليه (ضغوط) لتنحيه –لاسيما وانه في الجلسة الماضية قد قرر مواصلة السير في الجلسة ورفض تأجيلها بالرغم من علمه بتقديم الاتهام شكوى ضده لرئيس القضاء ، موضحا بان القاضي وبتنحيته اراد ان يقذف بالكرة امام رئيس القضاء مما يجعله في موقف لا يحسد عليه بحد تعبيره – لاسيما وانه في حال قبل رئيس القضاء المكلف طلب تنحية رئيس هيئة المحكمة عن مواصلة الجلسات وتعيين قاض آخر فانهم في الدفاع لن يقبلوا لانه سيكون الاتهام قد ظفر بتعيين قاضي آخر (ترزي) لتفصيل الحكم الذي يريده ضد المتهمين والدفاع بحد قوله ، مشدداً على انهم ليسوا (بطير مهيض الجناح ) ولن يسمحوا باي حركة يذلوا من خلالها او يستباحوا مطلقاً ، مشيرا الى ان القاضي وبقرار تنحيه أراد ان يكشف للرأي العام الوقائع كما هي وان يفضح الاتهام في جزئية وان يبرر نزاهته ومهنيته ونظافة يده واداءه القانوني ، لافتاً الى ان رئيس القضاء وفي حال قرر ابقاء هذه المحكمة على هيئتها الحالية لعدم وجاهة اسباب الاتهام القانونية بالشكوى فانه سيحفظ للمحكمة هيبتها واستقلاليتها ومهنيتها وكرامتها ، موضحا بانهم في الدفاع قد تقدموا باكثر من طلبات لهذه المحكمة وقابلت اغلبها بالرفض بينما تقدم الاتهام بعدة طلبات وافقت المحكمة على جميعها ما عدا طلبهم في الجلسة السابقة المتعلق بتأجيل الجلسة لحين الفصل في شكواهم لدى رئيس القضاء ، مشددا على انهم ورغم عن ذلك لم يشككوا في نزاهة القاضي أو مهنيته.

لم نطلب تنحيه

من جهته فند عضو هيئة الاتهام والناطق الرسمي باسمها المحامي المعز عثمان حضرة ، حمل عريضة شكواهم لرئيس القضاء لاي طلب لتنحي رئيس هيئة المحكمة قاضي المحكمة العليا احمد علي احمد ، من مواصلة النظر في القضية ، مشيراً الى ان طلبهم فقط أشار الى وجود مخالفات اجرائية لسير الجلسة من حيث القانون والاجراءات وأنهم طلبوا من رئيس القضاء في شكواهم تصحيح هذه الاجراءات وفقا للقانون ،مشدداً على انهم في الاتهام لم يطالبوا بقاضي (خصوصي ) أو محدد بحد قوله – وانما يطالبون بتطبيق إجراءات قانونية سليمة صحيحة في مجريات القضية ، موضحاً بانهم في الاتهام يرون بان القضية قد أخذت حيزاً زمنياً أكثر مما يلزم من خلال تقديم طلبات ومماطلات هي مسئولية القاضي محكمة ويجب حسمها حسب القانون ، ونبه حضرة ، الى أن اجراءات القضية قد طال امدها واستمرت لأكثر من عام ويزيد ووجب عليهم في الاتهام الوقوف عندها – لاسيما وان المحكمة مازالت في مرحلة سماع المتحري فقط ، وختم حضرة حديثه قائلاً : الى ان قرار تنحي القاضي وحيثياته يسأل عنه فقط.

المصدر : الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.