مرّ نحو 8 أشهر منذ أن أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” (Facebook) مارك زوكربيرغ تغيير اسم عملاق التواصل الاجتماعي إلى “ميتا” (Meta)، موضحا أنه سيركز جهوده ومستقبل شركته على “ميتافيرس” (Metaverse) التي أكد أنها “مستقبل الإنترنت”.
وبدا زوكربيرغ جادا جدا وهو يتحدث بحماس بالغ عن قدرة الميتافيرس على تغيير “شكل ومستقبل وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت ذاتها”.
وعرف زوكربيرغ الميتافيرس بأنها “بيئة افتراضية غامرة، حيث يمكنك الوجود بالفعل مع الناس في البيئة الرقمية والمجتمع الرقمي، يمكننا التفكير بها على أنها إنترنت متجسدة، توجد فيها فعليا بدلا من مجرد النظر إليها كما يحدث الآن”.
وأوضح زوكربيرغ “أفكر في الميتافيرس باعتبارها الجيل القادم من الإنترنت.. بدلا من أن تكون الإنترنت شاشة خارجية ننظر إليها على هواتفنا المحمولة أو شاشات الحاسوب، ستصبح جزءا منا وسنصبح نحن جزءا منها.. إنترنت المستقبل هو شيء يمكننا أن نكون داخله”.
ومنذ ذلك الوقت أصبح لفظ الميتافيرس أحد أكثر المصطلحات تداولا في العالم.
وحاليا يتم ضخ عشرات مليارات الدولارات من الاستثمارات في هذه البيئة الافتراضية الغامرة من قبل كبرى شركات ودول العالم، فالكل يريد أن يكون جزءا من هذا المستقبل الذي تحدث عنه زوكربيرغ، ويكفي أن نعلم -في هذا السياق- أن شركة “مايكروسوفت” (Microsoft) خصصت 70 مليار دولار للاستثمار في هذا المستقبل، أما شركة “ميتا” نفسها فخصصت 10 مليارات دولار للغرض نفسه، ناهيك عن عشرات مليارات الدولارات التي خصصتها شركات ودول أخرى من شتى أنحاء العالم للهدف ذاته.
وفي الحقيقة، فإن هذا ليس مفاجئا تماما، ففي الميتافيرس يمكن للناس العمل واللعب والتسوق والتواصل بطريقة غير مسبوقة من قبل، وهو ما يعني بداية النهاية لوسائل التواصل الاجتماعي التي نعرفها الآن، والدخول إلى زمن منصات تواصل أخرى أكثر واقعية وأكثر اتصالا عبر الميتافيرس، كما ذكرت منصة “أناليتكس إنسايت” (analytics insight) مؤخرا.
إنها شبكة من العوالم الافتراضية ثلاثية الأبعاد تركز على التواصل بين البشر. والميتافيرس هي منصة افتراضية تتيح للمطورين إنشاء كل شيء من الواقع الافتراضي إلى الواقع المعزز، كما تعتبر الميتافيرس منتجا متخصصا مقارنة بوسائل التواصل الاجتماعية التقليدية والمنتجات الرئيسية الأخرى.
وفي حين أنه من المستحيل تحديد متى ستحل الميتافيرس محل الشبكات الاجتماعية ووسائل التواصل التي نعرفها الآن، إلا أنها ستفتح بالتأكيد مزايا اجتماعية ومالية جديدة، وأكثر بكثير مما رأيناه من قبل.
نقدم في هذا التقرير قائمة بأفضل 5 منصات ميتافيرس يرى مراقبون وعدد من المواقع المتخصصة أنها ستحل محل وسائل التواصل الاجتماعي التي نعرفها حاليا في المستقبل.
ديسينترا لاند (Decentraland)
أول منصة مدعومة بالكامل من سلسلة “البلوك تشين” (blockchain) في الميتافيرس، والبلوك تشين هي تكنولوجيا تشفيرية لا مركزية، أي لا يوجد من يتحكم في العمليات التي تتم من خلالها، فلا يوجد هيئات حكومية -مثلا- مسيطرة على مجريات الأمور فيها، ولا حتى شركات تدير وتنظم العمل فيها، وهي تسجل كافة المعاملات التي تجري في العالم الرقمي في “دفتر أستاذ” (ledger) ضخم لا يملكه أحد، ويضمن حقوق المستثمرين وبالذات في العملات الرقمية المشفرة.
وعودة إلى منصة ديسنترا لاند، فهي مدعومة من واحدة من أقوى العملات الرقمية في العالم وهي عملة “إيثريوم” (Ethereum)، وهي أيضا لعبة إلكترونية تسمح للمستخدمين بإنشاء وتجربة واستثمار المحتوى على نطاق واسع، إذ يمكن للمستخدمين من خلالها إنشاء التطبيقات الخاصة بهم والاستمتاع بها واستثمارها، كما أن لهم حق شراء وبيع وتأجير العقارات الافتراضية داخلها من شقق وبيوت ومكاتب وقصور، وفيها مجتمع رقمي افتراضي كامل وقرى ومدن وشوارع وحارات وشخصيات حقيقية تستثمر وتعمل وتعيش وتتواصل.
ساند بوكس (Sandbpx)
هي لعبة ميتافيرس افتراضية، حيث يمكن للاعبين والمستخدمين خوض تجاربهم الافتراضية وبناء مجتمعاتهم وبيوتهم ومكاتبهم، واستخدام تقنيات الواقعين الافتراضي والمعزز للتواصل الحي والمباشر مع أصدقائهم أو أي شخص يرغبون في التواصل معه داخل اللعبة، كما يمكنهم أيضا بيع وتأجير عقاراتهم وتطبيقاتهم والمحتوى الذي ينشئونه داخل هذه البيئة الافتراضية التي تسعى لتحقيق الانغماس الكامل في العالم الافتراضي المعزز.
وتتكون منصة ألعاب ساند بوكس من 3 منتجات متكاملة توفر معا تجربة شاملة للمحتوى الذي ينشئه المستخدم، مما يرشحها كي تكون من أقوى منصات التواصل الاجتماعي في المستقبل.
إكسي إنفينيتي (Axie Infinity)
هي عملة مشفرة يتم لعبها لكسبها، حيث يمكن للمستخدمين ربح عملة إكسي إنفينيتي من خلال لعبها والتداول بها. وهي لعبة ميتافيرس قائمة على البلوك شين، حيث يقوم اللاعبون بجمع وصنع وتربية حيوانات رقمية أليفة، وكل واحدة منها فريدة من نوعها تسمى “إكسي” (Axies) والتي يمكن استخدامها للمنافسة في لعبة بطاقات خاصة تعتمد على الأدوار.
وهذه الحيوانات الرقمية هي أيضا رموز غير قابلة للاستبدال (NFTs) يمكن شراؤها وبيعها، ويكلف أقل سعر إكسي المتاح حاليا حوالي 200 إيثريوم، وأغلى واحد يباع بنحو 300 إيثريوم (1 إيثريوم = 1300 دولار).
إمكانية الكسب وتحقيق الربح الوفير هي ما جعل هذه اللعبة شائعة، وتستقطب عددا كبيرا من الشباب والمستثمرين من شتى أنحاء العالم.
روب لوكس (Roblox)
هي لعبة افتراضية غامرة تستقطب ملايين الأشخاص في العالم، وكذلك عددا كبيرا من الشركات والمستثمرين، وتضم مجتمعا رقميا شاملا، وهي منصة ميتافيرس يمكن للمستخدمين من خلالها ممارسة الألعاب التي صنعها مستخدمون آخرون، وكسب الأموال من هذه الألعاب.
وهي متوافرة على أجهزة “أندرويد” (Android) و”آي أو إس” (IOS) و”إكس بوكس” (Xbox)، ويبني أفراد هذا المجتمع الرقمي شخصياتهم الرقمية ويقومون بتزيينها وتلبيسها، ويمكنهم أيضا أن يمارسوا جموح خيالهم من خلال صنع ألعاب خاصة بهم، وإضافة التأثيرات الخاصة بها داخل اللعبة.
واعتبارا من عام 2017، أصبح لدى روب لوكس أكثر من 500 ألف لاعب من المبدعين في تصميم الألعاب، وهناك 30 مليون لاعب نشط شهريا يمارسون اللعبة وسجلوا أكثر من 300 مليون ساعة من اللعب، وهم في هذه الأثناء يتواصلون مع بعضهم بعضا في مجتمع افتراضي ضخم ينمو يوما بعد يوم، مما يرشحها لتكون واحدة من منصات التواصل الاجتماعي في المستقبل.
غاذر (Gather)
عبارة عن منصة دردشة فيديو مصممة لجعل التفاعلات الافتراضية أكثر إنسانية. وهي مجتمع افتراضي لخلق الفرص وتحقيق الاتصال للجميع، حيث يمكن للناس العمل والتواصل الاجتماعي والتعلم، وتضم هذه المنصة حاليا أكثر من 10 ملايين شخص حول العالم.
المصدر : الجزيرة