وفاة مستشفى سوداني

سودافاكس _ في زيارة تفتيشية مفاجئة وقفت على الأوضاع داخل مستشفى الشعب التعليمي بالخرطوم ، هنا الصورة كانت رغم بؤس البيئة المحيطة رصدنا همة وحركة أشبه بالنحلة للكوادر الطبية العاملة التي تبذل كل ما بوسعها لأنقاذ المرضى خاصة في قسم الحوادث.

بالصدفة دخلت قسم الحوادث في ساعة متأخرة من الليل ومع الساعات الأولى من الصباح برفقة أحد المرضى بعد أن رفض مستشفى شهير إستقباله بحجة أنه مشتبه بالإصابة بفايروس كورونا والغريب في الأمر أن المريض الذي ذكرته أنفاً كان مصاباً بجلطة في الرئة .

بالفعل وجدنا فريقاً طبياً على أعلى مستوى إستقبل المريض بكل ترحاب بل أن أحد الأطباء الصغار شخص الحالة دون أجراء صور أشعة وأصاب توقعها بعد أن أستمعت لنا عن بعض الملاحظات حول الحالة التي وصلت مرحلة في غاية الخطورة .

جلطات رئوية
وعند قياس ضغط الدم للمريض أتضح أنه في أسوأ حالات الهبوط والتي لولا العناية الإلهية لفقد المريض حياته وفي أول الأسعافات الطارئة تم جلب (8) دربات من الملح للمريض ليأخذها على التوالي حتى الساعة الثامنة صباحاً بعد ذلك بدأ المريض في التعافي نسبياً وقال لي بنص العبارة :” أنا وين ؟” قلت له حالياً في مستشفى الشعب بالخرطوم وبعد ذلك بساعات أجرينا أشعة لمعرفة ما وراء ضيق التنفس وكانت النتيجة حسب توقعات الطبيب الشاب “جلطة ” في الرئتين .
الشيء الذي ألهمنا هو أستبسال الكوار الطبية العاملة في مواجهة بيئة غير صالحة للعمل ونقص للمعينات الطبية بجانب التدهور المريع في كل شيء.
تخيلوا معي هنا مريضان يرقدان في سرير واحد في قسم الحوادث وهما يتلقيان الدربات في آن واحد ، وأحد المواطنين يمسك الدرب في يده في ظل عدم توفر الحاملة بالله عليكم أي بؤس وأية معاناة وأي غياب تام لوزارة الصحة من توفير أقل معينات للمرضى ، أين الوزير وحكومة البرهان من هذا الوضع المؤلم الذي يهز الضمير الأنساني في بلد وصلت فيها الأوضاع في المجال الطبي في أسوأ حالتها .

حالات الطوارئ
وفي جولة أخرى في مدخل الٍأستقبال كررت الزيارة للتقصي والتحقيق مما يجري هنا الساعة كانت تشير إلى الخامسة والنصف مساء كانت هناك العديد من الحالات الوافدة إلى المستشفى بعضها حرجة والآخرى كانت متوسطة رأيت عدداً من عربات الأسعاف تقل بعض المرضى من المراكز والمستشفيات الخاصة الأخرى .
أبلغني أحد الكوادر الطبية أن غالبية الحالات بالطواريء والحوادث تجيء في الغالب من مستشفيات آخرى أغلبها خاصة بجانب حالات وافدة من الولايات، وسرد لي قصصاً تشيب لها الرؤوس حيث أن خبرة الكادر الطبي العامل جعلته يتعامل بكل سهولة مع المرضى خاصة في التشخيص بينما عدد كبير من المسشفيات الخاصة لا تملك تلك الصفات مما يجعل المرضى في بعض المشافي الخاصة عرضة للخطر بسبب أن الكادر البشري فيها ضعيف الخبرة وقد يكون لا يملك القدرة في إنقاذ المرضى في حالات الطواريء .

وللأمانة الصحفية الجيش الأبيض يقوم بخدمات نبيلة لتقديم المساعدات الطبية والعلاج للمرضى :” هنا لا معينات حتى ” النقالات ” والأسرة المتحركة غير متوفرة والغرف التي قمنا بجولة فيها غير مهيأة سيما وأن مرضى القلب يحتاجون لأسرة ذات مواصفات معينة وغرف تحتاج لتبريد بنسب محددة تمكنهم من إستنشاق الأوكسجين ورغم أن الغرف في الحوادث ضيقة كانت تحوي على أعداد كبيرة من المرضى والمرافقين .
وحسب أفادة كادر طبي حسب (التيار) فضل حجب أسمه فإن حوادث مستشفى الشعب بالخرطوم تستقبل نحو (200) حالة في اليوم لأمراض القلب والمخ والأعصاب والرئة .

ويضيف محدثي أن السعة السريرية للمستشفى نحو (300) سرير ،(72) منها عناية مكثفة موزعة على (10) غرف ويضيف يتم خلال الشهر أجراء نحو (60) عملية قسطرة جراحية للمرضى بجانب أخرى أستكشافية.
جولات تدريبية
وفي جولة آخرى كانت في ميقات مختلف عند الساعة التاسعة صباحاً لاحظت حركة نشطة لكبار الأطباء وهو في جولة تدريبية الطلاب وأطباء الإمتياز

ونواب والاختصاصين والسسترات وبقيه الكوادر الطيبة.
وهنا تأتي أهمية التدريب والتأهيل وبناء القدرات، وهنا من داخل غرفة لاحظت عرض صور على الكوادر قيد التدريب لسماع رؤيتهم حول النتيجة المعروضة لأحد المرضى خلال شاشة إيضاحية.
أما الصورة التي عكست أصالة الكادر الطبي أحد المرضى أبلغ الطبيب أنه لا يملك أموال الدواء والتشخيص وهنا كان المعدن الحقيقي للشخصية السودانية التي عانت ما عانت خلال النظام المباد مع تغيير كبير في أخلاقيات المجتمع فإذا بالطبيب يخرج من جيبه كلفة الإحتياجات اللازمة للمريض حتى يتمكن من إسعاف المريض.

مالية جبريل
وحسب مصدر آخر فإن وزارة الصحة كانت تخصص ميزانيات لتشغيل أقسام الطواريء بالمستشفيات ولكن في عهد وزير المالية جبريل أبرهيم كل شيء تبدل وكل شيء تغير حتى بالأموال وللأسر ميسورة الحال تعجز عن علاج مرضاها.
وفي حالة تستحق الثناء سرد لي أحد المرافقين (ش) فضل حجب أسمه أن الوضع الحالي يحتاج لوقفة قوية من قبل السلطات الصحية التي ما عادت تتابع الأوضاع عن قرب وحكي لي مآس لا يمكن تصورها في بلد أنهار فيه النظام الصحي بصورة مخيفة أسوة بإقتصاد في طريقه نحو الهاوية ، ويضيف حتى الأدوية التي تتبع للأمدادات الطبية صارت بأسعار خيالية لا يستطيع المواطن الضعيف الحصول عليها.

وحسب التيار هناك نقصاً في الأسرة بجانب كميات من الطفح للمياه الأسنة القذرة كما تجد أن النظافة في العنابر والغرف أشبه بالشكلية والظاهرية.
إذاً هذا كان هو الحال في إحد أعرق المستشفيات الحكومية في الخرطوم أو في السودان أجمع، فكيف سيكون الوضع الصحي في مستشفيات القرى والفرقان البعيدة التي قد لايستطيع الإعلام إليها سبيلاً، وقطعاً يمكن أن يصبح مستشفى الشعب أثراً بعد عين مالم تتدخل السلطات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل الانهيار…!

Exit mobile version