سودافاكس ـ أكثر مايثير عندك الضحك ان ثاني الكذبات في قرار اعلان الانقلاب ضد الحكومة المدنية وارادة الشعب بعد الكذبة الاولى التي عرفت بتصحيح المسار هو ان الفريق البرهان أكد الحرص على التوصل إلى توافق وطني وتوسيع لقاعدة المشاركة في الحكم وذلك بإشراك كل القوى السياسية والثورية والوطنية عدا حزب المؤتمر الوطني المحلول. وعودة المؤتمر الوطني الآن اصبحت شئ من الواقع ليس في المشهد السياسي فقط بل ان الحزب الآن يسيطر على كل مؤسسات الدولة الاقتصادية وتعمل شركاته ومصانعه ويخاطب قادته شبابهم وكوادرهم ويمارسوا العمل السياسي من أوسع أبوابه ، فالمؤتمر الوطني الآن لا ينقصه الا داره التي يسيطر عليها الدعم السريع والتي ستعود له مع اول قرار للمحكمة التي خصصت فقط لاعادة اصول واملاك وأموال الحزب المخلوع واعادة الذين فصلوا من المؤسسات بقرارات لجنة ازالة التمكين، فثمة قاضي ( اذهب اليه وقل له أنا من الذين تم فصلهم من لجنة ازالة التمكين لن ينظر في وجهك فقط سيمسك بالقلم ويصدر قراراً باعادتك للخدمة فوراً) هذا القاضي ليس اكثر من موظف في المجلس الانقلابي لا علاقة له بعدالة الأرض ولا السماء. فحزب المؤتمر الوطني الآن لا يحتاج إلا للافتة مضيئة قد يكون العمل فيها قد بدأ بالفعل ، لذلك من الضروري ان يغادر دقلو الدار قبل ان يأتيه قرار من المحكمة لأن عودة قيادات النظام المخلوع ربما يكون اول المستهدفين بها هو حميدتي للاستقواء بهم عليه والحد من نشاطه وتمدده الذي يقلق العسكر.
والبرهان كأنما اخطأ في العبارة وقصد انه لن يسمح للاحزاب السياسية بالمشاركة في الحكم عدا المؤتمر الوطني ، لأن الواقع ان جميع الاحزاب السياسية حرمت من الحكم لكن المؤتمر الوطني هو الذي يحكم الدولة من الداخل ، سلطة وقرار ومال واعمال ، فمثلما كانت الحركة الاسلامية تحكم السودان برئيس عسكري فالبلاد الآن يحكمها نظام البشير فقط حل البرهان مكان البشير وكل شئ كما كان عاد.
فالحديث عن تبرئة البشير في ايام قادمات ان حدث فعلا فلن يكون امراً مدهشاً، فالقضاة الذين تم تعيينهم من قبل المجلس الانقلابي وقاموا باعادة كل المفصولين من قواعد المؤتمر الوطني للخدمة وكذلك قياداته واسقطوا عنهم كل الاتهامات الموجهة لهم واعادوا لهم أموالهم وممتلكاتهم المسلوبة من الشعب إذاً ما الذي يمنعه من تبرئة المخلوع ، والسماح لحزب المؤتمر الوطني بممارسة نشاطه ( نشاطه الذي لم يتوقف).
فعودة نظام المخلوع بكل هذا الثقل وعلو صوت الفلول في منصات السوشيال ميديا ومظاهر الفرح والاهازيج وهستريا العودة للمناصب وذبح الخراف، يعني ان الثورة فعلا انتصرت على هذا النظام واذاقته المُر، وان عودته الآن لا تعني انهزام الثورة بل ضعف وخذلان من بيدهم القرار ولكن هذه ليست نهاية المباراة فإن تحرز هدفاً او تشتري حكماً لايعني انك الفائز المنتصر فالعبرة بالنهايات وفي آخر الدقائق من عمر المباراة قد تأتي الاهداف الحاسمة للنتائج.
لذلك انه وليس من المنطق ان يحدثنا قادة الانقلاب في كل خطاب زائف عن البحث عن ضرورة التوافق مع الاحزاب وتوسيع دائرة المشاركة في الحكم عدا حزب المؤتمر الوطني ، فالوطني عاد وربما تكون عودته وقرار ممارسة نشاطه في ايام قادمات أمر ليس بيد البرهان نفسه !! طيف أخير من اعتاد على تعاسة وحزن غيره لا أحد سيشعر به ليشاركه الفرح.
صحيفة الجريدة