خلال 4 أشهر.. كيف غيرت الحرب حياة السودانيين؟
يئن السودان تحت وطأة ظروف معيشية وإنسانية بالغة الصعوبة، فمنذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منتصف أبريل الماضي، قتل الآلاف وهُجّر الملايين، وسط تدهور كامل للبنية التحتية في البلاد.
وتقول مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إديم وسورنو، التي زارت السودان أخيرا، إن “الوضع مقلق بشكل خاص في الخرطوم وكذلك مناطق دارفور وكردفان”.
وأضافت أن 80 بالمئة من المستشفيات في أنحاء البلاد لا تعمل، وأن 14 مليون طفل في السودان، أي نصف أطفال البلاد، بحاجة إلى دعم إنساني.
ويقول المحلل السياسي السوداني البشير دهب لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “منذ 15 من أبريل الماضي وإلى الآن تزداد الأوضاع الإنسانية والأمنية في السودان سوءا يوما بعد يوم، فبينما تواجه القوات المسلحة قوات الدعم السريع في مدن العاصمة وولايات درافور وكردفان، يواجه السودانيون يوميا معاركهم من أجل لقمة العيش في ظل ظروف بالغة التعقيد”.
وأسفرت الحرب في السودان، التي تتركز في الخرطوم وضواحيها وفي إقليم دارفور غرب البلاد وبعض المناطق الجنوبية، عن مقتل نحو 3900 شخص على الأقل، ودفعت أكثر من 4 ملايين آخرين إلى النزوح عن منازلهم، وفق الأمم المتحدة.
مصانع خارج الخدمة
وبحسب دهب، خرجت 80 بالمئة من المصانع الحكومية في الخرطوم تماما عن الخدمة، بينما تعرض مخزون استراتيجي سلعي كبير للنهب والدمار، وفقد آلاف الموظفين والعمال مصدر رزقهم، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية بجانب انهيار كبير للقطاع الصحي وندرة الأدوية.
ويشير إلى أن “هذا غيض من فيض مقارنة بتدهور الوضع الأمني، خاصة في ولايات درافور وكردفان، مع نشوب مواجهات إثنية وقبلية دامية، إذ تعد تلك المناطق الأكثر هشاشة في السودان اجتماعيا وأمنيا”.
وذلك “إلى جانب موجات نزوح كبيرة داخل البلاد في مناطق آمنة نسبيا، لكنها تواجه أصلا مشكلات خدمية واقتصادية كبيرة”، وفق دهب.
وضع كارثي
رغم توالي المبادرات الإقليمية والدولية الرامية لوقف الحرب أو إيصال المساعدات الإنسانية على الأقل، فإن الصراع في السودان يتوسع يوما بعد يوم، وفقا لدهب.
كانت المواجهات الدامية تتركز في البداية في مدن العاصمة الثلاثة (الخرطوم، بحري، أم درمان)، مما أدى إلى إحداث دمار كبير في البنية التحية.
بعد أسابيع من اندلاع المعارك، تجددت صراعات أكثر دموية في مدن دارفور خاصة الجنينة، في أشبه ما يكون بحرب أهلية أكثر من كونها مواجهات بين الجيش والدعم السريع، وفق دهب.
يقول المحلل السياسي إن “السودانيين يتطلعون جميعا إلى صوت الرحمة وسط أصوات القذائف الصاروخية وزخات الرصاص، وهذا ما يفسر التفاؤل الشعبي الكبير في مباحثات جدة، إذ يعلق عليها السودانيين آمالا عريضة في إحداثها اختراق لأن الظروف الاقتصادية لم تعد تطاق”.
للمفارقة، أصبح مواطنو دولة وصفت ذات يوم بأنها سلة غذاء العالم العربي، أحوج ما يكون لمساعدات الغذاء والدواء، فضلا عن حاجة ماسة لحل جذري وشامل للأزمة السودانية، بحسب دهب.
مخاطر خارجية
ومع بروز جبهة مواجهات بين الحكومة الإثيوبية وقوات متمردة عليها في الحدود الشرقية للسودان، تظهر مخاوف أمنية كبيرة في الشرق الذي كان يوصف بعروس السودان المتكئة على البحر الأحمر، تنذر باندلاع صراع فيه.
ويرى دهب أن “الوضع المعيشي والصحي والأمني في السودان يزداد سوءا وخطورة، ولم تعد هناك طبقة وسطى الآن فمعظم السودانيين يخوضون معركة البقاء (الغذاء والدواء) في ظل اقتتال الجيش والدعم السريع”.
سكاي نيوز