عادت من ليبيا قوات تابعة لحركة مناوي على متن (250) سيارة، ومقاتلين من تجمع قوى تحرير السودان بـ 200 سيارة، وقوات حركة العدل والمساواة بـ 50 سيارة، إضافة لعودة مقاتلين من حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي على متن 40 سيارة
بعد بداية عمليات حصر المقاتلين السودانيين في ليبيا..
عودة المرتزقة.. هل تشهد دارفور انفلاتاً أمنياً؟
* (450) عربة قادمة من ليبيا تحمل مرتزقة تتبع للحركات المُسلحة
* قوى تجمع تحرير السودان وحركة تحرير السودان، استفادا من تدريب عسكري وفرّه مدربون أجانب في دارفور
* يونيو الماضي استضافت النيجر اجتماعا بين وفد عسكري سوداني وجماعات مسلحة دارفورية بهدف سحب قواتها من الأراضي الليبية
الجريدة – عبدالرحمن العاجب
منذ أمد بعيد استأجر كثير من الحكام جنودا محترفين مدربين لحماية دولهم، كما أن بعض الحكام ربحوا أموالا بتأجير جيوشهم لدول أخرى للعمل كمرتزقة، ومعلوم أن المُرتزِق هو كل شخص يقوم بأى عمل بمقابل مادى بغض النظر عن نوعية العمل أو الهدف منه وغالبا يطلق الاسم على من يخدم في القوات المسلحة لبلد أجنبي من أجل المال، وفي وقتنا الحالي تم استخدامهم بكثرة في بعض الدول العربية والأفريقية من مختلف الجنسيات نظرا للحروب الدائرة في تلك المناطق وخصوصا في سوريا وليبيا واليمن وأفريقيا الوسطى ومالي والنيجر وغيرها من البلدان الأخرى، ولكن ظهور الجيوش الوطنية قلل إلى درجة كبيرة من الحاجة إلى المرتزقة.
حصر المرتزقة في ليبيا:
وبدأت عمليات حصر واسعة في ليبيا للمقاتلين الأجانب أغلبهم سودانيين وجنسيات أخرى، تمهيداً لإخراجهم من الدولة خلال الأشهر المقبلة، وسلط تقرير أممي صدر العام الماضي، الضوء على آلاف المرتزقة السودانيين الموجودين في ليبيا، الذين ينتمون إلى حركات وقعت وأخرى لم توقع على اتفاق السلام، فيما أكدت وثيقة كتبها خبراء الأمم المتحدة المكلفون بمراقبة حظر الأسلحة المفروض على السودان لصالح مجلس الأمن عام 2022م استمرار انتهاك الحظر العام الماضي بنقل أسلحة وأنواع أخرى من المعدات العسكرية إلى دارفور.
اجتماعات اللجنة المشتركة:
وأفادت مصادر دبلوماسية إن اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) برعاية الأمم المتحدة، ناقشت في آخر اجتماع لها خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية، وأكدت المصادر مشاركة السودان في الاجتماعات التي عقدت بالعاصمة المصرية القاهرة، بجانب النيجر وتشاد، وأبان أن الخطة تشمل التعامل بين الأطراف جميعاً لإخراج المقاتلين من ليبيا، واستضافت القاهرة (الثلاثاء) الماضية اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) برعاية الأمم المتحدة لبحث خطة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من البلاد، بمشاركة المبعوث الأممى لدى ليبيا عبد الله باتيلى وممثلين عن دول جوار ليبيا (السودان -تشاد-النيجر).
تفعيل خطة جنيف:
وفي ذات السياق أعرب المبعوث الأممي لدى ليبيا – في كلمته خلال الاجتماع – عن شكره وتقديره للحكومة المصرية؛ لاستضافتها اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة ودعمها المستمر وجهودها الرامية إلى إحلال السلام والاستقرار في ليبيا، ووجه الشكر إلى اللجنة العسكرية المشتركة لجهودها في تنفيذ اتفاقية وقف إطلاق النار، والخطوات التي اضطلعت بها حتى الآن، من أجل تفعيل خطة العمل الموقعة في جنيف في أكتوبر 2021م برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا.
النيجر على الخط:
وفي يونيو الماضي استضافت النيجر اجتماعا بين وفد عسكري سوداني رسمي وجماعات مسلحة دارفورية بهدف سحب قواتها من الأراضي الليبية، ويذكر ان الاجتماع الذي لم تعلن عنه الخرطوم رسميا عُقد بمشاركة وفد عسكري رفيع يمثل الحكومة السودانية مع (7) فصائل مسلحة في دولة النيجر برعاية منظمة (بروميديشن) الفرنسية التي تضم عددا من الوسطاء والخبراء وتعمل كأداة داعمة لعمليات السلام في أفريقيا.
وفي ذات السياق أوضح مدير المنظمة الفرنسية (إيريك بلانشو) أن الهدف من الاجتماع التمهيدي غير الرسمي بين الحركات الدارفورية الموجودة في ليبيا والوفد الحكومي السوداني هو مناقشة إلحاق الحركات بعملية السلام وسحب مقاتليها من ليبيا ودمجهم في القوات السودانية والمجتمع، واعتبر أن دعم المجتمع الدولي ضروري لنجاح هذه العملية التي من شأنها الإسهام في استقرار كل من السودان وليبيا.
فيما كشف رئيس حركة العدل والمساواة السودانية الجديدة، منصور أرباب وقتها أن النقاش حول الترتيبات الأمنية تركز على الطرق العملية والجدول الزمني الخاص بعودة المقاتلين الموجودين في ليبيا، إضافة إلى تجميعهم ثم إدماجهم في القوات النظامية السودانية أو عودتهم إلى الحياة المدنية، وانتقد أرباب اتفاقية جوبا للسلام قائلا إنها تسببت في إشكاليات عديدة بإقليم دارفور، متهما حركات مسلحة موقعة عليها بإقصاء جماعات مؤثرة.
قوى المسار الديمقراطي:
وقبل عام تقريباً وقعت (7) فصائل مسلحة في دولة النيجر إعلانا تأسيسيا أطلقت عليه (قوى المسار الديمقراطي) نص على تحقيق السلام الشامل في السودان وتشكيل حكومة كفاءات مستقلة لاستكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية، ويضم الائتلاف الجديد الذي بدأت الحكومة السودانية التفاوض معه قبل فترة كل من مجلس الصحوة الثوري الذي أسسه الزعيم القبلي موسى هلال وحركة العدل والمساواة السودانية الجديدة التي يقودها منصور أرباب وهي فصيل منشق عن العدل والمساواة قيادة جبريل إبراهيم إضافة إلى الحركة الثورية للعدل والمساواة قيادة يس عثمان وحركة تحرير السودان القيادة المستقلة التي يرأسها عباس جبل مون ومجلس الصحوة القيادة الجماعية بزعامة علي رزق الله (السافنا) وهو ضابط جيش أعتقل لسنوات عقب إعلان تمرده قبل أن يتم إطلاق سراحه في ديسمبر الماضي بجانب حركة العدل والمساواة التصحيحية برئاسة زكريا الدش ومجلس الصحوة الثوري للتغيير والإصلاح قيادة عبد الله حسين.
فيما أكد مصدر مطلع أن تجمع قوات العدل والمساواة الذي يقوده عبد الله بنده المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية تحفظ على المشاركة في اللقاء بسبب خلافات داخلية، فيما لم يتم توجيه الدعوة لمجموعة (يوسف كرجكولا) المقرب من عبد الواحد محمد نور رئيس حركة تحرير السودان لكون الأخير رافض للحوار مع الحكومة.
تقرير فريق الخبراء:
وفي فبراير الماضي قال تقرير أُرسل إلى مجلس الأمن الدولي بواسطة فريق خبراء، إن حركات دارفور لا تزال تحصل على معظم تمويلها وإمداداتها من ارتباطاتها في ليبيا، كما كشف عن استعانة الحركات بمدربين أجانب دون استشارة الحكومة، وأوضح تقرير الخبراء إن وزارة المالية دفعت مليون دولار لكل من حركة تحرير السودان والعدل والمساواة وتجمع قوى تحرير السودان والتحالف السوداني، لتغطية مصروفاتها في السودان، وذلك في يونيو 2021م وأكد فريق الخبراء أن الحركات الموقعة على اتفاق السلام تحتفظ بمعظم أسلحتها الثقيلة في ليبيا، لأنها لا تعرف بعد إذا كان يمكنها الوثوق بحكومة السودان فيما يتعلق بتنفيذ اتفاق السلام، وقال فريق الخبراء إن أعداداً كبيرة من القوات العسكرية للحركات عادت من ليبيا إلى دارفور، وهي مزودة بمركبات تقنية مجهزة برشاشات ثقيلة مثبتة وعربات مدرعة وبعض الأسلحة.
عدم الرغبة في الانسحاب:
وكلف مجلس الأمن الدولي فريق خبراء بدراسة الوضع في السودان، ليضعها في تقرير قدمه إلى المجلس، وقال التقرير إن الحركات الموقعة على اتفاق السلام لا تنوي الانسحاب التام من ليبيا، لأنها لا تزال تحصل على معظم تمويلها وإمداداتها من ارتباطاتها هناك، وأشار إلى أن غياب الدعم الحكومي للحركات الموقعة على اتفاق السلام جعلها تعتمد على وجودها في ليبيا لتوفير الإمدادات لقواتها في دارفور، وأضاف: (ترسل حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي في جنوب ليبيا قافلة من الشاحنات المليئة بالغذاء والوقود كل بضعة أسابيع إلى معسكر الحركة الرئيسي في أمبرو بشمال دارفور).
العودة إلى دارفور:
وعادت من ليبيا قوات تابعة لحركة مناوي على متن (250) سيارة، ومقاتلين من تجمع قوى تحرير السودان بـ 200 سيارة، وقوات حركة العدل والمساواة بـ 50 سيارة، إضافة لعودة مقاتلين من حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي على متن 40 سيارة، ونشرت حركة تحرير السودان قواتها في مواقع بينها (أمبرو وكتم والفاشر) واستقرت العدل والمساواة في (باساو) فيما تجمعت حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي في (كورما وأبوليا) وجميع هذه المناطق تقع في ولاية شمال دارفور، وينتظر أن يدخل مقاتلي هذه الحركات في معسكرات تجميع، بغرض الترتيبات الأمنية، لكن العملية لا تزال متعثرة بدواعي التمويل.
تدريب ومدربون أجانب:
وأفاد التقرير إن قوى تجمع تحرير السودان وحركة تحرير السودان، استفادا من تدريب عسكري وفره مدربون أجانب في دارفور؛ وأشار إلى أن قوى الأمن الرسمية أكدت هذا الأمر، وتابع: (كشفت تحقيقات أن 9 مدربون من جنوب أفريقيا، جرى التعاقد معهم بشكل مستقل، دربوا مجندين جدد تابعين للحركتين في معسكري تدريب بشمال دارفور، وذلك من ديسمبر 2020 إلى يوليو 2021م) ونقل فريق الخبراء عن الجيش السوداني قوله إن الحركات لم تتشاور مع الحكومة بشأن هذه العملية التدريبية ولم تبلغها بها.
تواجد الرافضين للسلام:
وقال فريق الخبراء إن الحركات غير الموقعة على اتفاق السلام لا تزال تحتفظ بقوات كبيرة في ليبيا، من بينها حركة تحرير السودان بزعامة عبد الواحد محمد نور التي تتمركز قوة منها قوامها 100 مركبة في الجفرة بقيادة رئيس الأركان يوسف أحمد يوسف، وأضاف: (في أبريل 2021، انقسم مجلس الصحوة الثوري إلى فصيلين بسبب مسائل مالية، أحداهما بقيادة محمد بخيت وتمركزت قواته في منطقة سرت، والآخر في منطقة الجفرة بقيادة أحمد سماح) وتابع: (واصلت جماعات أصغر مثل قوات حركة العدالة والمساواة بقيادة عبد الله بندة، عملياتها في ليبيا مع جانب الجيش الوطني، تحت مظلة حركة تحرير السودان التي يترأسها مناوي).
دعم مالي ولوجستي:
وشاركت حركات دارفور، بما فيها حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور، مع الجيش الوطني الليبي بقيادة الضابط المتقاعد خليفة حفتر المدعوم إماراتيا، ضد حكومة الوفاق المعترف بها دولياً، وتحدث التقرير عن أن الجيش الوطني الليبي واصل في تسديد المدفوعات وتوفير الخدمات اللوجستية لحركات دارفور، كما واصل الضباط الإماراتيون التنسيق مع هذه الحركات لتوفير الدعم المالي واللوجستي، وأشار إلى أن معظم الجماعات المسلحة الدار فورية تعمل لصالح الجيش الوطني بتأمين المناطق وحواجز التفتيش، مقابل مدفوعات توفرها الإمارات بعد اقتطاع حصة منها.
وفي الثالث والعشرون من أكتوبر 2020م وقعت الأطراف الليبية اتفاق لوقف إطلاق النار، وبموجبه إلزم جميع الأجانب بمغادرة البلاد، ووجد ذلك الإتفاق تأييد دولي، فيما طلب تقرير الخبراء من مجلس الأمن الدولي حث الحركات على سحب قواتها من البلدان الأجنبية، مع فرض جزاءات عليها حال لم تمتثل لهذا الطلب.. ولكن بعد أن بدأت عمليات حصر المقاتلين السودانيين في ليبيا، ربما تشهد دارفور انفلات أمني بسبب عودة المرتزقة إلى بلادهم.
الجريدة