هل تواجه الجامعات السودانية “مصيرا مجهولا” إذا استمر الصراع؟

تواجه العملية التعليمية في السودان ظروفا قاسية منذ سنوات ازدادت حدتها في الأشهر الأخيرة بعد اندلاع الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، الأمر الذي حول الخرطوم وضواحيها إلى مدينة غير آمنة للعيش أو التعليم.
ولهذه الأسباب، قرر القائمون على التعليم تأجيل الدراسة في الجامعات الحكومية والخاصة إلى منتصف الشهر المقبل، أملا في أن يتم التوصل إلى وقف الصراع.
بداية، يقول الوليد مصطفى، مدير جامعة دنقلا، إن الجامعات السودانية تأثرت كثيرا بالحرب الدائرة منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي في العاصمة الخرطوم، ولم تكن جامعة دنقلا كواحدة من الجامعات الحكومية بعيدة عما يجري.
الناحية الأمنية
وأضاف مصطفى، في حديثه لـ”سبوتنيك”: “كان لدينا ترتيبات لفتح الجامعة في شهر أغسطس/ آب الماضي، لكن نظرا للظروف الحاصلة اليوم في البلاد، صدر قرار وزير التعليم العالي السوداني بتأجيل افتتاح كل الجامعات إلى شهر أكتوبر/ تشرين الأول القادم، نظرا لصعوبة وصول الطلاب إلى الجامعات، علاوة على عدم قدرة أولياء الأمور على الصرف على أولادهم نتيجة توقف العمل ومصادر الرزق والمرتبات”.
وأشار مدير جامعة دنقلا، إلى أن الجامعات الحكومية الموجودة في الخرطوم والمناطق القريبة منها والتي تدور فيها رحا الصراع، فيها طلاب من كل الولايات السودانية، لذا فإن عملية وصول الطلاب إلى الجامعة هو أمر بالغ الصعوبة، علاوة على أن الطريق غير آمن، إضافة لعدم جاهزية أماكن إقامة الطلاب بالجامعة (المدن الجامعية)، لأن تلك المدن الجامعية تحولت إلى مناطق إيواء للأسر النازحة من الخرطوم.
مناطق ساخنة
وحول شمول قرار وزير التعليم العالي جامعات الولايات التي ليس بها صراع مسلح، يقول رئيس جامعة دنقلا: “شمول قرار الوزير كل الجامعات الحكومية حتى بالولايات التي ليس بها أي صراعات ومستقرة، يأتي لأن معظم طلاب تلك الجامعات أيضا من الخرطوم ودارفور وهي مناطق ملتهبة”.
وأكد أن قرار وزير التعليم العالي قد حدد موعد فتح الجامعات في النصف الثاني من شهر أكتوبر المقبل، وبالتأكيد أن هذا يرتبط بتحسن الأوضاع على الأرض وعودة الحياة إلى طبيعتها.
الدفعات المتراكمة
ولفت الوليد مصطفى إلى أن “عملية التأجيل سيكون لها تأثير على العملية التعليمية، نتيجة التراكم في الدفعات، لكننا نعمل على إيجاد معالجات لتلك التراكمات في الدفعات، ومن بين تلك المعالجات هو العمل بنظام الشفتات حتى نستطيع تعويض الفترة التي توقفنا فيها، وهذا الأمر سوف ينطبق على طلاب العام الماضي الذين لم يكملوا عامهم الدراسي”.
القرار البديل
من جانبه، يقول محمد الناير، الأستاذ بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا في الخرطوم، إنه كان بإمكان وزير التعليم العالي أن يصدر القرار بتعليق الدراسة في الولايات التي تشهد عمليات عسكرية فقط بدلا من توقيف الدراسة في كل الجامعات الحكومية في السودان.
وأشار في حديثه لـ”سبوتنيك”، إلى أن هناك أكثر من 14 ولاية سودانية لا توجد فيها أي عمليات عسكرية، ومن الممكن استئناف الدراسة في تلك الولايات إذا ما تم التغلب على بعض الإشكاليات، وهنا يمكن بدء العام الدراسي بصورة جيدة في الجامعات التابعة للولايات.
وتابع الناير: “أول تلك العقبات التي تقف في طريق فتح الجامعات في الولايات هى عدم انتظام الرواتب الشهرية للأساتذة والموظفين”، مشيرا إلى أن إيجاد سكن بديل للأسر التي تسكن في المدن الجامعية أمر يمكن أن يتم طلبه من حكام تلك الولايات.
اتضاح الرؤية
وأضاف الأكاديمي السوداني: “بالنسبة للجامعات التي تقع في ولاية الخرطوم، فهذه الجامعات كان بإمكانها فتح مكاتب لها بورتسودان أو في ولايات أخرى، وتقوم بالإجراءات الإدارية في المرحلة الأولى، مثل استخراج الشهادات والإجراءات الخاصة بالدراسات العليا، كمرحلة لحين اتضاح الرؤية فيما يتعلق بولاية الخرطوم ومصير الحرب الدائرة بها”.
وأوضح الناير: “في حال انتهاء الحرب خلال الفترة القليلة القادمة يكون الإجراء هو كيفية استعادة جامعات الخرطوم عملها وتقييم حجم الخسائر في البنى التحتية التي لحقت بها خلال الفترة الماضية أو فترة الحرب، وهل تصلح المباني وغيرها لعودة العملية التعليمية إليها، أم أنها تحتاج إلى بعض الوقت”، مضيفا: “أعتقد أن هذا هو الرأي الأرجح والأنسب، بدلا عن قرار إيقاف الدراسة في كل الجامعات”.
وكان محمد حسن دهب، وزير التعليم العالي والبحث العلمي السوداني، قد أصدر قرارا قبل أيام بتأجيل الدراسة في الجامعات الحكومية والخاصة نظرا للظروف التي تمر بها البلاد، بحسب وسائل إعلام سودانية.
وأعلن وزير التربية والتعليم السوداني محمود سر الختم الحوري، أن الوزارة ستعتمد خطة بديلة في حال استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، حتى منتصف أكتوبرالمقبل، وهو موعد انطلاق العام الدراسي الجديد.
وتتضمن الخطة البديلة إعادة توزيع الطلاب والأساتذة على الولايات المستقرة لضمان استمرارية التعليم في العام الجديد.
وأوضح الحوري، في مقابلة خاصة مع وكالة “سبوتنيك”، أن الوزارة اتخذت خطة طارئة منذ بداية الحرب في أبريل الماضي، لمواجهة تداعيات الصراع، تركزت على تعزيز إمكانيات المؤسسات التعليمية في الولايات الأخرى لزيادة قدرتها على استيعاب الطلاب.
وفي حال استمرار المواجهات العسكرية، ستتم إعادة توزيع البنية التعليمية في السودان وفقًا لظروف الحرب على الأرض، حسبما ذكر الحوري، الذي أوضح أن الوزارة ستدعم التعليم من خلال تأمين رواتب المعلمين وطباعة الكتب المدرسية، وأنها تلقت تعهدات من وزارة المالية بتوفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة، ضمن جهود معالجة تداعيات الصراع واستعادة نظام التعليم في السودان.
وأشار وزير التعليم السوداني إلى أن استئناف الدراسة ليس أمرا صعبا، ولكنه يتطلب إعادة إعمار البنية التحتية بعد انتهاء الصراع في البلاد.
وستكون هذه العودة مرتبطة بعدة شروط، بما في ذلك استعادة الأمان في العاصمة الخرطوم وتحقيق التزام المجتمع الدولي بدعم اقتصادي لإنشاء صندوق إعادة الإعمار المتوقع. على الرغم من وجود تحديات تواجه قطاع التعليم، إلا أن الوزارة ستكون قادرة على التصدي لهذه التحديات عند انتهاء الصراع.
يذكر أن الجيش السوداني كان قد رد، يوم أمس الأحد، على اتهامات قوات الدعم السريع له بقصف مدنيين في حي مايو جنوبي العاصمة الخرطوم، قائلا إن “القوات المسلحة لا يمكن أن توجه نيرانها لشعبها الذي يعلم ذلك، ويشهد في نفس الوقت على الفظائع غير المسبوقة في تاريخ البلاد التي ارتكبتها المليشيا المتمردة ومرتزقتها الذين جلبتهم من خارج الحدود بحق الشعب السوداني”.

سبوتنك


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.