مع حلول الأول من يوليو/تموز الحالي، يدخل نظام الحكم في الخرطوم أول أيامه بعمر الـ”28″ عاماً، بعدما صعد إلى الحكم في السودان على خلفية انقلاب عسكري نفذه الإسلاميون بقيادة الراحل حسن الترابي 1989.
جاء النظام إلى الحكم باسم “ثورة الإنقاذ”، ورفع من يومها شعارات تتصل بتطبيق الشريعة الإسلامية، فضلاً عن محاربة الدول الغربية باعتبارها عدواً للسلام بترديد هتافات وأناشيد “أميركا روسيا قد دنا عذابها”، “الطاغية الأميركان لكم تدربنا”، إلى جانب شعارات أخرى تتعلق بتوطين الصناعة والزراعة المحلية على شكل “نأكل مما نزرع ونلبس مما نحصد”.
ومنذ توقيع اتفاقية السلام الشامل مع “الحركة الشعبية” في 2005، والتي مهدت لانفصال جنوب السودان، تخلى نظام الخرطوم عن الاحتفال بذكرى وصولة للحكم، بعدما حرصت الحكومة على إقامة الاحتفالات التي كانت تستمر لنحو شهر تنفق خلالها ملايين الجنيهات، ويبدأ الترتيب لها قبل أشهر.
وفي مقابل تغاضي الحكومة عن الاحتفال بـ”ثورة الإنقاذ”، تقوم قوى معارضة على إحياء تلك الذكرى بطريقتها المختلفة باعتبارها ذكرى للدمار و”الشؤم” على حدّ وصفها.
ونظم حزب “المؤتمر السوداني” المعارض موكباً احتجاجياً جاب مواقف المواصلات في وسط العاصمة، الخرطوم، وهتف المحتجون بشعارات مناوئة للنظام، كما حملوا لافتات رافضة للنظام، وهاجموا في خطابات سياسات الحكومة، ووزعوا بيانا وصفوا فيه حكم الإنقاذ بـ”الشؤوم” وحملوا النظام مسؤولية انفصال الجنوب، وفقدان السودانيين للقدرة على التعايش السلمي فضلاً عن مسؤولية الحروب المنتشرة في دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وحرص ناشطون ومعارضون على مواقع التواصل الاجتماعي، على إحياء ذكرى الإنقاذ عبر التذكير بإخفاقات الحكومة وتحميلها مسؤولية ما وصل إليه حال البلاد، من تمدد لرقعة الحرب وأزمات اقتصادية واجتماعية وأخلاقية، فضلاً عن تزايد معدلات الفقر والهجرة الداخلية والخارجية.
ويعاني الشعب السوداني في ظل النظام الحالي من التضييق؛ إذ حرص النظام منذ وصوله على سن قوانين واستصدار نظم ولوائح تحد من حركة السودانيين، كما حظر النشاط السياسي، لفترات متعددة وحارب الأحزاب المعارضة وعمل على تفتيتها. ووصل عدد الأحزاب السودانية حتى تاريخ اليوم إلى تسعين حزباً، جميعها انشق من رحم الأحزاب التاريخية الكبيرة والمسيطرة “حزب الأمة والاتحادي الأصل والشيوعي”، فضلاً عن الحركة الإسلامية نفسها.
وطيلة تلك الفترة اتسمت علاقة الخرطوم الخارجية بالتذبذب، إذ افتقدت سياسة خارجية واضحة، ولم تكن هناك قاعدة ثابتة.
وساءت العلاقات الخارجية للسودان مع الدول العربية، وكان أسوأها مع مصر وليبيا وتشاد وأثيوبيا في فترات سابقة، كما اتسمت العلاقة مع الدول الغربية، خصوصاً الولايات المتحدة، بالسوء، وصنفت بالعدو.
وفي عهد النظام الحالي، جرى تدويل عدد من الملفات السودانية بينها ملف دارفور وجنوب السودان، ودخل أراضي السودان لأول مرة قوات دولية كبعثات لحفظ السودان، كما يعتبر السودان ضمن أكبر الدول في العالم التي تتلقى مساعدات إنسانية وتحضتن مجموعة من المنظمات الدولية والإقليمية.
وصدر بحق السودان ولأول مرة نحو عشرين قرارا من مجلس الأمن الدولي بخصوص دارفور وحده. كما أصدرت الجنائية الدولية خمس مذكرات توقيف بحق مسؤولين سودانيين بينهم الرئيس عمر البشير.
لكن الحكومة في الخرطوم ترى أنها حققت نجاحات بوصولها إلى الحكم، أهمها توقيع اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق، وإنهاء 21 عاماً من الحرب الأهلية، والتي تعتبر أطول حرب أهلية في أفريقيا، فضلاً عن مناهضة العقوبات الأميركية والحصار الاقتصادي، والنجاح في امتصاص الأزمة الاقتصادية العالمية.
العربي الجديد