(الآيس كريستال).. الطاعون القادم (1000) حالة تدخل مراكز التأهيل يومياً ومدمنون آخرون لا إحصاء لهم

سودافاكس _ (الآيس كريستال) أفيون عصري يغزو البيوت السودانية دون استئذان
مكافحة المخدرات: (62810) بلاغات و (51649) متهماً خلال السنوات الثلاث الأخيرة

المكافحة: زيادة ملحوظة في تجارة وتعاطي الآيس و (12) بلاغاً و (15) متهماً نهاية العام الماضي
دائرة العمليات: ظهر (الآيس) قبل (8) سنوات وكان منتشراً وسط الأثرياء وأصبح الآن وسط الفقراء
العمليات: بلغ سعر كيلو (الآيس) (25) مليار جنيه ومعظم الضبطيات تمت عبر المطار وهناك ارتفاع ملحوظ
علي بلدو: سعر حقنة (الآيس) بلغ (70) ألف جنيه ونسبة المتعاطين وسط الشباب 65% والشابات 35%
بلدو: (الآيس) أصبح نجم المخدرات وأزاح البنقو والترامادول من عرشيهما والجميع أصبح في مرماه
خبير اجتماعي: الغرض من انتشاره ليس التعاطي والإدمان وإنما عمليات لقتل الشباب
طبيب: هذا أخطر أنواع المخدرات لأنه يصيب الجهاز العصبي ومفعول نشاطه يدوم أكثر من (٧٢) ساعة
مدمن: (الآيس) قادني إلى السرقة لتوفير ثمنه وتدهور أدائي الأكاديمي وتم فصلي من الجامعة

  • شهدت الفترة الماضية ظاهرة تعاطي المخدرات وسط الشباب، وبدأ الترويج وانتشار أخطر نوع منها عرف بـ (الآيس أو الشبو أو الكريستال) الذي ينتمي إلى فئة منشطات الجهاز العصبي، وهو ذو تأثير إدماني قوي، ويسبب العديد من الأضرار النفسية والجسدية، وتعددت أسماؤه في الوسط الإدماني، ويتكون الآيس من الميثامفيتامين التي تستخلص من مادة الأمفيتامين، ويظهر على شكل صخور بلورية صغيرة كريستالية اللون، ويحدث إدمانه نتيجة تعاطي الجرعات التي تسبب الاعتماد النفسي والجسدي، والرغبة في تناول جرعات أخرى، حيث تعمل المادة الفعالة على زيادة إطلاق الناقلات العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين لزيادة الشعور بالنشاط واليقظة، ويتم تعاطيه من خلال التدخين والحقن الوريدي والاستنشاق، كما يلجأ بعض متعاطيه الى طريقة البلع، ولهذا المخدر آثار كثيرة تتمثل في الهلاويس السمعية والبصرية والقلق والاكتئاب وضعف في الإدراك ونوبات هياج وعصبية وتقلبات مزاجية وارتفاع وانخفاض مفاجئ في ضغط الدم وسرعة ضربات القلب وتجاعيد في الوجه وتقرحات في الجلد وتساقط الشعر ونزيف مفاجئ في المخ يؤدي إلى الوفاة، كما يسبب الاصابة بالفشل الكلوي أيضاً.

انتشار وإدمان
والخطير في الأمر ان هذا المخدر أخذ ينتشر بسرعة الصاروخ، وفي حالة استخدام أقل كمية من الآيس يدخل المتعاطي في دائرة الادمان ويصبح غير قادر على التعايش إلا بعد تناوله، وإذا لم يجده تصيبه نوبات من الهلوسة التي قد تصل حد الوفاة، وعلى الرغم من ارتفاع سعره الا ان عدد المتعاطين في ازدياد، مما يجعل العصابات التي توزعه تستغل المدمنين الذين يكونون بحاجة للحصول عليه مهما كان الثمن، فيضطرون أحياناً إلى ارتكاب جرائم السرقات والخطف، ويمكن ان تصل الى القتل للحصول على الأموال التي تمكنهم من شراء الآيس، وقد سجلت مضابط الشرطة العديد من الجرائم المرتبطة بهذا النوع من المخدرات في الفترة الأخيرة، وهناك تفاصيل خطيرة ومثيرة وعمليات معقدة تتم لهذا المخدر القادم بقوة، ومعلومات تفصيلية وحقائق علمية عن المخاطر وجدناها في محطات تقصٍ متعددة بعضها أبدى تعاوناً منقطع النظير وبعضها تمنع وتهرب.

أرقام مخيفة
وكشفت الاحصائية حسب (الإنتباهة) من الإدارة العامة لمكافحة المخدرات عن تزايد نسبة البلاغات المتعلقة بالمخدرات خلال السنوات الاخيرة، حيث بلغت نسبة البلاغات (62810) بلاغات و (51649) متهماً، حيث انه خلال عام 2017 بلغ عدد البلاغات (40118) بلاغاً و (18432) متهما،ً وفي عام 2018 بلغ عدد البلاغات (10326) بلاغاً و (17773) متهماً، اما في عام 2020م فقد بلغ عددهم (12366) بلاغاً و (15444) متهماً. وكشفت الاحصاءات ان عدد البلاغات المتعلقة بالآيس ليس بالقليل خلال الربع الاخير من العام الماضي، واشارت الى وجود زيادة ملحوظة للآيس والاقبال عليه والحوادث المرتبطة به من حيث الاتجار والتعاطي، لافتة الى وجود (12) بلاغاً و (15) متهماً خلال الأشهر الثلاثة الاخيرة من العام الماضي.
أحد ضحايا الآيس
وقال احد المدمنين للآيس وهو طالب طب بإحدى الجامعات الخاصة في السنة الثالثة، فضل حجب اسمه، انه تعرف على الآيس بالصدفة اثناء معسكر للاستذكار مع طلاب يدرسون معه، حيث ذكر لي انه طلب منهم سيجارة (بنقو)، الا انهم قالوا له بالحرف: (انت من زمن البنقو عندنا حاجة عجيبة)، وشاهد تحضير الآيس في حقنة الأنسولين، واستمر بعدها في عالم الادمان، واشار الى ان شعوره كان وكأنه يحلق في الفضاء وانه عارم بالسعادة والبهجة والفرح وزيادة مفرطة في الثقة بالنفس وزيادة التركيز، واكد ان ذلك قاده الى السرقة من الأهل لتوفير ثمن المخدر، وتدهور اداؤه الاكاديمي مما أدى فصله من الجامعة.

أضرار متنوعة
وعلى الرغم من الآثار النفسية والجسدية والصحية المترتبة على هذا المخدر، الا ان عدد متعاطيه يرتفع بين حين وآخر، وصنف كأخطر نوع من المخدرات التي تلحق أضراراً بالغة بجسم الانسان، ويقول الطبيب مجدي طه ان هذا النوع من المخدرات يصيب الجهاز العصبي ومفعوله يكون نشطاً لفترة تدوم اكثر من (٧٢) ساعة، ويزداد خطورة كلما استعملته اكثر، والتخلي عنه صعب جداً، مشيراً الى تأثيره في الجسد وزيادة إطلاق السيروتنين في المخ وموت خلايا المخ والسكتات القلبية ونزيف في المخ، بجانب سرعة نبضات القلب والذبحات القلبية وإصابة الكلى والكبد والجهاز التنفسي، وقد تصل أضراره إلى وفاة الشخص المتعاطي نتيجة للآثار القوية التي يحدثها المخدر في الجسم بصورة أقوى، وأسوأ بكثير من أنواع المخدرات التقليدية الأخرى.

نجم المخدرات
وفي هذا الاطار يقول استشاري التأهيل وعلاج الادمان الخبير النفسي علي بلدو، ان مخدر الآيس أصبح في ازدياد مطرد في هذه الايام، واصبح منافساً قوياً لبقية المخدرات، مشيراً الى استقبال المراكز التأهيلية والمستشفيات أكثر من الف حالة إدمان يومياً، حيث تبلغ نسبة الشباب 65% بينما الشابات 35% من المتعاطين لهذا النوع، وقال ان الاعمار تتفاوت ما بين (12) عاماً وما فوق وحتى كبار السن، لافتاً الى وجود حالات لم تذهب للعلاج خوفاً من الملاحقة القانونية والوصمة الاجتماعية، ونوه بأن هذا المخدر مكون من مادة منشطة للجهاز العصبي، ويحدث الادمان فيه من اول جرعة، ومضى في القول: (يمكن بسهولة إيقاع الكثيرين في شرك إدمانه دون ان يكونوا على علم بذلك)، واضاف بلدو قائلاً: (في الغالب الشخص الذي يتعاطى هذا المخدر تحدث له تغيرات من ساعتين الى ثماني ساعات، كالشعور باليأس والحزن وضعف الشهية والإعياء والارق الشديد والتشنجات الخطيرة التي قد تؤدي الى الوفاة، كما يؤدي الى السكتة الدماغية والخرف المبكر، ويؤثر على القلب في الخفقان ويؤدي الى الذبحة الصدرية وانتشار الفيروسات الكبدية)، مؤكداً ان هذا المخدر تسبب في ارتفاع عدد المصابين بالكبد الوبائي في البلاد، موضحاً ان مدمني الآيس ينهون حياتهم بالانتحار او ما يسمى القتل الجماعي كقتل الاهل والاصدقاء، واردف قائلاً: (ومن اجل الحصول عليه يمكن ان يقوم المتعاطي بأي شيء كبيع المقتنيات والسرقة والقتل والاغتصاب والسلب والنهب المسلح، كما يؤدي الى مشكلات اخلاقية كالدعارة وبيع النفس وتجارة الجنس التي أصبحت مرتبطة به)، مبيناً ان علاجه يتم عن طريق التعرف عليه، وسحب السموم من الجسم، والكشف الطبي على المدمن، وعلاج اية أعراض تسممية، والتأهيل النفسي والسلوكي، والمتابعة الخارجية لهذا المريض، وإشراك الاسرة في هذا الامر. ووصف بلدو هذا النوع بأنه أصبح نجم المخدرات في البلاد، وقام بإزاحة البنقو والترامادول من عرشيهما، كما اصبح يشكل خطورة على كل الاسر، وقال: (الجميع اصبحوا في مرمى الآيس)، ونوه بأن سعر حقنة الآيس بلغ (70) الف جنيه، واكد وجود جهات توفر المخدر مجاناً للمدمنين لاتساع الادمان.

التقرير النفسي لعام 2021م
وكشف علي بلدو عن تقرير السودان النفسي لعام 2021م، مشيراً الى وصول الصحة النفسية الى مرحلة الانهيار خلال العامين الماضيين، لافتاً الى ان ميزانية الصحة النفسية وصل الصرف عليها الى 0%، مما اثر على سير العمل بالمستشفيات وجعل بيئتها طاردة للمريض النفسي واسرته ومرافقيه، وادى غياب قانون الصحة العقلية في السودان الى هضم حقوق المرضى وانتهاك كرامتهم، والى حالات المرضى المشردين وفاقدي السند في الشوارع الذين وصل عددهم الى (180000)، كما تنامت ظاهرة الادمان والتعاطي بصورة وبائية وبأنواع غير تقليدية من المخدرات، وشهد عام 2021م نهاية عصر البنقو وبداية عصر الآيس في السودان، واصبح في كل بيت سوداني مدمن أو مُدمنة وفي مراحل سنية صغيرة لطلاب في مرحلة الاساس، ونسبة الادمان والتعاطي وصلت الى 24% من طلاب الجامعات والكليات والمعاهد العليا.
عمليات لقتل الشباب
وفي ما يتعلق بالأثر الاجتماعي الذي يحدثه هذا المخدر يقول الخبير الاجتماعي أشرف أدهم ان المجتعات التي يعتبر فيها تعداد الشباب بنسبة عالية تكون مستهدفة بمجموعة من الوسائل التدميرية التي من ضمنها المخدرات، باعتبار ان تعاطيها في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها هذه المجتمعات دفع كثيراً من الشباب للميل الى تعاطي المخدرات، واضاف قائلاً: (لذلك من فترة لأخرى يتم تطوير أنواع المخدرات الجديدة، ويعتبر الآيس الذي ظهر أخيراً أحد المخدرات المستجدة، ومن خلال الدراسات التي أجريت فإن الغرض منه ليس دفع الشباب لتعاطيه وإدمانه وانما هي عمليات لقتل الشباب نتيجة للتأثيرات الضارة التي يحدثها، وعلى الجهات الشرطية والامنية المختصة بمكافحة المخدرات العمل على مكافحة هذا النوع على وجه الخصوص الى جانب الأنواع الأخرى، ويجب على الحكومة بمساعدة منظمات المجتمع المدني وضع خطط وبرامج لاستثمار طاقات الشباب في الإعمار والتنمية باعتبارها احدى الوسائل الناجعة للحد من تعاطي المخدرات).

تجريم جميع المراحل
وبشأن الجوانب القانونية للمخدرات يقول الخبير القانوني مجاهد عثمان: (ان قانون المخدرات والمؤثرات العقلية السوداني لسنة ١٩٩٤م تناول المخدرات من جوانبها المختلفة، وجرم فيها جميع مراحل تعاطيها من مرحلة التخزين والترويج، وعاقب عليها بالسجن عشر سنوات مع امكانية الغرامة، بجانب مرحلة التجارة التي هي اخطر المراحل، ونص القانون على العقوبة فيها بالسجن المؤبد مع جواز الغرامة، اما مرحلة التعاطي فإن العقوبة فيها تصل الى السجن عامين مع الغرامة)، مشيراً الى ان كل ذلك لمكافحة جريمة المخدرات، واضاف قائلاً: (نجد انه في حالة التجارة او الاتجار بالمخدرات اذا وقعت الجريمة وتم فيها استغلال أو استخدام طفل او قاصر او منعدم الاهلية كالمعتوه والمجنون، فالعقوبة مفتوحة وقد تصل الى الاعدام، وذلك لخطورة الجرم)، وقال: (ان قانون الطفل في عقوباته على الاعتداءات في الجرائم التي تقع على الطفل أوجب السجن فيها، وقد تصل العقوبة للإعدام في حالة استخدام الاطفال في الاتجار بالمخدرات).

أداء مقسوم وميزانية غير كافية
وبشأن دور الجهات المختصة بمكافحة المخدرات يقول مدير إدارة العمليات بالإدارة العامة لمكافحة المخدرات محمد أحمد الأمين لـ (الإنتباهة): (ان الادارة في الوقت الحالي أداؤها مقسوم، حيث تقوم بالمشاركة في العمل الامني بجانب عملها المختص بمكافحة المخدرات، ومساحة الإدارة غير كاملة للقيام باختصاصاتها نسبة للتقاطعات الأمنية والظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، إضافة لعدم وجود ميزانية كافية)، كاشفاً عن وجود خطط كثيرة من أجل المكافحة، واردف قائلاً: (الخطط موضوعة ولكن ليست لدينا ميزانية كافية لتنفيذها)، مشيراً الى ان أكثر البلاغات الموجودة لديهم متعلقة بالبنقو الذي يحتل نسبة 90% من بقية المخدرات، وقال ان الادارة عملت على مكافحته بإبادة كثير من مزارعه، مشيراً الى وجود ضبطيات متعلقة بأنواع أخرى من المخدرات، منوهاً بانتشار الآيس أخيراً، واكد ان تعاطي المخدرات ادى الى كثير من الادمانات، إضافة الى وجود كثير من المشردين، ومضى قائلاً: (المخدرات أدت الى تشرد كثير من أبناء وبنات الاسر السودانية، وفي ضبطياتنا وجدنا كثيراً منهم مستأجرين شققاً ويقومون بتجارة وتعاطي المخدرات)، مناشداً الاسر الرقابة على ابنائهم للوصول الى حلول.
بحث وتقصٍ
والآيس نوع جديد يغزو الأسواق السودانية. وحاولنا مع مركز الحياة للإدمان باعتباره جهة مهمة للحصول على إحصائية المدمنين لهذا النوع، إلا انهم لم يبدوا أي تعاون، وذهبنا الى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، وانا داخل مكاتب مكافحة المخدرات للتقصي حول حقيقة تسرب كميات كبيرة من هذا المخدر، فما بين مصدق ومكذب كانت أمامي ضبطيتان للتو، وتم القبض على مروجين، وهنا كانت نصف الإجابة عن سؤالي حول هذا المخدر، وكانت المفارقة ان الكمية التي تم ضبطها تقدر بما يفوق ميزانية عشر ولايات، وكانت قيمتها ضخمة، وقال مدير دائرة العمليات محمد احمد الامين: (ان الآيس ظهر قبل (8) أعوام، وكان يستهدف الاغنياء فقط باعتبار أن جرعاته غالية)، مشيراً الى ان لديهم ضبطية آيس في السابق راح ضحيتها أحد الضباط، وفي ما يتعلق بانتشار هذا المخدر وسط المتظاهرين قال الامين إن استخدام المخدرات في الحروب شيء معروف عالمياً، وتابع قائلاً: (ليست لدينا ضبطية بخصوص المتظاهرين، وكل البلاغات فتحت في المباحث المركزية، ونحن بصدد التنسيق معهم حول هذا الامر)، كاشفاً عن أن أغلبية الضبطيات المتعلقة بالآيس ضبطت في المطار، موضحاً ان سعر كيلو الآيس بلغ (25) مليون جنيه، وأكد انه اذا تم ضبط ثلاثة جرامات بحوزة أحد يحاكم على أنه تاجر باعتبار ان الإدمان يبدأ من أول جرعة، وأضاف ان الآيس في زيادة ملحوظة، والضبطيات التي تتم ليست بالقليلة. وبخصوص الجهات التي تقوم بإدخال هذا النوع الغالي قال الأمين: (حتى الآن لم نضبط جهة بعينها، ولكننا نبذل كثيراً من الجهود للوصول الى هذه الجهات).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.