بيان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر المجيدة

بسم الله الرحمن الرحيم

بيان رئيس الوزراء بمناسبة الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر المجيدة

جماهير الشعب السوداني العظيم..

في الذكرى الثالثة لثورة ديسمبر المجيدة، نُحيِّ شهدائنا على مرّ التاريخ ونخُصُّ بالتحية شهداء ثورة ديسمبر الأبرار اللذين قدموا أرواحهم رخيصةً فداءَ الوطن وكرامته، ودفاعاً عن شعارنا العزيز (حرية سلام وعدالة). الشفاء العاجل لجرحى ومُصابي ثورة ديسمبر المجيدة، والعودة الظافرة للمفقودين.

في هذه الذكرى العظيمة نودّ أن نؤكِّد على تمسكنا بالعدالةِ لشهدائنا ونُجدِّد العهد والوعد الصادق بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم والانتهاكات في حق مواطنينا وشاباتنا وشبابنا الثوار البواسل في كل بقاع السودان.

كما نُجدد عهدنا بالتمسك بشعارات الثورة، وبمدنية الدولة، وديموقراطية الحُكم، وبالسير في دربِ الشهداء لتحقيق هذه الغايات العظيمة، موقنين بأن السير في هذا الطريق محفوف بالمطبات والصعاب، ولكنه حتميٌّ بإرادة الجماهير.

جماهير شعبنا البواسل..

إننا نواجه اليوم تراجعاً كبيراً في مسيرةِ ثورتنا، يهدد أمن البلاد ووحدتها واستقرارها، ويُنذرُ ببداية الانزلاق نحو هاويةٍ لا تُبقي لنا وطناً ولا ثورة، ورغم ذلك لا زلتُ أعتقدُ جازماً أن الثورة يُمكن أن تمضي بحزمٍ وعزمٍ إلى غاياتها بالسير في طريق الحوار والتوافق الوطني، وهذا ما ظللتُ أعمل من أجله منذ مبادرتي (الأزمة الوطنية وقضايا الانتقال – الطريق إلى الأمام) في يونيو 2021م، وخارطة الطريق التي أعلنتها في خطابي بتاريخ 15 أكتوبر 2021م، وخلية الأزمة (6+1) التي اقترحتها في 18 أكتوبر 2021م، وحتى الاتفاق السياسي في 21 نوفمبر الماضي، كانت جميعها محاولات لحثّ الأطراف للجلوس لحوارٍ شاملٍ يُفضي لتكوين كتلةٍ وطنيةٍ من اللذين يؤمنون بالتحول المدني الديموقراطي، ولكنّ مبلغ الأسف أن هذه المبادرات جميعها قد تعثرت بفعل التمترس وراء المواقف والرؤى المتباينة للقوى المختلفة.

وفي هذا الصدد أودّ أن أؤكد أن توقيعي على الاتفاق السياسي في 21 نوفمبر 2021م لم يأتِ استجابةٍ لتقديراتٍ ذاتيةٍ غير ناضجة أو تحت ضغطٍ من أحد، إنما جاء عن قناعةٍ تامةٍ منِّي أن هذا الاتفاق في حدِّه الأدنى سيؤدي إلى حقن دماءِ شبابنا وشاباتنا رغم اقتناعي باستعدادهم للبذل والتضحية من أجل أحلامهم للوطن، ولكنني لا أجد حرجاً في أن أقول أن صون دماء هؤلاء الشباب وكرامتهم يظلُّ واجبي الأسمى الذي لن أتنازل عنه فإن ما نبحث عنه من مستقبل هو لهم وبهم.

كما سعيتُ عبر هذا الاتفاق لوقف عمليات الاعتقال السياسي وإطلاق سراح المعتقلين من القادة السياسيين ليضطلعوا بأدوارهم ومسؤولياتهم الوطنية والتاريخية في العمل مع بقية قوى الثورة والتغيير لإكمال ما تعطل من مهام التحول الديموقراطي، ولحماية حق الثوار والثائرات في التعبير السلمي عبر مختلف أدواتهم، ومما دفعني لذلك أيضاً أنني قد رأيتُ فيه فرصة لحماية منجزات تحققت على مدى العامين الماضيين من عمر الثورة وصون بلادنا من الانزلاق لعزلةٍ دوليةٍ جديدة، إضافة لحقيقة أن الاتفاق في نظري هو أكثر الطُرق فعاليةً وأقلها تكلفةً للعودة إلى مسار التحول المدني الديموقراطي وقطع الطريق أمام قوى الثورة المُضادة، ومواصلة الحوار بين مختلف المكوِّنات لتقويم مسار الثورة والمُضي بخطىً ثابتة في ما تبقى من عمر ومهام الانتقال.

شعبنا الكريم التوّاق للحُرية والديموقراطية..

أودُّ في هذه السانحة أن أُجدِّد دعوتي لكافة قوى الثورة وكل المؤمنين بالتحول المدني الديموقراطي بضرورة التوافق على ميثاقٍ سياسي يُعالج نواقص الماضي ويُنجِزُ ما تبقى من أهداف الثورة والانتقال الديموقراطي المُتعلقة بقضايا السلام، والأمن، والاقتصاد ومعاش الناس، وإكمال هياكل السلطة، وإقامة المؤتمر القومي الدستوري، وصولاً لانتخاباتٍ حرةٍ ونزيهة.

أيُها الثوار والثائرات..

كما العهدُ بكم فقد تعلمنا منكم القدرة على إشعال جذوة الثورة واستعادة زخمها كلما ظنّ البعض أنها خبت وحان أوان إخمادها، وستظلُّ مواكبكم ومختلف وسائل وأدوات التعبير السلمي التي تتبعونها هي السلاح الأوحد والمُجرَّب في انجاز شعارات الثورة، وسيكون النصر حليفنا لا محالة طالما التزمنا بالسلمية الكاملة.

أسأل الله أن يحفظكم ويحفظ بلادنــــــا
والسلام عليكم ورحمةُ الله تعالى وبركاته

#ثورة_شعب

Exit mobile version