متحدث تنسيقية تيار الثورة السودانية : لا بديل عن ‏التغيير الجذري… مستمرون في التصعيد

سودافاكس _ بعد أكثر من 3 أشهر على قرارات قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح ‏البرهان، التي أعادت البلاد إلى مشهد ما قبل ثورة ديسمبر/ كانون الأول، لا تزال ‏الأوضاع معلقة، فلم يتمكن العسكر من مفاصل الحكم، علاوة على تمدد ‏غليان الشارع باللاءات الثلاث، ولم تفلح القبضة الأمنية بكل جبروتها في ‏إعادة الشباب إلى بيوتهم.‏

حول الوضع الراهن في السودان وقضايا الشارع والخطط القادمة للشارع في مواجهة الجيش والحالة التي يمكن فيها قبول التفاوض والحوار.. أجرت “سبوتنيك” المقابلة التالية مع، المعز مضوي، المتحدث باسم تنسيقية تيار الثورة السودانية.
إلى نص الحوار…

لماذا ترفضون الجلوس مع المجلس العسكري رغم المبادرات والوساطات الإقليمية والدولية؟
نحن في تنسيقية تيار الثورة السودانية موقفنا ثابت منذ اندلاع الثورة، نحن نتكلم عن تغيير جذري شامل وتحول ديمقراطي وسلطة مدنية كاملة تقود المرحلة الانتقالية، ونرى أن المجلس العسكري الحالي هو امتداد لنظام البشير، لذا لا يمكننا الجلوس والتفاوض معه، بل نطالب بإسقاطه ومحاسبة القادة المسؤولين عن ارتكاب جرائم ضد المدنيين السلميين.

كيف قرأتم تصريحات الفريق البرهان المتعلقة باستعادة هيبة الدولة والترتيبات الأمنية؟
التصريحات الأخيرة للبرهان بشأن الترتيبات الأمنية وهيبة الدولة، ما هي إلا مناورة سياسية الهدف منها جر المجتمع الدولي للتعامل مع الانقلاب وبالتالي الاعتراف به بشكل أو بآخر، لأن الحديث عن الترتيبات الأمنية يعني الاحتياج إلى مسائل لوجستية وبالتالي تحتاج إلى دعم مالي، فتقديم الدعم المالي الدولي لتنفيذ الترتيبات الأمنية يعني التعامل مع الانقلاب بشكل أو بآخر ويعني الاعتراف به، هذا ما يرمي إليه العسكر، وفي نفس السياق يهدف العسكر من وراء ذلك إلى تمرير ترتيبات أمنية معينة تزيد من سطوته وسلطته، فقد تحدث البرهان عن تشكيل قوة جديدة وبصلاحيات جديدة، لأن هناك متفلتين وأن هناك أيضا قوى حادت عن السلمية، وهى دعوات لا أساس لها من الصحة والجميع يعلم سلمية الثورة التي لم تحد عن مسارها، ومطالبها واضحة وأدواتها هي التظاهرات السلمية والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات لمدة يوم واحد، تلك هي أدوات التغيير “اللا عنفي” المعتمدة لدى الثوار ولن يتخلوا عنها، لإيمانهم بسلمية الثورة وشعاراتها المتمثلة في “حرية وسلام وعدالة”، وحتى لا تكون هناك ذرية للنظام لاستخدام العنف ضدهم، وجميعنا يؤمن بأدوات العمل المدني وأنها سوف تنجز أهداف الثورة التي هي مسألة وقت فقط.

هل هناك أدوات أخرى لديكم خلال الأسابيع المقبلة؟
نعم هناك أدوات أخرى بخلاف الخروج في المواكب إلى الشارع، مثل الإضراب السياسي والذي سيبدأ في الأسابيع القادمة، كما أن هناك المقاطعة الاقتصادية للدولة، علاوة على العصيان المدني الذي يعد أحد الأدوات الأكثر فعالية ضد السلطات الحاكمة، وهناك تطور جديد في المشهد بأن الحراك سوف يكون في الأطراف أو الأرياف بشكل أكبر من المدن، وهو ما بدأ تنفيذه الآن على الطرق القومية ومنع تصدير الثروات بدون ضوابط وعدم إدراج تلك العائدات إلى خزينة الدولة، لذا فإن المرحلة القادمة سوف تشهد حراك نوعي جديد وإضرابات للمزارعين والرعاة، وضغط اقتصادي بمقاطعة منتجات النظام ولن يكون هناك تصدير للماشية أو المنتجات الزراعية، سيتم محاصرة النظام سياسيا واقتصاديا وسيستمر الحراك مع مراعاة مصالح المواطنين وفق جدول زمني يراعي الظروف المعيشية القاسية.

التصريحات الأمريكية بفرض عقوبات على الجيش وشركاته ومن يقفون في طريق التحول الديمقراطي.. هل ترون أنها توجه حقيقي للوقوف بجانب المطالب الشعبية؟
نرى أن الموقف الأمريكي والتصريحات التي تصدر عنهم، جاءت متأخرة جدا وضعيف ولا يتناسب مع الحالة الموجودة في السودان، كما أن هناك انقسامات سياسية داخل الإدارة الأمريكية ما بين إدارة بايدن والكونغرس، حيث أن العقوبات الشكلية والاقتصادية التي يتحدثون عنها لن تؤثر في نظام العسكر، المطلوب هو عدم الاعتراف بهذا النظام بشكل واضح، وتقديم المسؤولين عن قتل المتظاهرين للعدالة، هناك جرائم كبيرة تم ارتكابها من جانب العسكر والقوى الأمنية، حيث تقدر عدد الإصابات المباشرة بالرصاص في الرأس من المدنيين العزل تجاوز الـ 150 فرد، عدد الحالات الحرجة من المصابين تجاوزت الـ1000 حالة.
وتابع: هذا عنف ممنهج وقتل يتم عبر أجهزة الدولة وبتغطية منها، وهذا الأمر واضح وموثق من خلال الفيديوهات والصور وشهادات المراقبين، هذه جرائم جسيمة تتطلب إجراءات واضحة، وهي أيضا جرائم ضد الإنسانية تتطلب إجراءات جنائية دولية وتقديم المتهمين لمحكمة الجنايات الدولية، أو اتخاذ إجراءات لها علاقة بمجلس الأمن تحت البند السابع لحماية الأهالي الذين يتم قتلهم في معسكرات النازحين، أضف إلى ذلك عمليات تهجير القرى والإبادات الجماعية التي يتم تنفيذها الآن عبر المليشيات الموالية للدولة وبدعم من ميليشيات رئيسية مثل الدعم السريع عبر المقاتلين من الجنجويد المتواجدين حول المعسكرات، علاوة على ذلك هناك أكثر من 600 قتيل في مناطق شمال وشرق وغرب دارفور، كما أن هناك عمليات اغتصاب وقتل عن طريق الذبح، هذه الجرائم لا يمكن التعامل معها بعبارات الإدانة أو الشجب أو أشياء من هذا القبيل، نحن لا نعول في الداخل على المجتمع الدولي، لكن نطالب بحقنا كجزء من هذا المجتمع ونحمله مسؤولياته أمام ما يحدث في السودان.

تحدث البرهان خلال الأسابيع الماضية عن تشكيل لجنة لمحاسبة قتلة المتظاهرين.. ألا يعد ذلك تجاوبا مع أحد أهم مطالبكم؟
حديث البرهان عن المحاسبة “من يحاسب من”، عمليات القتل تمت بتوجيهات من قيادات عسكرية عليا، كما تشترك فيه مجموعة من الأجهزة الأمنية، الكثير من عمليات القتل نجد فيها قوات من الشرطة والدعم السريع والجيش، حيث ترتكب المجازر في نفس المكان واللحظة، هذا دليل واضح على أن العمليات مرتبة من قيادة عليا، حيث أننا نعلم أنهم أعلنوا حالة الطوارئ، تلك الحالة تجعل القيادة العليا هي التي تشرف مباشرة على العمليات في الشوارع، وقد شوهد ضباط برتب عليا في الشوارع للإشراف على الخطط الأمنية التي تعتمد على القتل والقمع المفرط لكسر شوكة الشارع المنتفض، والمجلس العسكري هو المسؤول عن هذا الوضع وتلك الانتهاكات، علاوة على أنه متهم في الأساس بجريمة فض الاعتصام أمام القيادة العامة والتي لم يقدم فيها أي متهم حتى الآن، ومنذ اندلاع الثورة حتى الآن شهدنا تشكيل أكثر من 49 لجنة تحقيق في جرائم جنائية من بينها محاولة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك وعمليات فض الاعتصامات في الولايات المختلفة والتي ارتكبت فيها جرائم ضد الإنسانية وتجاوز فيها عدد المفقودين حتى الآن 1200، هذا بخلاف القتلى، كما أن المشارح بها الكثير من الجثث مفقودة الهوية ولم يتم التحقيق فيها حتى الآن، السلطة الآن لا يوجد بها نظام عدالة والمتهمين الآن هم من يقودون الدولة.

هل يقبل الشارع التفاوض مع الجيش إذا ما تم استبدال الوجوه العسكرية الحالية؟
يجب وضع الأمور في نصابها، المنتفضين في الشارع هم الشعب السوداني الذي يطالب بنظام حكم مدني وحقوق أساسية منصوص عليها في كل المواثيق الدولية وحتى في القانون السوداني، العسكر”الجيش” هم مؤسسة تابعة للدولة، فهل يعقل أن يفاوض شعب مؤسسة حكومية، المؤسسة الحكومية لديها دور معين منصوص عليه في القانون والدستور، نحن لا نتهم الجيش فهو جيش السودان، لكننا نتهم القادة والمسيطرين على الجيش والذي يحتكرون الاقتصاد السوداني بنسبة 80 بالمئة، لذا هم حريصون على السلطة، نحن نطالب بالدور الطبيعي للجيش بأن يعود إلى ثكناته وأن يهتم بالشؤون الأمنية، ويمكن أن يشارك قادته في صياغة القوانين والقرارات ذات الطابع الأمني أو الأمن القومي، لكننا لا نفاوض حول موضوع دور العسكر في السلطة لأن هذا أمر محسوم، نحن نريد حكم مدني والجيش يخضع لقيادة مدنية تحت إمرة وزارة الدفاع، وكل الوزارات الأمنية تتبع لوزارات مدنية في الأساس، نحن نطالب بدعم وتطوير القوات المسلحة من حيث التدريب وتحسين الأوضاع الاجتماعية لأفرادها والعوامل الأخرى التي يعاني منها الأفراد وهي كثيرة على العموم.

هل هناك تنسيق بين قوى الثورة المختلفة حول التحركات والأهداف؟
نحن كتنسيقية تيار الثورة نعمل مع لجان المقاومة بشكل أفقي، ونعتبرها المعبر عن كافة قوى الثورة وهي القائد الحقيقي للمشهد حتى الآن، فهي التي تسير على الخط الثوري والرؤى الثورية وتطلعات الشعب السوداني، حيث تطرح لجان المقاومة تلك الرؤى والأفكار من خلال مؤتمرات اللجان القاعدية في الأحياء، حيث تصيغ لجان المقاومة مواقفها بهذه الآلية، لذا نحن ندعم تلك الآلية وندعم لجان المقاومة بالدعم المالي واللوجستي للدفاع عن حقوق المعتقلين عبر المحامين وندعمها إعلاميا أيضا، نحن كتلة مقاومة في الأساس وكوادرنا موجودة داخل لجان المقاومة بشكل مستقل، نحن نؤمن بأدوات العمل السلمي، لكن القوى السياسية الأخرى ليست موحدة المواقف، لكننا مع القوى التي تؤمن بالتغيير الجذري الشامل ومعالجة القضايا من جذورها وليس الحلول الترقيعية الإصلاحية كما حدث خلال العامين الماضيين، إن لم تكن هناك حلول جذرية فسوف تنهار التجربة بشكل سريع.

لماذا تم قطع طريق “شريان الشمال” مع مصر.. هل يدخل ضمن خططكم القادمة؟
إن غلق طريق شريان الشمال يدخل في إطار إستراتيجية الثورة، وفي نفس الوقت هو رفض لسياسات التدخل في الشأن السوداني من جانب دول الجوار، وهناك الكثير من التجاوزات تتم فيما يتعلق بالصادرات السودانية، حيث تتم عمليات التصدير عبر القنوات غير الرسمية وعائدات تلك العملية لا تودع في المصارف، علاوة على أن الكثير من تلك العمليات تتم بعملات مزورة، وهذا الأمر ليس مقصورا على شريان الشمال وإنما مع دول الجوار الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.