سودافاكس ـ توقع عصام عكاشة الناطق الرسمي باسم تجمع المخابز، وصول سعر الرغيفة الى 100 جنيه اذا استمر الحال على ما هو عليه، ولم تكن هنالك خطط وسياسات لانقاذ الاقتصاد السوداني من الازمة الحالية ودخوله مرحلة الانهيار، ويبدو أن توقع عكاشة في طريقه للتحقق بأعجل مما لا يتوقعه أكثر المتفائلين، فقد تفاجأت شخصياً وعدد من المواطنين أمس، بارتفاع سعر الرغيفة من 50 الى 60 جنيهاً والحبل على الجرار صعوداً الى سبعين فثمانين فمائة وربما ما بعدها، فتوقع الناطق الرسمي باسم تجمع المخابز ببلوغ سعر الرغيفة مائة جنيه لم يكن جزافياً ولا اعتباطياً، وانما بناء على معطيات وحسابات واضحة، حددها لموقع (الاحداث نيوز) في ارتفاع جوال الدقيق من 29 الف جنيه الى 64 الف جنيهاً، وزيادة اسعار الخميرة من 17 الف جنيه الى 25 ألف جنيه، وارتفاع تكلفة العمالة من 500 جنيه الى ألف جنيه، هذا فضلا عن زيادة أسعار الجازولين والكهرباء والغاز، وتسببت كل هذه الزيادات المضطردة في ارتفاع مضطرد لتكلفة انتاج الخبز. والمصيبة أن مشكلة الرغيف لم تكن فقط في السعر العالي.
وانما أيضاً في وزنه الخفيف، فأضحت الرغيفة ضبلانة خفيفة الوزن هزيلة الحجم ثمينة القيمة عالية السعر، ومن عجائب حكومة الانقلاب في تعاملها مع الأزمات المتراكبة التي أدخلت فيها البلاد، أنها تديرها على طريقة المداورة وأم دورور، لتظل البلاد دائرة في طابور أزمات لا تنتهي، فما تكاد تخبو أزمة إلا لتسلم الراية لأزمة أخرى في تبادل رتيب، يتحسن الإمداد الكهربائي نوعا ما، إذا بالماء يحل مكانه في طابور الأزمات.
تنفرج خدمة الماء قليلا، يسارع الرغيف إلى أخذ موقعه في السلسلة الممتدة، وهكذا تدور الدايرة تدور فتعود الأزمة الأولى كالعرجون القديم، فمن رتابة أزمة الخبز التي ظلت تتكرر مرة بعد مرة حتى صارت مثل الغلوتية، أذكر في واحدة من تلك الأزمات أن أحد رسامي الكاريكاتير كتب على تعليقه الذكي المصاحب للرسمة تحويرا بديعا للغلوتية السودانية الشهيرة (دخل القش وما قال كش)، التي إجابتها هي الظل (الضل) أو الدخان، فجعلها (دخل الكرش وما قال كش) ثم جعل المسؤول يجيب عن اللغز بأنه العيش (الرغيف)، والمعروف عن الظل والدخان أنهما إذا دخلا على شيء لا يحدثان أي صوت ولا يتركان أي أثر، وحتى لو فعلها الدخان وترك أثرا.
فإن ذلك لن يتم إلا بعد مرور وقت ليس بالقصير، وإلى هذا المعنى قصد صاحب الكاريكاتير بعد أن لاحظ بالتجربة والمعايشة أن رغيف تلك الأيام لضآلة حجمه لا يحدث أي أثر حين يدخل البطن، إلا بعد مضاعفة الكمية إلى الضعف، أو ربما ثلاثة أضعاف، وهذا هو حال رغيف هذه الأيام الهزيل الضعيف غالي السعر.