قلب الخرطوم … نذر كارثة صحية تلوح في الأفق القريب

ناشد عدد من المواطنين لجان المقاومة بكل أحياء العاصمة والولايات بضرورة التصدي لامراض الخريف من خلال تنظيم حملات اسبوعية للنظافة بدلاً من إنتظار الحكومة الإنقلابية

يعد فصل الخريف في السودان موسماً لانتشار الأوبئة والأمراض نتيجة لانتشار المياه الملوثة والحشرات في المناطق المتأثرة بالفيضانات والسيول، واجهت البلاد خريفاً قاسياً العام الماضي ، إذ إرتفعت مناسيب النيل إلى مستويات قياسية، لم تشهدها البلاد منذ 100 عام، لتخلف بذلك فيضانات وسيولاً أودت بحياة 106 أشخاص، وأصابت 54 آخرين، وهدمت قرابة 70 ألف منزل .

نذر كارثة صحية

الآن ومع بداية هطول الامطار يعاني مواطن العاصمة أوضاعاً صحية مزرية ظلت تهدد حياته في ظل غياب السلطات عن القيام بدورها في معالجة تداعيات فصل الخريف ، ولعل من يتجول بقلب السوق العربي بقلب الخرطوم يلاحظ جبال الاوساخ وتراكم النفايات أمام المحال التجارية ، هذا عطفاً على العديد من الملاحظات المتعلقة ببيع الاطعمة على قارعة الطريق من فاكهة وخضروات ،بالمقابل بدأت كثير من الحشرات في التكاثر خاصة الذباب والبعوض اللذان ظلا يتناوبان (الورديات) ليل نهار مما أثار كثيراً من التساؤلات والمظان حول جدوى وزارة الصحة التي يناط بها أن تشرع في مكافحة الحشرات بالاعلان عن حملات رش واسعة كخطوة إحترازية قبل حدوث كارثة صحية ظلت تلوح في الأفق القريب.

جبال الاوساخ تتوسط قلب العاصمة

جأر اصحاب محال تجارية بالسوق العربي من تراكم الاوساخ امام محالهم التجارية لفترات طويلة مما نتج عنه انبعاث روائح كريهة وتوالد الحشرات من بعوض وذباب ،وقال عبدالرؤوف فضل الله ان فترة الخريف تستوجب نظافة وكنس الاوساخ بشكل مستمر حتى لا تكون هنالك فترة حضانة لتوالد الحشرات ،وأوضح أن عدداً من اصحاب المحال درجوا على حمل الاوساخ المتراكمة في (ضهرية )سياراتهم الخاصة نهاية اليوم ورميها في بعض البراميل المخصصة للاوساخ وأردف يحدث ذلك رغم ان المحلية لا تتساهل ولا تجامل في تحصيل رسوم النفايات بشكل راتب ، ومضى عبدالرؤوف بالقول تكاثر الذباب في فترة النهار حالت دون ان تناول الطعام نهاراً، وهذه حقيقة شئ مؤسف حقاً وكان يفترض ان تشرع وزارة الصحة في مكافحة الذباب كحملة وقائية تفادياً للاضرار الصحية التي قد يتسبب فيها من نقله للأمراض والاوبئة ،وكذلك كان على الجهات المسؤولة ان تشرع في مكافحة البعوض في طوره الاول برش البرك وتكثيف حملات الرش الضبابي وبالطائرات من أجل صحة المواطن.

أطعمة على قارعة الطريق

على مقربة من (صينية القندول ) إفترش بائع متجول الارض وشرع في بيع (سلطة الدكوة ) لزبائنه الذين درجوا على التوافد اليه لتناول وجبة الفطور ويقول صاحب المحل في حديثه مع “الجريدة” أن بدايته كان محصوراً في بيع الخضروات فقط ،ولكن سرعان ما بدأ في إعداد وجبة الفطور لبعض العاملين بالقرب من مكانه ،ورويداً رويداً شرع في إعداد وجبة الفطور، وحول ما اذا كان لديه كرت صحي أو رخصة تجارية ،اوضح انه لا يعرف طريق وزارة الصحة حتى يتمكن من استخراج الكرت الصحي وأن كل مافي الامر لديه زبائن كثر يثقون في طعامه رغم تكاثر الذباب في هذه الفترة ،وأردف: نبحث عن الرزق الحلال وهاهو كما ترى نحمد الله اصبح المحل يضج بالرواد من كل شرائح المجتمع، صحيح هنالك كشات تقوم بها المحلية بين الفينة والأخرى إلا ان ذلك لم يؤثر على المحال خاصة أنا أعرض بضاعتي أمام برندة بها عدد من ستات الشاي مما يعكس ان صاحب المحل لا يمانع في ممارسة نشاطنا التجاري الذي عادة ما ينتهي بعد صلاة الظهر .

ارتفاع نسبة الاصابة بالملاريا

في وقت فشلت فيه السلطات الصحية من مكافحة البعوض أكدت مصادر طبية علمية عن إرتفاع حالات الإصابة بمرض الملاريا ،وقال دكتور عباس الطاهر أخصائي الباطنية ان نسبة الإصابة بمرض الملاريا شهدت إرتفاعاً ملحوظاً خلال الفترة الحالية ،وقطع أن وزارة الصحة لم تعلن الارقام بشكل رسمي لكن من خلال عمله في الفحص المعملي بعيادته تبين أن أغلب الحالات التشخيصية هي الإصابة بالمرض ،وأردف: في هذه الفترة تشهد امراض المعدة والملاريا زيادة في معدل الاصابة والوفيات خاصة وسط الاطفال وكبار السن ،ومضى هنالك مناطق تتفشى فيها الملاريا (حزام الملاريا) مثل الوادي الاخضر، وكل احياء الحاج يوسف عطفاً على أغلب مناطق جنوب الحزام ،وارجع عباس ذلك لوجود الصرف الصحي بكل من المايقوما بالخرطوم شرق النيل ومنطقة الشاحنات بجنوب الحزام .

إختلاط مياه الصرف الصحي والامطار

عدد من الشوارع بوسط الخرطوم تحولت جراء تراكم مياه الامطار مع تدفق مياه الصرف الصحي تحولت الشوارع الى برك ساكنة تنبعث منه الروائح الكريهة، ولكل مايثير الاشمئزاز هو أن تلك البرك والمستنقعات تحفها عدد من الكافتيرات والمطاعم البلدية وهو أمر ظل يجد إمتعاضاً من قبل المارة الذين طالبوا السلطات الصحية بإغلاق المطاعم أو معالجة الوضع الصحي المزري ،وقال أحد ضباط الصحة المتقاعدين محمد جبريل كافي في تصريحات ل “الجريدة” ان غياب الرقابة على المحال الخاصة ببيع الأطعمة اغرى كثير من المواطنين الى التلاعب بحياة المواطنين، وأوضح أن الرقابة انعدمت تماماً مقارنة بالفترة الماضية مما فاقم من الاوضاع الصحية بالبلاد وتسبب في رفع معدل الإصابة بالاسهالات المائية والتسمم الغذائي واعتبر مكين أن التساهل في عمل المطاعم والكافتيريات في ظل التردي الصحي الحاصل يؤكد أن الدولة تسعى الى تحصيل الرسوم والغرامات ولا تبحث عن صحة وسلامة المواطن مما ينذر بكوارث صحية قادمة.

أحياء تكافح بجهد شعبي

تأثرت عدد من الاحياء بالعاصمة المثلثة من هطول الأمطار ،حيث غمرت مياه الامطار عدداً من الميادين والشوارع مما اضطر الأهالي الى الشروع في تجفيف المياة وردم الطرق عبر الجهد الشعبي ، وفي السياق طالب عدد من الاهالي بمناطق الخرطوم جنوب السلطات بضرورة الشروع في مكافحة البعوض عبر تكثيف حملات الرش خاصة في احياء الصحافة وجبرة والكلاكلة ،وقال المواطن عبد الباقي نورالدين ان الوضع أصبح فوق إحتمال المواطن وذلك من خلال تكاثر البعوض والذباب دون أن تحرك المحلية ساكناً ،وأكد أن أغلب الاسر السودانية تعاني من الذباب نهاراً والبعوض ليلاً ،وأوضح أن وزارة الصحة الولائية كانت في السابق تقوم بحملات مكثفة خلال الاسابيع الاولى من فصل الخريف ولكن هذا العام لم نشاهد طائرات الرش أو حتى حملات الرش التي تستهدف المنازل عبر الرش الضبابي.

لجان المقاومة بالأحياء

ناشد عدد من المواطنين لجان المقاومة بكل أحياء العاصمة والولايات بضرورة التصدي لامراض الخريف من خلال تنظيم حملات اسبوعية للنظافة بدلاً من إنتظار الحكومة الإنقلابية ، وقال أحمد جابر ان لجان المقاومة وحدهم قادرين على الإنابة عن وزارة الصحة في أداء مهامها ،واوضح أن الشباب شمروا عن سواعدهم في العام الماضي وشرعوا في مجابهة السيول والأمطار ،وأردف: على المنظمات الطوعية ان تشرع في مجابهة مخاطر الخريف بشكل عاجل حفاظاً على سلامة ونظافة البيئة ودرء المخاطر الصحية التي ظلت تحاصر الإنسان السوداني في ظل غياب دور الجهات المختصة التي قال أنها درجت على إمتصاص دم المواطن بالرسوم والضرائب دون ان ينعكس ذلك على أرض الواقع.

الجريدة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.