في مقابلة مع “الحرة”.. البرهان ينتقد “حكومة حميدتي” ورسالته للأمم المتحدة

انتقد رئيس مجلس السيادة السوداني، عبدالفتاح البرهان، قوات الدعم السريع والرسالة التي وجهها قائدها، محمد حمدان دقلو “حميدتي” للجمعية العامة للأمم المتحدة، الخميس، واصفا تلويح الأخير بإنشاء حكومة منفصلة بأنها مخصصة “للاستهلاك الإعلامي”.

وقال البرهان في مقابلة خاصة مع “الحرة” لدى سؤاله عن رسالة حميدتي إنه “لا يستمع إلى أحاديث لا يعلم مصدرها، خاصة وأن هذه القوات تحارب وقتلت المواطنين في الجنينة والخرطوم ونهب ممتلكاتهم واغتصب نساؤهم واستولى على سياراتهم ومقتنياتهم”.

واستطرد بالحديث أن “الشعب السوداني كله متضرر من الحرب ونهبت ممتلكاتهم، حيث نرى الخراب والدمار في كل مكان”.

ودعا البرهان في حديثه لـ “الحرة” خلال تواجده في نيويورك حيث ألقى بكلمة في الأمم المتحدة، المجتمع الدولي، إلى تصنيف قوات الدعم السريع “منظمة إرهابية”.

وأكد أن مجلس السيادة السوداني، منذ أبريل عام 2019، قدم تعهداته والتزاماته بتسليم السلطة للمدنيين “بحكومة مدنية خالصة تشرف على إجراء الانتخابات”، من دون تحديد أي مدة زمنية مشيرا إلى أنها ترتبط بـ”انتهاء الحرب” والأوضاع الأمنية في البلاد.

واستعرض الخطوات التي ستلي الحرب في السودان، بإجراء “حوار سياسي يفضي إلى حكومة مدنية تشرف على المرحلة الانتقالية، ثم انتخابات”.

وأكد البرهان أنه لم يعد هناك ما يسمى بـ”قوات الدعم السريع في السودان، والموجود قوة متمردة تحارب الدولة، وترتكب جرائم حرب” مطالبا دول العالم بمساعدة الحكومة السودانية في وقف الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني.

وذكر أن “القنوات دبلوماسية لا تزال تعمل في التواصل مع الولايات المتحدة”، معربا عن أمله أن تطال العقوبات الأميركية جميع قوات الدعم السريع وكل من ينتمي لها.

وقال البرهان في كلمة له خلال اجتماعات الأمم المتحدة إن الشعب السوداني يواجه حربا مدمرة، منذ 15 إبريل، شنتها “قوات الدعم السريع المتمرد بتحالف مع ميليشيات قبلية وإقليمية ودولية لتقوم بأبشع الجرائم بحق المدنيين”.

واعتبر أن “الحرب في السودان ليست مجرد حرب داخلية لكنها شملت كل مقومات الدولة”، وقال إن “قوات الدعم السريع حاولت طمس الهوية السودانية”.

ونفى الاتهامات التي وجهت للجيش السوداني بارتكابه أي انتهاكات بحق المدنيين، مشيرا إلى أن “القوات السودانية تتمركز في أماكن محددة ولا تهاجم، وهي تدافع عن نفسها، وهو أمر معلوم للجميع”.

ويرى البرهان أن تواجده في نيويورك مع استمرار العمليات العسكرية لا يمثل انهزاما إنما “انتصارا، إذ تتواجد هيئة عسكرية تدير العمليات في البلاد، وهي ليست مرتبطة بشخص واحد فقط”.

وزاد أن الجيش السوداني يبذل “قصارى جهده لاستعادة الأوضاع والسيطرة على جميع المناطق”.

وردا على الاتهامات بشأن تقصير استخباراتي في عدم كشف خطط قوات الدعم السريع، قال البرهان إن هذه “القوات المتمردة كانت متواجدة في قلب المنظومة العسكرية، وما حصل منها أمر مشين”.

وتساءل عن تهديدات حميدتي بإمكانية تشكيله لحكومة بقوله: “أين يمكن لقوات الدعم السريع أن تشكل حكومة؟ هذا هوس في رأس بعض الأشخاص.. هذا حديث ربما للاستهلاك الإعلامي فقط”، مؤكدا أنه لا توجد أي “نزعة انفصالية لدى السودانيين، والجميع على قلب رجل واحد”.

وأضاف “هناك مؤشرات بتواجد دعم من بعض الدول لجهة يعتبرها مجلس السيادة جهة متمردة وخارجة عن الدولة”، مشيرا إلى توفر شواهد على الأرض “مثل وجود أسلحة .. لدى الدعم السريع، لم تكن متوفرة سابقا”.
وحول المبادرات لحل أزمة السودان وصف البرهان “المبادرة السعودية بأنها أفضل ما طرح حتى الآن، ومتى ما كانت هناك دعوة للانخراط فيها سنكون أول المستجيبين”، مضيفا أنه “ربما سيزور الرياض في مقبل الأيام”.

وكان البرهان قد حذر في خطابه بالأمم المتحدة من أن “خطر حرب السودان يهدد دول الجوار والإقليم، وقد تكون شرارة لانتقال الصراع لدول أخرى في المنطقة”.

وفي رسالة مسجلة وجهها، الخميس، إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، تحدث حميدتي عن رؤيته لوقف الحرب، التي بدأت في 15 أبريل الماضي، ومفاوضات العملية السياسية التي سبقتها، وتطورات الوضع على الأرض حاليا.

وقال في الكلمة التي نشرها على حسابه على موقع إكس، تويتر سابقا، إن “النظام السابق أشعل الحرب في السودان بعد أن انتفض ضده الشعب”، مضيفا أن اتساع نطاق الحرب في السودان يهدد السلام والأمن في المنطقة، وحذر من توغل داعش والجماعات الإرهابية في المنطقة عبر السودان.

ووجه حديثه إلى مبادئ الأمم المتحدة التي تتعارض مع الحرب والانتهاكات، قائلا إن “ما يحدث حاليا في السودان هو فعل إجرامي يقوّض بشكل مباشر أو غير مباشر الأهداف السامية والقيم النبيلة التي تأسست من أجلها منظمة الأمم المتحدة، وهي الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وحماية حقوق الإنسان”.

وأضاف أن “الحرب، التي سببت دمارا لم يسبق له مثيل في السودان، لا سيما في الخرطوم، تهدد باتساع نطاقها السلام والأمن في المنطقة”.

وتابع أن “مشاركة عناصر من جماعة داعش الإرهابية، التي ألقينا القبض على أميرها، محمد علي الجزولي، وقتلت موظف المعونة الأميركية، جون غرانفيل، في المعارك، تشير إلى احتمالية تحول السودان إلى مسرح جديد لنشاط الجماعات الإرهابية، التي تهدد الأمن والسلم الدوليين في القارة الأفريقية”.

واستكمل: “وهذا يزيد من خطر الجماعات الإرهابية في السودان إطلاق قيادة الجيش في إطار تحالفها مع الإسلاميين دعوات للمدنيين للمشاركة في الحرب”.

تحدث دقلو عن رؤية قوات الدعم السريع لحل الأزمة وإيقاف الحرب، قائلا إنه “يجب أن يكون البحث عن اتفاق لوقف إطلاق نار طويل الأمد مقرونا بمبادئ الحل السياسي الشامل، الذي يعالج الأسباب الجذرية لحروب السودان”.

وأضاف “ونظام الحكم يجب أن يكون ديمقراطياً مدنياً، يقوم على الانتخابات العادلة والحرة في كل مستويات الحكم”.

وتابع أن “المواطنين في أطراف السودان يملكون سلطات أصيلة لإدارة شؤونهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وينبغي أن يتفقوا عبر ممثلي أقاليمهم على السلطات التي تمارسها للقيام بما تعجز عن القيام به أقاليم السودان منفردة”.

وأكد على أهمية “العمل على إشراك أكبر وأوسع قاعدة سياسية واجتماعية ممكنة من الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة والمرأة من كافة مناطق السودان”.

كما تحدث دقلو عن “ضرورة تأسيس وبناء جيش سوداني جديد من الجيوش المتعددة الحالية، وذلك بغرض بناء مؤسسة عسكرية قومية مهنية واحدة”.

وتطرق حميدتي إلى موقفه منذ بداية عملية التحول السياسي التي سبقت الحرب، قائلا إن “قيادة القوات المسلحة المتحالفة مع قادة النظام القديم كانت تحاول باستمرار إعاقة الجهود المبذولة لإنجاح العملية السياسية، التي كانت على وشك الاكتمال”.

وأضاف “وافقنا في قوات الدعم السريع في سياق العمل من أجل العودة إلى مسار التحول الديمقراطي على مبدأ الجيش الواحد، واتفقنا مع قائد القوات المسلحة على المبادئ، التي كانت سوف تحكم عملية الإصلاح الأمني والعسكري وبناء الجيش الواحد”.

واستدرك قائلا: “لكن، لأن نية قيادة القوات المسلحة المعادية للتغيير والتحول الديمقراطي كانت هي تقويض العملية السياسية وإفشال الجهود الرامية إلى إقامة نظام ديمقراطي، تراجع عبد الفتاح البرهان وقيادة الجيش المتحالفة مع النظام القديم عن تلك المبادئ بإشعال الحرب في 15 أبريل”.

وتحدث قائد قوات الدعم السريع عن بداية اشتعال النزاع، وقال إنه بدأ “بمحاصرة قوة تابعة للقوات المسلحة معسكرات تابعة لقوات الدعم السريع جنوبي الخرطوم”.

وأشار إلى ما وصفه بمساعيه في وقف الحرب، قائلا: “حرصا منا على منع أي فتنة أو أزمة يمكن أن تؤدي إلى الحرب، قمت بالاتصال هاتفيا بقائد الجيش وبرئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتس وآخرين”.

وأضاف “لكن بعد اتصالاتي الهاتفية بقليل، بدأت القوات التي كانت تحاصر قوات الدعم السريع بالهجوم عليها، بينما بدأ سلاح الطيران التابع للقوات المسلحة السودانية بشن هجمات جوية مكثفة على معسكرات ومواقع قوات الدعم السريع”.

وتابع: “لم يكن هنالك من خيار أمامنا سوى ممارسة حقنا الطبيعي والمشروع في الدفاع عن النفس وصد العدوان. وهذه كانت هي بداية الحرب التي دمرت الخرطوم وتسببت في تشريد أكثر من أربع ملايين مواطن منها، وشردت الآلاف في دارفور وكردفان، وسببت أزمة إنسانية في المناطق التي تدور فيها العمليات العسكرية”.

ويشهد السودان، منذ منتصف أبريل، معارك طاحنة بين الجيش بقيادة البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة دقلو.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان قُتل نحو 7500 شخص، بينهم 435 طفلًا على الأقل بحسب البيانات الرسمية، في حصيلة يرجح أن تكون أقل بكثير من عدد الضحايا الفعلي للنزاع.

كما اضطر نحو خمسة ملايين شخص إلى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو اللجوء إلى دول الجوار، وخصوصا مصر وتشاد، بالإضافة إلى خروج 80 في المئة من مرافق القطاع الصحي في البلاد من الخدمة.

الحرة


انضم لقناة الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.