الملاريا خطر يتوعد العالم.. والفاعل تغير المناخ
في السنوات الأخيرة، تزايدت نسبة المصابين بمرض الملاريا بشكل كبير، ومن بين أسباب عديدة، يلعب تغير المناخ دورا مهما في هذا الانتشار.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن حوالي نصف سكان العالم تعرضوا لخطر الإصابة بالملاريا في عام 2021، وبلغ عدد حالات الإصابة 247 مليون حالة على نطاق العالم في نفس العام، توفي منهم نحو ٦١٩ ألفا.
وترى المنظمة أن الإقليم الأفريقي يتحمل النصيب الأكبر من عبء الملاريا العالمي، إذ حدثت فيه خلال عام 2021 نحو 95% من حالات الإصابة، و96% من الوفيات الناجمة عنها، كما كان الأطفال دون سن الخامسة يمثلون نحو 80٪ من مجموع الوفيات الناجمة عن الملاريا في الإقليم
العين الإخبارية” أجرت مقابلة مع “جين كول”، مسؤولة التواصل والمشاركة بالتحالف العالمي للصحة وتغير المناخ، لتسليط الضوء على انتشار الملاريا في السنوات الأخيرة بفعل تغير المناخ.
وإلى نص الحوار:
كيف يؤثر التغير المناخي على انتشار مرض الملاريا بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة؟
من المرجح أن يؤدي تغير درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار إلى زيادة تكاثر وانتشار البعوض الحامل للملاريا، إضافة إلى ظهوره في مناطق جديدة، أو بقائه لفترات أطول من الوقت كل عام، وبالتالي تزداد مساحة المناطق التي تتوطن فيها الملاريا.
لقد سمعنا من شركاء التحالف في مناطق متباينة من العالم، مثل أوغندا وبابوا غينيا الجديدة، أنهم يشهدون حالات ملاريا في مناطق المرتفعات ولم تكن الملاريا متوطنة هناك من قبل، وهذا أمر مثير للقلق لأن السكان الذين لم يتعرضوا للملاريا هم أقل استعدادا لاتخاذ تدابير وقائية، أي على سبيل المثال قد لا يكون لديهم أدوات للوقاية من البعوض، وليس لديهم مناعة تذكر ضد المرض، مما يعني أنهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض من أولئك الذين يعيشون في مناطق تعاني بالفعل من توطن الملاريا.
ما هي أهم الإجراءات التي يجب اتخاذها لمواجهة انتشار مرض الملاريا؟
توصي منظمة الصحة العالمية بالتشخيص المبكر لأن العلاج يساعد على الوقاية من المرض الشديد، والوفاة وكذلك يحد من انتشار الملاريا، إضافة إلى ذلك، سيكون من المهم تجهيز المرافق الصحية في المناطق التي قد تنتشر فيها الملاريا في المستقبل، بالموارد اللازمة لاختبار الملاريا وعلاجها.
ومنذ شهر أكتوبر عام 2021، أوصت منظمة الصحة العالمية بالاستخدام الواسع النطاق للقاح، بين الأطفال الذين يعيشون في مناطق ذات انتقال معتدل إلى مرتفع للملاريا المنجلية، كما أنه من المهم أيضًا زيادة التركيز على المراقبة، والتأكد من أن إدارات الصحة لديها طريقة لتحديد حالات التفشي المحتمل في المراحل المبكرة والاستجابة السريعة لها.
لماذا تحدث معظم الإصابات والوفيات بالملاريا في الدول النامية وخاصة في أفريقيا؟
لأن البعوض يستطيع البقاء والتكاثر في هذا المناخ، إضافة إلى ذلك، فإن الاستغلال التاريخي والمستمر لموارد القارة الأفريقية، مع الإقراض المشروط الذي يتطلب من الحكومات خفض إنفاقها الاجتماعي، أدى إلى نقص التمويل المخصص للإنفاق على الرعاية الصحية في المنطقة، وبالتالي لا يزال الوصول إلى الرعاية الصحية ذات الموارد الجيدة محدودًا في بعض البلدان الأفريقية، وخاصة في المناطق الريفية.
وقد يكون من الصعب أو المستحيل على بعض الأشخاص المصابين بالملاريا أن يسافروا إلى مركز صحي بعيد، على سبيل المثال، قد يعيش الشخص في مجتمع لا يمتلك فيه سوى عدد قليل من الأشخاص سيارات أو وسائل للنقل، أو حيث قد يعاني الأشخاص من صعوبة تخطي الحواجز الجغرافية، أو صعوبة التحرك والتنقل بسبب النزاعات.
وتطلب بعض المراكز الصحية، إن لم يكن معظمها، من الأشخاص دفع تكاليف علاجهم وأدويتهم، وقد لا يتمكن الناس من تحمل تكاليف ذلك.
وتاريخياً، كانت العديد من المشروعات العالمية المخصصة لدعم الصحة موجهة فقط للأمراض بشكل محدد، حيث تم إنشاء برنامج لتطعيم الأطفال ضد شلل الأطفال، أو علاج فيروس نقص المناعة البشرية، وقد أدى هذا إلى تطوير فكرة الرعاية المنعزلة بدلاً من أنظمة صحية شاملة ومتكاملة، كما أن الأشخاص الذين يعيشون في هذه المناطق محرومون من المحددات الاجتماعية للصحة ، فأصحاب الدخل المنخفض هم أكثر عرضة للنتائج الصحية السيئة، في وقت تعاني فيه النظم الصحية من نقص التمويل، ولا تستطيع تحمل تكاليف الأدوية وغيرها من أشكال الرعاية اللازمة.
هل هناك نصائح فردية للأشخاص في المناطق الموبوءة لحماية أنفسهم؟
استخدم كل الأدوات اللازمة لمنع نفسك من التعرض للدغات البعوض، مثل استخدام الناموسيات، وارتداء ملابس طويلة، واستخدام المواد الطاردة للبعوض، بالإضافة إلى الحواجز التي تحمي النوافذ.
مؤتمر الأطراف COP28 على الأبواب، هل هناك موضوعات معينة يجب أن تكون أولوية للمناقشات؟
يجب أن يكون هناك أولوية لمناقشة تكيف قطاع الصحة مع تغير المناخ، والطريق لتحقيق الهدف العالمي للتكيف، وضخ التمويل من البلدان المتقدمة إلى المنخفضة الدخل لمساعدتها على تحقيق أهدافها ، إضافة إلى مناقشة التخفيف لمنع تفاقم التهديدات الصحية في المقام الأول، بما في ذلك التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري.
بشكل عام كيف يؤثر التغير المناخي على الصحة ويسبب انتشار الأمراض؟
يخلق المناخ الدافئ ظروفًا مثالية لانتقال الأمراض المنقولة بالغذاء والمياه وبواسطة النواقل، مما يؤدي إلى نقل الأمراض إلى السكان الذين لم يتعرضوا لها من قبل وتقويض عقود من التقدم في مجال الصحة العامة العالمية.
ويمكن أن تؤدي الظواهر الجوية المتطرفة، بما في ذلك حالات الجفاف والفيضانات، إلى تلوث مياه الشرب بأمراض مثل الكوليرا وأمراض الإسهال، ويمكن أن تؤدي أيضًا إلى إنشاء برك ومياه راكدة تمثل بيئة تكاثر مثالية للبعوض الذي ينقل الملاريا، وحمى الضنك، والحمى الصفراء وداء الليشمانيا والشيكونغونيا.
أيضا، تسبب موجات الحر وغيرها من الظواهر الجوية القاسية آلاف الوفيات والإصابات، بالإضافة إلى سوء التغذية الناجم عن انخفاض المحاصيل الزراعية، وانتشار الأمراض المنقولة بالمياه بسبب الفيضانات التي تطغى على أنظمة الصرف الصحي أو الجفاف الذي يمنع الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، وتأثيرات الصحة العقلية بسبب القلق بشأن المستقبل أو الصدمة من الأحداث الماضية، إضافة إلى النزوح المناخي الذي يعني أن الناس يتحركون ويتعرضون لأمراض جديدة، أو أنهم يعيشون في ظروف تساهم في تدهور الصحة.
العين الاخبارية