جعفر عباس : آآآخ لو كنت ألمانياً!!

سودافاكس ـ أعيش في منطقة الخليج منذ كذا سنة، ومن ثم فإن هناك الكثيرين من أهلي ومعارفي المقيمين في السودان يحسبون أنني غارق في النعيم. بالتأكيد فإن العمل في منطقة الخليج منحني مستوى معيشيا لم أكن أحلم به عندما دخلت الحياة العملية، وأتاح لي السكن والراتب المريحين، ولكنني مثل كل العمالة المهاجرة لا أملك ترف اتخاذ قرار بترك العمل والاستمتاع ب”التقاعد”؛ فلن يكون لي راتب تقاعدي وعاجلا أو “عاجلا جداً” سيصلني خطاب: شكر الله سعيك، أعطنا عرض أكتافك (ولكن وتحسبا لمثل تلك المفاجآت غير السارة فقد حصلت على عدد من شهادات الميلاد التي تثبت أن الذي بيني وبين سن التقاعد كالذي بين البرهان والصدق.

وبالضرورة فمع شهادات الميلاد المزورة بطرق رسمية غير قانونية، جوازات سفر بعضها يثبت أنني من مواليد 1975وبعضها أنني ما زلت طالب دراسات عليا. وتبعا لذلك فإن لدي شهادات دراسية وشهادات خبرة عملية بطريقة لكل حادث حديث. باختصار: لو مد الله في أيامي فلن أغادر منطقة الخليج ما لم أسمع ان السودان قدم قرضا لليابان)

نفسي وأمنيتي أن أتقاعد، أن أنال حريتي. أتصرف بوقتي كما أشاء. وهناك كتب كثيرة أتمنى لو أملك الوقت لقراءتها، وكتب أتمنى تأليفها. لا مانع عندي من أن أظل أعمل حتى أموت أو أصاب بالعجز التام ولكن بدون رئيس او مدير. ولهذا حسدت الألماني آرنو دوبل.. عمره الآن 54 سنة.. ترك المدرسة وعمره 16 سنة ليصبح نقَّاشاً أي عامل دهان وطلاء، وبعدها بسنتين قال لنفسه “ما بدهاش”، ولم يلتحق بعمل بعدها أبدا. ما حاجته للعمل والحكومة الالمانية ظلت تعطيه شهريا 650 يورو أي نحو 800 دولار وليس عنده محمد أو فاطمة (كما نقول في السودان عن الشخص الذي لا يحمل اعباء عائلية).

وقد سبق للسيد دوبل ان ظهر في العديد من البرامج التلفزيونية ليشرح لماذا ظل عاطلا لنحو 40 سنة. وكانت ردوده منطقية: العمل مرهق ويبدد القوى، ولهذا لا يعمل سوى الأغبياء. “الجميل” في الموضوع انه كان يتقاضى نحو 700 دولار عن كل مشاركة تلفزيونية.

وأكثر ما أعجبني في دوبل هذا أنه كسول على مستوى، فعنده مدير “أعمال”!! نعم، شخص ليس عنده عمل وعنده مدير أعمال.. شوف العز.. ودور مدير الأعمال هذا هو ان يشتري له – مثلا – تذاكر القطارات والطائرات وتوصيل وجبات الطعام الجاهزة (هذا الشخص ألماني وليس سودانيا ايها المفترون الذين ألبستمونا تهمة الكسل). وفي ألمانيا جمعية للكسالى تشجع أعضاءها على تقليد الدببة، والمعروف ان الدببة القطبية تروح في نومة حوالي 6 شهور وتصحو على أقل من مهلها وتذهب الى حيث تتوفر أسماك السالمون وغيرها فتصطادها دون بذل كثير جهد.
عندك مانع نتبادل جوازات السفر يا آرنو دوبل؟

 


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.