أدمنها حتى أصبحت جزءاً أصيلاً من حياته ..الطيب عبد الله ونعمات حماد .. حب حتى الممات!!
سودافاكس _ ذكريات يستدعيها: سراج الدين مصطفى 26فبراير2022م
(1)
كنت حريصاً لأن أبحث في ثنايا تفاصيل تجربة الفنان العظيم الطيب عبد الله .. والتجربة ذات نفسها تعبر عنه وعن شخصيته .. فهو إنسان مسالم وبسيط وعلى درجة عالية من الهدوء .. وهذا ما لمسته فيه حينما كنا نذهب له برفقة الشقيق الأكبر ياسر عوض للتحضير لبرنامج سكة الذي بثته قناة الشروق قبل أعوام كبرنامج توثيقي .. كنا نستمتع بالجلوس إليه .. فهو عبارة عن موسوعة .. فنان مثقف ومؤهل.
(2)
وهذا ما اتضح في مجمل التجربة التي خطط لها بذكاء يحسد عليه .. فكان الناتج كل هذا الحزن النبيل الذي استطاع الطيب عبد الله أن يجعله ممكناً ويمكن التعايش معه كجزء من الحياة .. ومن يجلس مع الطيب عبد الله يلحظ فيه الكثير من الصفات التي تغيب عن معظم المشاهير .. فهو غير مغرور ولا تعرف المفردة التعالي الطريق إليه .. كان متعاوناً معنا لأبعد الحدود وذلك ما ساهم في أن يجعل البرنامج ثراً وغنياً بالمعلومات التوثيقية .. حيث لم يترك البرنامج أي شيء يخص حياته إلا وتطرق لها.
(3)
كانت نعمات حماد .. هي محور حياة وتجربة الطيب عبد الله ومنها استمد الكثير من الإلهام والإيحاء .. أدمنها حتى أصبحت جزءاً أصيلاً من حياته .. ولكنها الحياة عادة لا تمشي بالطريقة التي نحب وتضع العراقيل والمتاريس والصعاب فتكون سبباً في فراق الأحباء .. وذلك هو ما حدث بالضبط لتلك العلاقة التي انتهت وخلفت الحسرة والأسى في دخيلة فناننا الكبير الطيب عبد الله.
(4)
ولكن نعمات حماد دائماً ما يكون لها تبريرها لانتهاء تلك العلاقة الوجدانية الحميمة .. في العام 1967م تزوجت نعمات من الفنان المعروف الطيب عبد الله وتقول إنها عاشت زواجاً سعيداً أثمر هذا الزواج عن طارق وهو طبيب مقيم في بريطانيا وإلهام طبيبة مختصة في البكتيريا. وتقول إنه كان زواجاً سعيداً ولكن توقف أو بالأحرى توصلا إلى قرار الانفصال لأسباب بعضها خاص وبعضها عام ولقد دفعت ثمناً باهظاً جراء هذا الطلاق بحكم أنهما زوجان مشهوران حيث كان مرتعاً للعديد من الشائعات.
(5)
الحقيقة التي لا يجب أن نتوارى عنها أن نعمات حماد كانت هي سبب كل ذلك الحزن .. رغم أن الطيب عبد الله يقول، الصدق والتعبير الحقيقي الذي يحكي عن المشاعر إضافة للموهبة الحقيقية والقدرة على عكس هذه التفاعلات هي التي أوصلتني للتميز بهذا النوع من الأعمال، أنا أكتب وألحن وأقدم أعمالي للناس بما يعبر عني، وليس هناك من يتصنّع الشجن أو يتقمصه.
(6)
أنا عشت كل هذه الأعمال كتجربة شخصية، وقصتي الحقيقية تعبر عنها أعمالي بكل الصدق وأي عمل قدمته كان واقعاً معيشًا في دفتر يومياتي. . و ذلك يعود بنا للتذكير على ما قاله قبل أيام بعض المستمعين والنقاد حصروني في مكان ضيق وأنا مررت بتجربة عاطفية حقيقية، ذقت فيها مرارة الحرمان، وتعذّبت، فكتبت الشعر بإحساس عاطفتي ووضعت اللحن بطعم حرقتي، وغنيت بحُزني الدفين وعبرت عن حالي وحال كل محروم مرت عليه مثل تجربتي المريرة.