كيف تؤسس شركتك المليارية في الإمارات؟

ترتبط العديد من المصطلحات الحديثة المتداولة في قطاع المال والأعمال، مثل الشركات الناشئة ورأس المال المخاطِر والاقتصاد الرقمي والشركات المليارية (يونيكورن)، بممارسات الشباب الطموح من رواد الأعمال وآفاق نمو أعمالهم، وإسهام شركاتهم الابتكارية وما يقدمونه من حلول غير تقليدية، في تغيير بيئة الأعمال وتطوير الأسس العصرية للاقتصاد المستدام، وصولاً إلى مستقبل يحمل المزيد من الازدهار وقصص النجاح الواعدة، التي تسهم بشكل إيجابي في تحقيق التنمية البشرية الشاملة.

في هذا السياق، تبرز العديد من الأسئلة المُلحة، من قبيل: ما هي العلاقة التي تربط هذه الشركات بالأنظمة الاقتصادية والبيئات الداعمة للأعمال تحت مظلة تسهل الابتكار؟ وما هو الدور المنتظر والمتوقع من تلك الشركات الناشئة والمساهمة في الاقتصاد؟ ولماذا تحظى هذه النوعية من الشركات بكل هذا الدعم العالمي الملحوظ؟ وكيف استطاعت دبي تصدر المشهد الإقليمي في ريادة الأعمال؟

قصص نجاح إماراتية

دعونا بداية نتفق على ما يشير إليه مصطلح «شركة إماراتية»، إذ إنه لا يعني بالضرورة أن يكون القائمون عليها من المواطنين حصراً، لكنه يدل بشكل قاطع، على أن الشركة المشار إليها مسجلة في دولة الإمارات، وهو أمر يختلط في أذهان كثيرين، حيث يغيب عنهم أن شركات مثل «كريم» و«بيوت» و«دوبيزل» و«سوق. كوم» تمثل قصص نجاح إماراتية لشركات اندمجت أو تم الاستحواذ عليها من شركات عالمية في صفقات تجاوز بعضها مليار دولار، لتصبح شركات «يونيكورن» من دولة الإمارات.

ويعود سبب نجاح تلك الشركات إلى أنها شركات ابتكارية تقوم على عاملين مهمين، أولهما ابتكار منتج أو خدمة أو نموذج عمل جديد، وثانيهما أن يكون ما تقدمه قابلاً للتوسع والنمو عالمياً بشكل سريع جداً. واليوم وفي عصر الثورة الصناعية الرابعة، تتيح التقنيات المتقدمة والتكنولوجيا العصرية، لتلك الشركات إمكانية إيجاد نماذج عمل جديدة، والتوسع بشكل سريع من أجل إيصال المنتج إلى أكبر عدد من العملاء حول العالم.

ويعد ما حققته شركة كريم الإماراتية، بنجاحها في تقديم خدمة جديدة إقليمياً، ليصبح لديها أكثر من 48 مليون مستخدم، في أقل من 8 سنين، بمثابة مثال بارز يوضح هذه الحقيقة، حيث مكَّن حل تكنولوجي مبتكر الشركة من تحقيق هذا الإنجاز، فيما لا يمكن لشركة تقليدية، كمصنع لإنتاج قطع غيار على سبيل المثال، أن يحقق نجاحاً مماثلاً، بالتكلفة والمدة الزمنية ذاتها.

إن الشركات التكنولوجية الناشئة، وعلى الرغم من أنها لا تستهلك موارد ولا تضم بالضرورة أصولاً كبيرة، إلا أنها تضفي على الاقتصاد قيمة مهمة، وتخلق وظائف كثيرة وتدفع عجلة الابتكار في الدولة، وخير مثال على ذلك شركة كيتوبي (Kitopi) الإماراتية المتخصصة في قطاع توريد الطعام، والرائدة بما يسمى بـ«المطابخ السحابية» التي تقدم خدمة جديدة كلياً هي المطابخ المشتركة، أي مطبخ واحد يخدم مطاعم عدة، ويسهل على المستهلك الوصول إليها، فاستطاعت خلال أقل من 3 سنين خلق أكثر من 700 وظيفة، وقدمت للعالم ابتكاراً انطلق من دبي والإمارات، ليمكن استخدامه في أي مكان بأرجاء المعمورة.

دبي مقر نموذجي

وتُضاعف فرص النمو الهائلة في هذا النوع من الشركات اهتمام المستثمرين بها، فبعدما استثمرت «سكويا انفستمنت» 60 مليون دولار في «واتساب» قفزت قيمة استثمارها إلى 3 مليارات دولار بعد أن قامت «فيسبوك» بشراء هذا التطبيق، أي أن العائد على الاستثمار حقق نمواً بمقدار 50 ضعفاً خلال ما يقارب 4 سنوات فقط.

وهو ما لا يمكن حتى تخيله في أي مجال آخر، لذلك تهتم الحكومات بتمكين هذا النوع من الشركات واستقطابها والاستثمار الاستراتيجي طويل الأمد فيها، وفي البيئات التي تحتضنها، بهدف خلق عائد اقتصادي مستدام قائم على المعرفة والابتكار، يكون فيه الكل رابحاً.

وبفضل بنيتها التحتية المتطورة، والتسهيلات العديدة التي تقدمها لرواد الأعمال، أصبحت دبي مقراً نموذجياً للعديد من حاضنات الأعمال الناجحة والمتميزة.

والشركات الناشئة، والوجهة الأكثر تفضيلاً لأصحاب الأفكار المستقبلية في مختلف أنحاء العالم، كما شكّل تبنيها لمفهوم مسرعات الأعمال قفزة نوعية في توفير فرص النجاح للحالمين والطامحين الباحثين عن الفرص المثالية لاستثمار قدراتهم ومواهبهم وتطوير أفكارهم والانتقال نحو المرحلة التالية من تطوير مشاريعهم، والتواصل مع الجهات الحكومية والخاصة لتوسيع ونمو أعمالهم.

وشهد العام 2016 خطوة كبيرة تمثلت في إطلاق برنامج «مسرعات دبي للمستقبل» لدعم الجهات الحكومية للتغلب على تحدياتها الحالية والمستقبلية بحلول مبتكرة تطورها شركات ناشئة عالمية متخصصة في مختلف قطاعات التكنولوجيا والابتكار بشكل فعّال وسريع خلال 9 أسابيع.

وأصبح لدينا الآن 10 برامج مسرعات في مختلف القطاعات من الصحة والتعليم والنقل والأمن وغيرها، حيث تبدأ بإطلاق تحدٍ عالمي في مجال بعينه، لتقوم الشركات الابتكارية العالمية بالتقدم للمشاركة بالبرنامج، ويجري اختيار أفضل 3 شركات وتوفير دعم كامل لها للاستقرار في دبي لمدة ثلاثة شهور تعمل خلالها على مشروع مبتكر مع الجهة الحكومية، ومن ثم تطبقه على أرض الواقع بشكل موسع.

مقصد عالمي للمبتكرين

وقد نجح البرنامج باستقطاب أكثر من 290 شركة ناشئة من نحو 40 دولة، شاركت في أكثر من 125 تحدياً أطلقتها الجهات الحكومية، ونتج عنها إطلاق أكثر من 90 مشروعاً أو منتجاً تجريبياً، وتوقيع أكثر من 180 مذكرة تفاهم بين الجهات الحكومية والشركات الناشئة، كما ساهمت باستقطاب 45 شركة سبق لها المشاركة في البرنامج لتأسيس مقرات بالإمارات، الأمر الذي ساهم في توفير أكثر من 600 وظيفة بقطاعات التكنولوجيا والابتكار.

وشهدت المسرعات ولادة كثير من قصص النجاح، فعلى سبيل المثال، حوّلت «نيبل» فكرتها المبتكرة في مجال إدارة سلاسل التوريد، إلى مشروع متكامل ومتطور تبنته 37 جهة حكومية في دبي وفرت نحو 100 مليون درهم من تكاليف عملياتها التشغيلية. كما نجحت «غوبابل» في توفير منصتها الرقمية المبتكرة في 130 مدرسة بدبي حتى الآن، وأصبحت إحدى أسرع منصات تكنولوجيا التعليم الرقمية نمواً في الإمارات.

«المستقبل لا يُنتظر» وسواء أكنت مواطناً أم مقيماً في الإمارات، فالفرصة أمامك للاستفادة من بيئة أعمال تعد بمثابة مقصد عالمي للمبتكرين، ولتصبح واحداً من أصحاب قصص نجاح الشركات «المليارية» في المستقبل.

Exit mobile version