لماذا يتفرج الشعب السوداني على الحرب؟
لماذا يتفرج الشعب السوداني على الحرب؟
محجوب مدني محجوب
سؤال يفرض نفسه:
لماذا يتفرج الشعب السوداني على الحرب الدائرة في السودان الآن بين الفريق البرهان ممثل عن الجيش وبين الفريق حميدتي ممثل لقوات الدعم السريع؟
لماذا لم يخرج الشعب السوداني عن بكرة أبيه داعما ومساندا جيشه ويحسم المعركة لصالح جيشه؟
هل إذا هجمت قوة خارجية على الخرطوم هل سيكون موقف المواطنين مثل هذا الموقف الذي انحصر في الدهشة والمراقبة والمشاهدة على الحرب ؟
سببان رئيسيان أدا إلى وقوف السودانيين متفرجين على الحرب الدائرة بين الفريق البرهان والفريق حميدتي، وليس من هذه الأسباب كون الفريقين يحملون الجنسية السودانية.
وليس من هذه الأسباب كون الفريقين لهم قبائل وجهات تدعم كل فريق من الفريقين.
ليست هذه هي الأسباب التي جعلت السودانيين متسمرين لا يحركون ساكنا إزاء الحرب بين الفريق البرهان والفريق حميدتي.
فما هما هذان السببان إذن؟
السبب الأول: هو أن كلا الفريقين لا يمثل الثورة التي أسقطت النظام البائد.
فالجيش بقيادة الفريق البرهان جعل من الإجراءات التي قام بها منذ العام ٢٠١٨م مولد قيام ثورة ديسمبر جعلت هذه الإجراءات تشهد ضده.
هذه الإجراءات التي قام بها البرهان سواء المباشرة أو غير المباشرة جعلت منه عدوا للثورة لا ناصرا لها.
فمن الإجراءات المباشرة قيامه بحكومة الخامس والعشرين من أكتوبر.
ومنها عزله لرئيس وزراء الثورة وعدم جديته في إيجاد بديل له.
ومنها إرجاعه لقواعد النظام البائد لجميع المؤسسات الحكومية دون حسم لأي قضية من القضايا العالقة سواء تلك الخاصة بأرواح الشهداء أو تلك الخاصة بنهب وسلب ثروات البلد .
ومن الأسباب الغير مباشرة خطابه الغير صادق والغير ثابت في جميع تعامله مع أهداف الثورة.
فمرة يقول أنه مع الثورة، ومرة يقول أنه غير مستعد لتسليم الدولة لعشرة أشخاص.
ومرة يقول أنه ضد النظام البائد، ومرة لا يستطيع أحد أن يميز بينه وبين النظام البائد.
ومرة يدخل رموز قوى الحرية والتغيير السجن لدواعي جنائية على حد قوله، ومرة يفرج عنهم دون أي إشارة لتلك الدواعي الجنائية.
ومرة يقوم بتأسيس وبحماية (الاتفاق الإطاري) ومرة ينقلب عليه.
هذا الجو الذي أحدثه الفريق البرهان منذ ظهوره بعد قيام الثورة جعلت حتى المتعاطف معه لا يستطيع أن يقول عنه أنه مساند للثورة.
أما الفريق حميدتي فكونه زعيم لقوات الدعم السريع هذه القوات التي ارتبطت بالنظام البائد كما لا يمكن كذلك أن تنفك عن تاريخها الدموي في ولاية دارفور إبان الحكم البائد، فضلا عن ذلك فإن قواتها ليست قوات تنتسب للقوات النظامية لكل هذه الأسباب لا يمكن بحال من الأحوال أن تتبنى هذه القوات أهداف الثورة.
أقصى ما تصل إليه هي أن تقول أنها ليست عدوا لأهداف الثورة.
أقصى ما تصل إليه هي أن تقول أنها لن تقف حجر عثرة في وجه متطلبات الثورة.
أما أن تمثل قوات الدعم السريع الثورة
أو أن تكون اللواء الذي يحمل أهداف الثورة فلا تاريخها ولا شكل تأسيسها ولا إمكانيتها تسمح لها بذلك.
السبب الثاني: هو ارتباط الجيش بالنظام البائد لمدة ثلاثين عاما جعلت منه جسما على الأقل يحتاج لقيادة تجعل الشعب يثق فيه.
تجعل الشعب يعيد ارتباطه به كحامي لتطلعاته وبلاده.
أما أن يعيد الشعب ثقته في جيشه هكذا مباشرة دون ظهور رموز عسكرية وطنية تفصل بين العهد البائد وعهد ما بعد الثورة بحيث تعبر عن آمال الشعب فهذه الثقة أمر في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا.
لهذين السببين تفرج الشعب إزاء الحرب الدائرة بين الفريق البرهان والفريق حميدتي.
بالرغم من أن هذه الحرب يعتبر أول المتضررين منها هو المواطن، وبالرغم من أنه سوف يكون أول ضحاياها.
ظل هذا المواطن يتفرج على الحرب بسبب أن الجيش بقيادة البرهان بعيد عنه.
وبسبب بعد قوات الدعم السريع شكلا وموضوعا عن الشعب.