تجدد القتال حول القصر الرئاسي في الخرطوم

لليوم الثالث على التوالي، تتواصل المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، إذ هزت انفجارات قوية، يوم الاثنين، العاصمة الخرطوم، وتركزت حول القصر الرئاسي وقيادة الجيش ومبانٍ حكومية قريبة من القصر في شارع النيل.

وقال سكان من المناطق المجاورة لمواقع القتال في وسط المدينة، لـ«الشرق الأوسط»، إن الانفجارات ناتجة عن تبادل القصف المدفعي بين الجيش وقوات «الدعم السريع» التي كثفت هجومها منذ يوم السبت على مقر قيادة الجيش من عدة اتجاهات. وأضافوا أن ألسنة اللهب وسحب الدخان المتصاعدة بكثافة في سماء المدينة تشير إلى حجم الحرائق الضخمة والدمار الكبير الذي لحق بالمباني المستهدفة، جراء عمليات القصف المدفعي والجوي.

وكان قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان قد تمكن مؤخراً من الخروج من مقر قيادة الجيش؛ حيث تقول قوات «الدعم السريع» إنها كانت تحاصره من اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) الماضي؛ غير أن عدداً من بقية قيادات الجيش لا تزال موجودة في المقر المعروف باسم «القيادة العامة».
تحوّل الخطط العسكرية
وكثفت قوات «الدعم السريع» هجماتها على «القيادة العامة» للجيش بهدف السيطرة عليها، وهو ما عده البعض تحوّلاً في خططها العسكرية التي كانت تركز طوال الأشهر الخمس الماضية على الاستيلاء على مقر سلاح المدرعات في جنوب الخرطوم، الذي يعد السلاح الأهم في أيدي الجيش، وذلك بهدف تحييده ثم الانطلاق منه لتطويق مقر القيادة العامة للجيش، الذي يدير منه القادة العسكريون العمليات الميدانية.

ومنذ اندلاع الاشتباكات في منتصف أبريل الماضي التي انطلقت من وسط الخرطوم، تسيطر قوات «الدعم السريع» على القصر الرئاسي وبعض الأجزاء الغربية من مقر قيادة الجيش. وأفاد شهود عيان تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأن القصف المتواصل استهدف محيط القصر الرئاسي في وسط الخرطوم؛ حيث يوجد عدد من الوزارات والمقرات الحكومية. وأضاف الشهود أنهم سمعوا أصوات القذائف المدفعية، وشهدوا بوضوح حريقاً كبيراً في اتجاه جسر «المك نمر» من الناحية الغربية لوسط الخرطوم.

وأطلق الجيش قذائف مدفعية طويلة المدى من قاعدة «وادي سيدنا» الجوية في شمال مدينة أمدرمان، على مواقع قوات «الدعم السريع» في أنحاء متفرقة من العاصمة. وغطى الدخان الأسود الكثيف سماء العاصمة السودانية، بينما أظهرت صور تمّ تداولها على مواقع التواصل، تهشم نوافذ مبانٍ عدة في وسط الخرطوم، واختراق الرصاص لجدرانها.
سلاح الطيران
وقال عدد كبير من سكان الخرطوم إنهم أصبحوا يخشون القصف «العشوائي» لسلاح الطيران الذي يملكه الجيش منفرداً: «لأنه يقتل أعداداً أكبر كثيراً من أعداد ضحايا القصف المدفعي أو الرصاص الطائش» من المدنيين الأبرياء. وسقط 51 قتيلاً على الأقل الأسبوع الماضي في قصف جوي استهدف سوقاً في حي مايو، بينما اتهمت قوات «الدعم السريع» الجيش بشن غارات على مواقع مدنية، بسبب معلومات استخبارية خاطئة يتلقاها الجيش حول مواقع وجود تمركزات قوات «الدعم السريع».

ويتبادل طرفا القتال الاتهامات باستمرار، بالتعمد في تخريب وتدمير البني التحتية والمنشآت القومية التي طالت معالم شهيرة في العاصمة، مثل برج شركة «النيل للبترول»، ومقرات وزارة العدل وديوان الضرائب وهيئة المواصفات والمقاييس.

وقالت وزارة الخارجية إن «ميليشيا قوات (الدعم السريع) تواصل جرائمها التي تستهدف القضاء على مقومات الدولة، باللجوء إلى عمليات التخريب والحرائق، في إطار حملة ممنهجة لتدمير العاصمة القومية». وأضافت في بيان باسم المتحدث الرسمي للخارجية، أن «الدعم السريع» ارتكب سلسلة حرائق استهدفت عدداً من المؤسسات الاقتصادية والمباني التجارية الرئيسية التي تعد من ركائز الاقتصاد الوطني. ومن جانبها اتهمت قوات «الدعم السريع» سلاح الطيران الحربي التابع للجيش بقصف متعمد للبنى التحتية والمناطق الحيوية في الخرطوم بغرض تدميرها. كما اتهمته بقصف مناطق مكتظة بالمدنيين، مثل الأسواق الشعبية وأحياء سكنية.
دمار البُنى التحتية
ودمّر النزاع البُنى التحتية الضعيفة أصلاً، وتسبب في إغلاق 80 في المائة من مستشفيات البلاد، وأغرق ملايين الأشخاص في وضع أشبه بالمجاعة الحادة. وتسبب الصراع في اندلاع اشتباكات واسعة النطاق، بالإضافة إلى أعمال نهب وسلب، مما سبب نقصاً في الأغذية والأدوية في الخرطوم ومدن أخرى، ودفع ما يزيد على 5 ملايين للفرار من ديارهم.

ومنذ اندلاع المعارك في السودان قُتل نحو 7500 شخص، ومن المرجح أن تكون الأعداد الفعلية أعلى بكثير، بينما اضطر نحو 5 ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور إلى دول الجوار؛ خصوصاً مصر وتشاد. وفرّ نحو 2.8 مليون شخص من الخرطوم التي تشهد قصفاً جوياً، وكذلك بالمدفعية الثقيلة، وحرب شوارع في مناطق سكنية.

الشرق الأوسط


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.