خلافا لفيلم “لا تنظر للأعلى”.. كيف يراقب العلماء التهديدات الفضائية لحماية الأرض؟
سودافاكس ـ مثل قضية تغير المناخ، فإن قصف الكواكب في نظام شمسي مزدحم وصاخب مشكلة يمكننا التخفيف منها وحتى حلها، بشرط أن نقرر اتخاذ الخطوات اللازمة.
سوداء أميركي من كتابة وإخراج آدم مكاي، ويضم العمل طاقم تمثيل كبيرا يتصدرهم جينيفر لورنس وليوناردو دي كابريو بدور عالمي فلك يذهبان في رحلة عالمية لتحذير البشرية من خطر اقتراب كويكب سيدمر كوكب الأرض.
أحدث الفيلم ضجة كبيرة، وحمل الفيلم -الذي بدأ عرضه في دور العرض في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي- العديد من القضايا العلمية المؤثرة التي تهدد بقاء البشرية.
وينصحك تقرير نشر على موقع مجلة “تايم” (Time) الأميركية الشهيرة بمشاهدته إذا كنت تريد ضحكة عالية، وجيدة ومؤثرة وأنت تتأمل في أحداث نهاية العالم، مثل إبادة الحضارة، وانقراض جميع الأنواع، وموت الكتلة الحيوية الأرضية بأكملها.
قصة الفيلم
جاءت مقدمة الفيلم على هيئة أجزاء متساوية واسعة ومعقولة ومرعبة تماما، حيث تم اكتشاف مذنب يصل عرضه إلى 9 كيلومترات من قبل طالبة الدكتوراه كيت ديباسكاي (جينيفر لورانس)، بينما كانت تجري مسوحات تلسكوبية روتينية بحثا عن المستعر الأعظم.
لكن الأوقات الجيدة تتوقف عندما يقوم مشرفها الدكتور راندال ميندي (ليوناردو دي كابريو) بتحليل أرقام المسار وتحديد أن مذنب ديباسكاي -وهو بنفس حجم الكويكب الذي قضى على الديناصورات قبل 65 مليون سنة- سيصطدم بالأرض بعد 6 أشهر و14 يوما.
يقومان بنقل الخبر للرئيس الفاسد أورليان (ميريل ستريب)، وابنه المدلل ورئيس الأركان، ولكنهم لا يهتمون بالأمر، وبعد رفض البيت الأبيض التدخل، نقل علماء الفلك قضيتهم إلى برنامج تلفزيوني صباحي، لكن لا يمكنهم إيصال رسالتهم من خلال حديث المضيفين المستمر، ويستجيب الجمهور بأجزاء متساوية من الإنكار وترويج المؤامرة وصنع الميمز، معلنا أن ديباسكى مجنون، في حين يهتم رئيس شركة تكنولوجية بالأمر، ويغري الرئيس بأن هناك أموالا يجب جنيها من التنقيب عن المعادن الثمينة في المذنب.
لكن بالنسبة للكوكب وكل أشكال الحياة عليه، فإن الوقت يمر بسرعة وهناك قرارات مصيرية يجب اتخاذها؛ قرارات لا يبدو أن الإنسانية العبثية والمشتتة قادرة على التعامل معها.
الضربة من الفضاء هي موت بطلق ناري، بينما تغير المناخ هو تسمم عالمي بطيء، والنتيجة في النهاية واحدة (غيتي)
كيف يراقب العلماء التهديدات الفضائية في الواقع؟
يُنظر إلى فيلم “لا تنظر للأعلى” على نطاق واسع على أنه حكاية عن تغير المناخ، مع نفس التأخير والنقاش والتسييس لقضية بسيطة تتعلق بالحياة أو الموت تمنع العالم من اتخاذ إجراء مناسب.
ووفق تقرير مجلة “تايم” فإن الضربة من الفضاء هي موت بطلق ناري، بينما تغير المناخ هو تسمم عالمي بطيء، لكن النتيجة في النهاية واحدة.
وقد أصبحت الحلول الرئيسية لتغير المناخ معروفة جيدا الآن، منها التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة وغير ذلك من الأمور التي تنتج بشكل متزايد عن الاحتباس الحراري. إنه علاج كوكبي طويل الأمد بدلا من العلاج السريع.
ومن ناحية أخري، فلدى ناسا بالفعل “مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي” (PDCO)، الذي تتمثل مهمته في مسح السماء لاكتشاف وتصنيف الصخور الفضائية التي يحتمل أن تكون مهددة قبل فترة طويلة من وصولها إلى الأرض، ومساعدة الحكومة في الاستجابة لهذه التهديدات.
في حالة المذنبات، قد يكون هناك الكثير من الوقت فقط لحشد الدفاع. واعتمادا على حجم المذنب، فإن الأشهر الستة التي يتعين على العالم أن يتصرف فيها في فيلم “لا تنظر للأعلى” ليست بعيدة عن الواقع.
يقول ليندلي جونسون، ضابط الدفاع الكوكبي في ناسا، الذي أجرى تدقيقا في مسودة أولية لسيناريو الفيلم “بمجرد القيام بذلك، سيمنحنا عقودا من التحذير وسيكون لدينا الوقت بعد ذلك لاستخدام أي تقنية متاحة”.
وتقول آمي ماينزر أستاذة علم الكواكب في جامعة أريزونا ومستشارة في الفيلم “أنت تحسب الأرقام من وجهة نظر اكتوارية نوعا ما…وكان 140 مترا العتبة التي يمكن أن تسبب الكثير من الضرر”.
ما يجب فعله مع كويكب أو مذنب بحجم كاف وهو على وشك التوجه نحو كوكبنا هو أمر مختلف تماما (غيتي)
كيف نحمي الأرض فعليا من جسم يندفع نحوها؟
منذ عام 1998، عندما بدأ الكونغرس في تخصيص الأموال للبحث عن الأجسام القريبة من الأرض، وما يجب فعله مع كويكب أو مذنب بحجم كافٍ وهو على وشك التوجه نحو كوكبنا هو أمر مختلف تماما، حيث لا يمنح الأرض سنوات أو عقودا للاستعداد، بل شهورا.
تدميرها بالمتفجرات -وحتى النووية منها- ليس خارج قائمة الخيارات إذا كان الوقت قصيرا. لكن هذا من شأنه أن يسبب مشاكل أخرى، لأن الصخور العملاقة لن تتبخر، بل ستتحول إلى الكثير من الصخور الأصغر.
يقول جونسون “من الصعب التكهن إلى أين ستذهب كل هذه القطع، ومن الصعب التأكد من أنك كسرتها إلى أجزاء صغيرة بما يكفي بحيث يتمكن الغلاف الجوي للأرض من التعامل معها”.
يمكن التعامل مع الكويكبات، التي تمنحنا المزيد من الوقت للعمل، ليس عن طريق التدمير، ولكن الانحراف، وذلك بإبطاء أو تغيير مسارها بما يكفي لتحلق بعيدا عن الأرض.
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أطلقت وكالة ناسا مركبة الفضائية “دارت” (DART) لاختبار إعادة توجيه الكويكبات والتي ستحاول إثبات أن هذا المفهوم يعمل.
الحلول الرئيسية لتغير المناخ معروفة جيدا هي التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة النظيفة (غيتي)
من المفترض أن تضرب مركبة ناسا “الانتحارية” أصغر كويكب في هذا النظام بسرعة تقدر بنحو 6.6 كيلومترات في الثانية، وتغيير حركته في الفضاء بشكل طفيف.
وبينما لا يشكل هذا الكويكب تهديدا للأرض، ستثبت مهمة دارت أن هذه تقنية قابلة للتطبيق لتشتيت كويكب يمكن أن يشكل تهديدا للأرض مستقبلا.
وتخطط ناسا أيضا لإطلاق مركبة أخرى لتقوم بمسح السماء في جوار كوكبنا بحثا عن أي شيء مريب في الفضاء عام 2026.
ومثل قضية تغير المناخ، فإن قصف الكواكب في نظام شمسي مزدحم وصاخب مشكلة يمكننا التخفيف منها وحتى حلها، بشرط أن نقرر اتخاذ الخطوات اللازمة، وفي الحياة الواقعية، وخارج شاشة هوليود، يمكننا الاختيار بطريقة علمية بشكل مختلف.
الجزيرة