إذا ذُكر الكرم والتكافل والقيم الإنسانية ذُكرت دولة الإمارات، التي عُرفت منذ فجر اتحادها بأياديها الكريمة البيضاء، التي امتدت لكل محتاج في شتى أصقاع الأرض، حتى أضحت منارة مضيئة، تشرق أنوارها بالخير والعطاء، واحتلت المركز الأول كونها أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية في العالم، وتتمتع بقيادة حكيمة وشعب أصيل، يتنافسون في مد يد العون والمساعدة للمحتاجين في كل مكان، مترجمين النهج الإنساني الراسخ، الذي غرسه المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس دولة الإمارات، والذي قال تأكيداً على ذلك: «إن الله سبحانه وتعالى منح الإنسان الخير لكي يسخره لمساعدة آلاف الأيتام والمحتاجين المعوزين، وتخفيف الألم والمعاناة عنهم، ومد يد العون والمساعدة لهم».
ومن أحدث المبادرات الخيرية، التي انطلقت من أرض دولة الإمارات أرض الخير والعطاء إلى العالم شرقاً وغرباً حملة المليار وجبة، وذلك بالتزامن مع شهر رمضان المبارك شهر المبرات والجود والإحسان، وهي حملة إنسانية مباركة، أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتهدف إلى مقصد نبيل وهو إيصال مليار وجبة إلى الفقراء والجوعى في 50 دولة حول العالم، امتثالاً للحديث النبوي الشريف: «ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع»، والذي اتخذته شعاراً لها.
إن هذه الحملة المباركة، والتي تعتبر الحملة الأكبر لإطعام الطعام ومكافحة الجوع حول العالم تستند إلى قيم عظيمة ومبادئ نبيلة، فإن مكافحة الجوع عمل إنساني جليل، أوصى به الدين الإسلامي الحنيف في نصوص قرآنية عديدة وأحاديث نبوية كثيرة، أكدت كل التأكيد على فضيلة إطعام الطعام، وأعلت من شأنه، وجعلته من أهم الأعمال، التي توجب لصاحبها نيل رضوان الله تعالى والفوز بثوابه، وجعلته منوطاً للخيرية، وقد كان الصحابة، رضي الله عنهم، سباقين إلى إطعام الطعام للناس، لأنهم علموا ما فيه من الفضل العظيم والمساهمة في نفع الناس، وتلبية أعظم احتياجاتهم اليومية وهي الغذاء، فعن صهيب الرومي، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: «خياركم من أطعم الطعام»، ولذك كان صهيب، رضي الله عنه، يُكثر من إطعام الطعام، لينال هذا الفضل العظيم.
ويتأكد هذا العمل الإنساني الجليل وهو إطعام الطعام في شهر رمضان المبارك، الذي هو شهر الخير والإحسان، وقد كان النبي، صلى الله عليه وسلم، أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، كما أن من مقاصد الصيام تذكُّر الفقراء والجوعى، واستشعار معاناتهم، والمساهمة في رفعها عنهم، فالصيام تزكية للنفس، وعروج في مدارج التقوى، ليكون الصائم أقرب إلى الله تعالى، وأنفع لعباده، كما قال النبي، صلى الله عليه وسلم: «أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس».
كما تتأكد أهمية هذه الخصلة كذلك مع شدة الحاجة إليها، وذلك عند اشتداد الجوع وقلة الغذاء، كما قال الله تعالى: {أو إطعامٌ في يومٍ ذي مسغبة}، أي: في يوم ذي مجاعة، والسَّاغب: الجائع، ولا يخفى ما يعانيه العالم اليوم من أزمات وصراعات، أسهمت في تعميق أزمة الغذاء في العالم، وتسببت في ارتفاع أسعار مواد الغذاء وضعف سلاسل الإمدادات الغذائية، وهو ما انعكس سلباً في بعض المجتمعات، وأدى إلى ارتفاع وتيرة الجوع والجفاف فيها، مما زاد من معاناة الناس في تلك المجتمعات، وأضحوا أكثر احتياجاً إلى بني جنسهم ليساعدوهم ويمدوا يد العون إليهم، حيث ذكرت 11 منظمة إغاثة دولية أن هناك نحو 27 مليوناً يعانون الجوع في المنطقة، وأن هذا العدد قد يرتفع إلى 38 مليوناً بحلول يونيو، بزيادة 40 في المئة عن العام الماضي، وهو ارتفاع تاريخي يعكس عمق هذه الأزمة.
وقد هبّت دولة الإمارات منذ تأسيسها لمكافحة الجوع، حتى أصبحت جهة مانحة رئيسة لكثير من البلدان المتضررة من سوء التغذية، وأطلقت في سبيل ذلك الكثير من المبادرات للقضاء على الجوع وتحسين سبل العيش للناس حول العالم، وخاصة سكان المجتمعات الفقيرة، وتأتي حملة المليار وجبة تتويجاً لهذه الجهود الإنسانية، التي تبذلها دولة الإمارات قيادة وشعباً لمساعدة المحتاجين والجوعى، فما أجمل أن نكون سبباً في إطعامهم وتخفيف المعاناة عنهم، عبر مساهمتنا الفعالة في هذه الحملة الوطنية الإنسانية المباركة.
البيان