سألتني هل أنت سوداني أم أسباني؟ وعندما أخبرتها أغلقت الخط على الفور

لا يستطيع عدد من المواطنين السودانيين الهروب من القتال الدائر في بلادهم، لأن جوازات سفرهم عالقة داخل السفارات الأوروبية.

وتحدثت بي بي سي إلى العديد من الأشخاص الذين علقت جوازات سفرهم وهي قيد المعالجة للحصول على تأشيرات أوروبية عندما اندلعت الحرب.

وتم إجلاء الدبلوماسيين الغربيين من دون إعادة جوازات السفر والسفارات مغلقة الآن.

وحثت وزارة الخارجية الإسبانية المواطنين على الحصول على وثائق سفر من السلطات السودانية.

وقال رامي بدوي (29 عاماً) لبي بي سي، إنه تقطعت به السبل في الخرطوم لأن السفارة الفرنسية رفضت إعادة جواز سفره. ويعمل بدوي في مكاتب شركة تكنولوجيا فرنسية في السودان. وكان جواز سفره في السفارة لأنه كان يتقدم للحصول على تأشيرة لرحلة عمل إلى فرنسا.

وأضف: “أريد أن أغادر، لكنّي لا أستطيع”.

وتواصل بدوي مع السفارة الفرنسية بعد اندلاع القتال، وسأل عما إذا كان بإمكانه الحضور لاستلام جواز سفره. لكنه يقول إنهم لم يردوا على رسائل البريد الإلكتروني.

ولم ترد السفارة الفرنسية على طلب بي بي سي للتعليق.

وقال بدوي: “بدأوا عملية الإخلاء وغادروا من دون اتصال”.

وأضاف في حديث لبي بي سي مساء الأحد، إنه كان غاضباً وخائفاً، وقال: “أستطيع سماع صوت الأسلحة من الصباح حتى الليل”.

وأشار بدوي الى أن والدته ووالده وإخوته لديهم جوازات سفرهم وخططوا للسفر بالحافلة إلى مصر. إلا أنهم واجهوا القرار المؤلم بشأن المغادرة بدونه، وقررت الأسرة بأكملها في النهاية البقاء في الخرطوم بدلاً من تركه هناك بمفرده.

وتتمثل الطرق الرئيسية المتاحة للخروج من السودان حالياً في ركوب حافلة إلى الحدود الشمالية والعبور إلى مصر، أو السفر إلى مدينة بورتسودان الساحلية وركوب قارب عبر البحر الأحمر إلى المملكة العربية السعودية. وفر آلاف الأشخاص أيضاً إلى تشاد المجاورة، التي تكافح من أجل تزويد الناس بالطعام أو الماء أو السكن.

وقال محمد الفاضل، (30 عاماً)، لبي بي سي، إنه كان يخطط لقضاء عطلة في إسبانيا وكان ينتظر تأشيرته عندما اندلعت الحرب.

وأضاف أنه عندما اتصل برقم الطوارئ للسفارة الإسبانية في الخرطوم لطلب إعادة جواز سفره، “سألتني المرأة التي أجابت: هل أنت سوداني أم إسباني؟”. ويقول: “عندما أخبرتها أنني سوداني أغلقت الخط على الفور”.

وغادر الفاضل الخرطوم ووصل إلى شمال السودان، لكنه يقول إنه سينفصل عن أسرته التي تخطط لعبور الحدود إلى مصر بدونه. وقال: “أنا الوحيد في عائلتي الذي لا يستطيع السفر”.

ويضيف: “إننا نصلي من أجل افتتاح مكتب الجوازات، لكن مركز الجوازات الرئيسي يقع في الخرطوم وهو لا يعمل بسبب الحرب”.

ويتابع: “لم أتلق أي رد أو أي شيء من السفارة الإسبانية. جواز سفري قيم للغاية، وأحتاجه للهروب من هذه الحرب. وأكثر ما يؤلمني هو أنني لم أحصل على أي رد”.

وقال رجل آخر، طلب عدم نشر اسمه، إنه شعر بأنه “إنسان أقل” بعد أن قام الدبلوماسيون الإسبان بإجلاء أنفسهم ومواطنيهم من دون الرد على طلباته بإعادة جواز سفره.

وقال لبي بي سي إنه تمكن من عبور الحدود إلى إثيوبيا باستخدام جواز سفر قديم انتهت صلاحيته قبل عامين، لكنّ ذلك كان مجرد حظ.

وقالت وزارة الخارجية الإسبانية لبي بي سي: “أغلقت السفارة أبوابها أمام الجمهور ومنذ الإخلاء، لم تعد هناك إمكانية للوصول إليها، من بين أسباب أخرى بسبب المخاطر الأمنية الهائلة”.

وأشارت إلى أنه تم نشر تحذيرات بهذا الشأن على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت: “تم حث الأشخاص الذين تركوا جوازات سفرهم هناك (في السفارة) على الحصول على وثيقة سفر أخرى من السلطات السودانية”.

كما اتُهمت سفارة السويد في الخرطوم بالتقاعس عن إعادة جوازات سفر الأشخاص الذين تقدموا بطلب تأشيرة قبل إجلاء موظفيها.

وقال أحمد محمود، مخرج سينمائي يبلغ من العمر 35 عاماً، ويعيش حالياً في بورتسودان، بعد أن هرب من الخرطوم قبل يومين لبي بي سي، إنه كان تقدم بطلب للحصول على تأشيرة للمشاركة في مهرجان سينمائي سويدي.

وأضاف: “عندما بدأت الحرب، غادر طاقم السفارة من دون أي اعتبار لجواز سفري”. وتابع أنه في اليوم الذي بدأ فيه القتال، اتصل بالسفارة وقال إنه لم يعد يريد التأشيرة، وطلب استعادة جواز سفره.

وأشار إلى أنهم قالوا له “إنهم سينظرون في الأمر. كنت أتصل بهم في كل يوم، ثم في نهاية الأسبوع تم إخلاء السفارة السويدية. وقيل لي إنه لا توجد طريقة يمكنك من خلالها الحصول على جواز سفرك”.

وقال محمود إنه يخشى على سلامته: “إذا استمرت هذه الحرب، فسيكون عليّ المغادرة على الفور. سيكون الأمر سيئاً جداً لأناس مثلي، للمجتمع المدني والفنانين، وسيكون الأمر مثل ما فعله الرئيس عبد الفتاح السيسي في مصر”.

وأضاف أن جواز سفر زوجته كان معها “ولذا إذا أرادت المغادرة فلا يمكنني الذهاب معها”.

ويقول محمود إنه بمجرد حصوله على جواز سفر جديد، سيسافر إلى كينيا أو أوغندا أو إثيوبيا، لأنه يمكنه الحصول على تأشيرة عند وصوله إلى الحدود أو المطار.

وقالت وزارة الخارجية السويدية: “تم إجلاء موظفي السفارة وستواصل السفارة عملياتها من ستوكهولم. ولا تستطيع وزارة الخارجية التعليق بالتفصيل على الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السفارة قبل نقل عملياتها لأن ذلك من شأنه أن يلغي جدوى تلك التدابير”.

BBC Arabic

تعليقات الفيسبوك

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.