وافق مجلس الوزراء المصري خلال اجتماعه، الأربعاء، على إيقاف تصدير البصل لمدة ثلاثة أشهر، تنتهي آخر هذا العام، وذلك في إطار ضبط الأسعار في الأسواق، بعدما حلقت بأكثر من 100 في المائة خلال الفترة الأخيرة. إلا أن لهذا القرار أسبابه، بحيث يرتبط بحلقة واسعة من الاضطرابات التي تطاول هذه السلعة الحيوية، والمطابخ أصبحت في مختلف أنحاء العالم تذرف الدموع بسبب النقص الحاد في هذا المنتج… فما القصة؟
سببت الأمطار غير الموسمية في الولايات الهندية التي توفر في الغالب البصل عالي الجودة، إتلاف بعض الخضروات الموجودة في المخازن، فارتفعت الأسعار بنحو كبير، ما حدا الهند في أغسطس/آب إلى فرض رسوم تصدير كبيرة بنسبة 40 في المائة على البصل، اعتباراً من نهاية عام 2023، في خطوة لمعالجة الأسعار المرتفعة.
يعزو المحللون، بحسب موقع “بزنس ستاندرد”، الارتفاع المثير للقلق في أسعار البصل إلى عمليات المضاربة في الهند، الناجمة عن انخفاض مساحة البصل خلال موسم الرياح الموسمية واستنفاد مخزونات المحصول الشتوي. وكان لهذا الارتفاع في أسعار الخضروات الأساسية، بما في ذلك الطماطم والبصل، تأثير مضاعف، ما جعل الأسر غير قادرة على تحمّل تكاليف المواد الغذائية الأخرى مثل الحبوب والبقول والحليب.
الهند تواجه ارتفاع الأسعار
وبينما تواجه انتقادات بشأن الأزمة، اختارت الحكومة الهندية نهجاً متعدد الأوجه يهدف إلى استعادة الاستقرار في السوق. وتشمل التدابير المتخذة حظر صادرات البصل، من بين أمور أخرى. بالإضافة إلى ذلك، تستكشف الحكومة سبلاً مختلفة لتوزيع البصل، بما في ذلك المزادات الإلكترونية ومنصات التجارة الإلكترونية والأسعار المخفضة المقدمة من خلال منافذ البيع بالتجزئة المملوكة للدولة والتعاونيات الاستهلاكية والشركات.
وأدى قرار الهند التي تعتبر مصدراً رئيسياً للبصل إلى اضطرابات في الأسعار حول العالم، وما زاد الطين بلة، الانقلاب الأخير في النيجر الذي سبب اضطرابات في سلسلة توريد البصل، ما أثر خصوصاً بغانا، وهي مستورد رئيسي للبصل من النيجر.
ووفقاً لوزارة الأغذية والزراعة، يُستورَد حوالى 80 بالمائة من البصل المستهلك في غانا، معظمه من النيجر وبوركينا فاسو. ويقال إن 43% من هذه الواردات تأتي من النيجر وحدها.
وقد أثار إغلاق الحدود وفرض العقوبات من قبل الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مخاوف بشأن النقص المحتمل في البصل، بل في الواقع، ارتفاع الأسعار، وهو ما تشهده الأسواق المحلية بالفعل، وفقاً لتقرير نشره موقع تلفزيون “سيتي” الغاني الأسبوع الماضي.
امتداد أوروبي
وفي أوروبا واجه المتسوقون فترة طويلة من تضخم أسعار البصل، بعد أن ارتفعت أسعار الجملة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 500% تقريباً خلال عام بعد تشديد كبير في العرض.
وذكر موقع “ذا غروسر” البريطاني أن هناك نقصاً قدره مليون طن من البصل في الاتحاد الأوروبي هذا العام بسبب الطلب المحلي “القوي” وضعف المحاصيل المتضررة من سوء الأحوال الجوية، وفقاً لشركة Mintec، ما أدى إلى زيادة بنسبة 483% في أسعار الجملة في الكتلة.
ومع اعتماد المملكة المتحدة كثيراً على البصل المستورد من الاتحاد الأوروبي، فإن الارتفاع الهائل يغذي بالفعل أسعار السوبر ماركت.
وقال هاري كامبل، المحلل في شركة مينتك، إن ارتفاع الأسعار يعزى إلى تقلص الإمدادات، خصوصاً في مصر، وهي مصدر رئيسي للاتحاد الأوروبي “وتعاني من نقص في الإنتاج”. وأضاف: “لا يتوقع المشاركون في السوق أي انخفاض في الأسعار حتى يبدأ الحصاد الأوروبي، نظراً لنقص الإنتاج في السوق بأكملها”.ودمر الصقيع مخزونات ضخمة من البصل في كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقيرغيزستان، وخوفاً من النقص في السوق المحلية، حظرت هذه الدول تصدير البصل. وفي باكستان، دمرت فيضانات العام الماضي قسماً كبيراً من المحصول، وبعد ذلك اضطرت البلاد التي تصدر البصل عادة إلى استيراده.
وقيدت تركيا تصدير البطاطس والبصل بعد أن أثر فيضانان متتاليان في نوفمبر/تشرين الثاني، وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، ثم ارتفعت الأسعار بشكل كبير في البلد بعد زلزال مميت. ومن ثم حظرت تركيا تصدير البصل، وكذلك أذربيجان.
العربي الجديد