سودافاكس ـ *عندما ذكر نائب رئيس المجلس السيادي الفريق حميدتي مقولته المشهورة (الدولار دا يا صرعنا يا صرعناه)، وانتشرت عبر فيديو ما زال يبث على مواقع التواصل الاجتماعي، كان وقتها سعر الدولار في البنوك (55) جنيهاً وفي السوق المواز 75 جنيهاً ارتفعت فجأة الى 270 جنيها!!.
*دقلو الذي يرأس الآلية الاقتصادية (أين هي الآن) كان واثقاً من أن الحكومة ستصرع الدولار بالقضاء على السوق الأسود.
*منذ ذلك التاريخ مع نهاية العام 2020 استمر الدولار يصرع في كل سياسات وإجراءات الحكومة وانتصر عليها بالضربة القاضية.
*أمس جاء في الأخبار أن السلطات المختصة نفذت حملات على تجار العملة وتجار الكاش أسفرت عن القبض على عدد كبير من التجار بعد أن بلغ سعر الدولار في السوق الأسود 525 جنيه. واضطرت البنوك أن تجاري هذا الارتفاع مما حدا بالبنك المركزي رفع السعر التأشيري للدولار الى ما يقارب 444 جنيهاً.
مخطئة الحكومة إذا افترضت أن المطاردات الأمنية والإجراءات الإدارية ستصرع الدولار.. هذه طريقة قديمة وعقيمة قد تأتي بنتائج وقتية لكنها لن تحل المشكلة، اللهم الا إذا كانت جزءاً من سياسة اقتصادية متكاملة تنتهجها الدولة وتنفذها بطريقة صارمة.
*معلوم أن سعر الصرف يتعلق بالعرض والطلب بعيداً عن (المصارعة الحرة) وطالما أن هنالك طلب يفوق المتوفر من العملات الحرة ستستمر هذه الدائرة الشيطانية وسيجد المضاربون الفرصة لتحديد الأسعار.
*قد يرى كثيرون عدم وجود مبرر لارتفاع سعر الصرف في ظل توقف شبه تام للحركة الاقتصادية وضعف استخدامات العملة الحرة. لكن هذا يجب ألا ينسينا أن الطلب وحتى إن كان ضعيفاً هذه الأيام فإن توقف حركة الصادر وشبه انعدام للاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي جراء عدم تحصيل عائدات الصادر وتوقف الدعم الخارجي يمكن أن تكون أسباباً مهمة لشح النقد الأجنبي وارتفاع السعر في السوق الأسود.
*صادرات الذهب تشكل 50% من صادرات السودان، فيما تمثل بقية الصادرات الأخرى من ثروة حيوانية وحبوب ومحاصيل وصمغ عربي الـ50% الأخرى.. وبحسب المعلومات المؤكدة لدي أن صادر الذهب بالنوافذ الرسمية متوقف، لذلك هنالك احتمالان.. إما أن الذهب يصدر عبر التهريب أو أنه مخزن لدى الشركات والجهات التي تعمل فيه.. هذه الفرضية تبدو واضحة لجهة ضعف هامش أرباح تصدير الذهب التي لا تتعدى 1% بحسب السوق العالمي.
*أما بقية الصادرات الاخرى فبرغم ارتفاع هامش الأرباح التي تجنى منها الا أنها تأثرت بمشاكل داخلية كثيرة مثل إغلاق الطرق والموانئ وزيادة أسعار النقل هذا بخلاف تدني الإنتاج وارتفاع التكلفة.
حركة المغتربين في التحويلات عبر البنوك ما زالت مستمرة ومنتظمة، لكن السحب يتم بذات العملات الحرة وبالتالي لم تحدث تأثيراً إيجابياً على الاسعار خاصة وأن الفجوة بين السعر الرسمي والاسود بدأت في الاتساع مرة أخرى.
*إذن المطلوب معالجة الخلل بين العرض والطلب، وذلك بتحفيز الإنتاج وانتهاج سياسات صادر مشجعة، وعمل إجراءات قاسية لوقف التهريب، ومن ثم الإجراءات الأمنية ملحوقة.