العجز في الميزان التجاري.. حالة (سقوط)

ظل الميزان التجاري في حالة عجز مستمر، مما يؤكد وجود خلل رئيس في الاقتصاد السوداني بسبب المعيقات التي تواجه الصادرات السودانية وعدم مقدرتها على منافسة الأسواق العالمية.

وعلى خلفية العجز في الميزان التجاري الذي كشف عنه الموجز الإحصائي للتجارة الخارجية الذي أصدره بنك السودان المركزي خلال الفترة من يناير إلى سبتمبر ٢٠٢١م، فقد بلغت الصادرات 2،5 مليار دولار في حين أن الواردات بلغت 5،7 مليار دولار، وسجل العجز في الميزان التجاري أعلى ارتفاع له خلال الربع الثالث من العام المالي الحالي بحوالى 3.5 مليار دولاراً وفقاً لبنك السودان المركزي.

حيث بلغت واردات البلاد من السلع الخارجية في تلك الفترة 7.1 مليار دولار وهو أعلى رقم تسجله الواردات في هذا العام، كما تدنت الصادرات إلى بحوالى 3.6 مليار دولار.

تصاعد الخلل
وأكد عضو اللجنة الاقتصادية للحرية والتغيير عادل خلف الله أن عجز الميزان التجاري خلال الأشهر التسعة الماضية يُعد العجز الأكبر في تاريخ الاقتصاد السوداني، وأبان في حديثه أن هذا مؤشر على أن انقلاب 25 أكتوبر 2021 يهزم إدعاءات مدبروه بأنه تصحيح مسار أو إصلاح اقتصادي، وتعضد هذه الفرضية البيانات الصادرة من قِبل البنك المركزي، وتقرير التجارة الخارجية للسودان يؤكد أن هنالك خللاً كبيراً في التوازن بين الصادرات والواردات، باعتبار أن التجارة الخارجية تؤكد أن السودان يستورد أكثر مما يُصدر، إذ أن نسبة الخلل تُعد الأكبر في تاريخ السودان منذ اعلان الاستقلال، وفي جانب آخر يؤكد مخاطر استمرار الانقلاب على أوضاع البلاد الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، وذلك باعتبار أن نسبة الخلل متصاعدة في الفصل الأول والثاني، وقد سجلت نسبة العجز ارتفاعاً كبيراً، وهذا يظهر حال تمت مقارنة تقرير بنك السودان بالبيانات التي قدمتها غرفة الصناعات باتحاد اصحاب العمل بإعلانها عن توقف حوالى ٨٥% من المنشآت الصناعية السودانية بمختلف نشاطاتها عن الانتاج، اما النسبة المتبقية فتعمل بطاقة ادنى من ٢٠%، مما أدى الى تراجع حجم الصادرات السودانية، لجهة ان منشآت الصادرات توقفت نتيجة سياسات السلطة التي تتوسع في صرف بذخي واستهلاكي لإرضاء الفصائل المسلحة التي يفترض ان تلتزم بالدمج وإعادة الاستيعاب حسب اتفاق سلام جوبا، بدلاً من تحويلها لمستنزف للموارد، وإنها ظاهرة العمل المسلح والتوصل لبناء جيش واحد باعتبار انه لا يمكن ان يكون هنالك تحول محطته الاخيرة اجراء انتخابات في ظل تعدد جيوش ومليشيات. أن هناك مؤشرات اخرى صادمة مثل تقرير منظمة اليونسيف، وهذا مؤشر في اختلال الميزان التجاري في ما يتعلق بوضع السودان في المرتبة الثانية بعد الصومال لمخاطر استمرار التعليم، وقبل الانقلاب حسب تقرير اليونسيف كانت نسبة ما سماه خطاب الانقاذ (التسرب من العملية التعليمية) بنسبة تجاوزت ثلاثة ملايين شخص، وبعد اقل من عام حسب تقرير اليونسيف في شهر أكتوبر اوضح ان عدد الطلاب العازفين عن استمرار العملية التعليمية وصل إلى (٦.٩)، وهذه نسبة كبيرة، فضلاً عن مؤشر بيانات اتحاد الصيادلة الذي يوضح أن نسبة الادوية المنقذة للحياة تقل شهرياً بحدها الادنى بنسبة ١٠٠% الى ٦٠٠%، مما أدى إلى ركود دوائي، واصبح الدواء بالنسبة للمرضى مثل الاشياء الكمالية في حين انها أدوية منقذة للحياة خاصة الادوية المتعلقة بمرضى السكر والضغط والسرطان وامراض القلب.

وقال ان الاختلال غير المسبوق في الميزان التجاري ناجم عن تراجع سلبي في حركة الاقتصاد الكلي التى نجمت عن تكلفة الانتاج او التشغيل، وفاقت قدرات المنتجين والعاملين، لذلك اصبح هناك اتجاه للتوسع في الواردات على حساب تراجع الصادرات، بجانب هجرة رؤوس الاموال من السودان الى دول الجوار خاصة الى مصر واثيوبيا.

شراء الدولار

ويقول الخبير المصرفي لؤي عبد المنعم ان عجز الميزان التجاري يعني أن الحكومة ليست لديها احتياطات كافية من العملات الاجنبية، وهذا يشكل ضغطاً على موارد الحكومة، وقد تضطر للاقتراض وزيادة الضرائب لتغطية هذا العجز، وهذا يؤدي إلى زيادة تكلفة الانتاج كما أنه ينعكس على المستهلك بزيادة وارتفاع الأسعار، بجانب انه سبب رئيس في تزايد الطلب على السوق الموازي لشراء العملات الاجنبية بغرض الاستيراد، واكد أن الحكومة قد تكون أكبر المشترين للدولار من السوق الموازي، وهذا يؤثر في القوى الشرائية للنقود بالعملة المحلية وقيمتها مقابل الدولار، وهذا احد الاسباب السالبة للعجز في الميزان التجاري، واردف قائلاً: (عند انخفاض حجم الصادرات فإن العجز يؤثر تأثيراً كبيراً في الميزان التجاري، وهذا ينعكس على صرف الدولة على التنمية والخدمات والبنية التحتية والتعليم والصحة، وحال اهملت التعليم فإنها بذلك تهمل المستقبل لجهة ان الأمم تُبنى بالتعليم، وحل هذا الأمر ليس بفرض الرسوم والضرائب، وإنما بحشد الموارد ومدخرات المواطنين وجذب مدخرات المغتربين عبر الجهاز المصرفي، وتسمي إعادة هيكلة التمويل بالشكل الذي يخدم أغراض التنمية المستدامة في شكل تمويل الزراعة والصناعة والصادر والتعدين، ويتم ذلك بطرح منتجات استثمارية، وهذا يتطلب استقرار سعر الصرف، وعقب تطبيق التعويم الحر أصبح هناك استقرار في سعر الصرف، لكن بالرغم من هذا الاستقرار الا ان هنالك زيادة في الأسعار سببها الرئيس العجز ومحاولة وزارة المالية تغطية العجز عبر فرض مزيد من الرسوم والضرائب، وهذا ينعكس سلباً على المصانع بخروج رؤوس الأموال خارج السودان).

صحيفة الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.