سودافاكس ـ في خطاب له أمام خريجي إحدى الكليات العسكرية اتهم رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان السياسيين بالتسبب في الانهيار الاقتصادي والجوع الذي يعاني منه الشعب السوداني وذلك لرفضهم الجلوس لطاولة الحوار.
البرهان قال: (نحن نرى الصراعات القبلية والغلاء والجشع، والتدهور الاقتصادي، وكل هذا بفعل ممانعة ورفض السياسيين الجلوس للتحاور)..
وزاد: (نقول لهم انظروا لحال الشعب السوداني وكفوا عن المزايدة، وكفوا عن المكابرة، لا أحد لديه مصلحة في تجويع الشعب السوداني.. لا أحد لديه مصلحة في أن ينفرط عقد الأمن.. أنتم تنظرون الى أحوال الشعب السوداني وتتمنعون عن التفاوض.. وتتمنعون عن الحوار)..
من المؤكد أن الفريق البرهان يتحدث عن السياسيين الذين أطاح بهم في انقلاب 25 أكتوبر الذي أسماه بالخطوة التصحيحية.. وهم سياسيي قحت أنفسهم الذين حملهم الانهيار الاقتصادي والسياسي والأمني، ووعد بتشكيل حكومة تكنوقراط من ذوي الخبرة والكفاءة لإدارة شؤون البلاد حيث فشلت فيها حكومة حمدوك وحاضنتها السياسية قوى الحرية والتغيير.
البرهان في خطابه هذا يبحث عن حوار مع من أطاح بهم وانفرد بحكم البلاد، دون وجود لمؤسسات تشريعية وتنفيذية، فهل إذا استجاب هؤلاء للحوار والتفاوض سيرجع الوضع إلى ما قبل 25 أكتوبر، أم إن الأمر مجرد مزايدات سياسية؟؟.
معلوم أن السياسيين الذين أبعدوا من المشهد بعد قرارات البرهان بأحزابهم المكونة لقحت كان لهم دور كبير في تعقيدات الأوضاع، وفي الانهيار الاقتصادي جراء عدم التجانس وتقاطعات المصالح فيما بينهم.. ومعلوم أيضاً أنهم من تسبب في فشل حكومة حمدوك بسبب (المكاجرة) والرفض لكل السياسات والإجراءات الإصلاحية واللجوء إلى التحريض والتصعيد للشارع، لكن نحن نسأل الآن عن التناقض الذي ظهر به البرهان.. فبعد أن قذف بها إلى خارج المشهد السياسي يرجع ليحدثنا عن رفضها الحوار والتفاوض؟!
ليت البرهان تحدث بشفافية ووضوح عن مسؤولية المكون العسكري الحاكم لوحده الآن في استفحال الأوضاع الاقتصادية والسياسية والأمنية بعيداً عن رفض السياسيين للحوار، وهم مبعدون أصلاً.
وأن يتحدث عن إخفاق مجلس السيادة الحاكم في إحداث الاستقرار الذي وعد به الشعب السوداني، وعن إخفاقه في تشكيل حكومة كفاءات وطنية، وعن الفشل في تحقيق جزء يسير من وعود 25 أكتوبر.
الاستقرار الأمني مسؤولية حصرية للأجهزة الأمنية المختلفة ولا علاقة له بالحوار والتفاوض مع السياسيين، هو جزء مهم من هيبة الدولة. وأي انفراط فيه يعني استهتار من هذه الأجهزة أو أنها تتخلى عن قصد عن مهمتها الأساسية .
ما نعايشه الآن من تفلت أمني لا تفسير له سوى تخلي حكومة البرهان عن أهم مسؤولياتها تجاه المواطن بعد أن أصبحت الجريمة تتم بشكل ممنهج.