جسور الخرطوم شاهدة على فن العمارة وداعمة للتنمية

جسور الخرطوم شاهدة على فن العمارة وداعمة للتنمية
الكاتب: عثمان الاسباط

تعد الجسور أحد أبرز الشواهد على الإبداع المعماري، إذ قربت المسافات بين المدن التي تفصلها الأنهار، فضلاً عن أنها أسهمت في النهضة الاقتصادية للدول وتنمية الحضارات البشرية في العواصم المختلفة.

وفي العاصمة السودانية ترتبط المدن الثلاث، الخرطوم وبحري وأم درمان بـ11 جسراً، إضافة إلى جسر الدباسين على نهر النيل الأبيض الذي لا يزال قيد الإنشاء منذ عام 2003، وتوجد ستة جسور على نهر النيل الأزرق وأربعة على النيل الأبيض وجسران على نهر النيل.

أهمية بالغة

وتضم قائمة الجسور في الخرطوم كلا من المنشية وشمبات والحلفايا وكوبر والمك نمر وتوتي، وكذلك الإنقاذ والنيل الأبيض وسوبا والنيل الأزرق وجبل أولياء والدباسين، وتمثل هذه الجسور أهمية بالغة في دعم مشاريع البنية التحتية وخدمة الأغراض التنموية والاقتصادية في البلاد.

ويربط جسر النيل الأبيض الذي أُنشئ بين عامي 1924 و1926 ويبلغ طوله 613 متراً العاصمة الخرطوم بمدينة أم درمان.

أما جسر المك نمر الذي افتتح عام 2007 فيبلغ طوله 523 متراً وعرضه 22 متراً، ويربط الخرطوم بمدينة بحري ويمثل شريان حياة للمدينتين ويمر من ناحية العاصمة بجوار مبنى وزارة الخارجية والقصر الجمهوري، وجنوباً نحو المستشفيات الرئيسة بوسط الخرطوم وشمالاً إلى محطة المواصلات العامة، وأخذ تسميته من زعيم شهير من قبيلة الجعليين التي تسكن شمال السودان.

فيما افتتح جسر المنشية عام 2006 ويبلغ طوله 350 متراً، ويربط بين الخرطوم وضاحية الجريف شرق بمسارين للسيارات وبعرض 8.25 متراً في كل اتجاه وممرات للمشاة في كل جانب.

واشتق اسم جسر شمبات من الحي العريق بمدينة بحري وافتتح عام 1966 ويبلغ طوله 1050 متراً بعرض 23.6 متر، ويربط بين مدينة أم درمان والخرطوم بحري لتسهيل حركة المرور والحد من الاختناق في مدن العاصمة الثلاث.

الأطول في الخرطوم

ويعتبر جسر الحلفايا الذي افتتح عام 2011 أطول جسور العاصمة وصمم لمرور الشاحنات الثقيلة، ويشمل ست مسارات للمرور ويبلغ طوله 910 أمتار بعرض 27 متراً، ويربط بين مدينة بحري وأم درمان.

واشتق اسم جسر كوبر من منطقة كوبر الواقعة شمال الخرطوم ويبلغ طوله 800 متر، ويستوعب ممرين لعبور السيارات في الاتجاهين، وبني من الخرسانة المسلحة ويربط بين الخرطوم على النيل الأزرق والمدينة الصناعية شمال العاصمة.

ويعد جسر النيل الأزرق من أوائل مشاريع البني التحتية التي نفذت بغرض مرور السكة الحديد عام 1910 في عهد الإدارة الإنجليزية، وكان من أهم أسباب تشييده تسهيل حركة انسياب القطارات إذ يعبر فوقه القطار ليصل إلى الضفة الثانية من النهر عند محطة سكة الحديد بالخرطوم، ويبلغ طوله أكثر من نصف كيلو متر ويتكون من مسارين لعبور السيارات والقطارات وآخر جانبي للمشاة، واستخدم إبان الاستعمار الإنجليزي في نقل العتاد الحربي القادم من لندن والقاهرة.

في حين بدأ العمل في جسر الإنقاذ عام 1994 وكانت التربة الرخوة بجهة أم درمان إحدى معوقات هذا المشروع، إلا أنه تم التغلب على هذه المعضلة باستخدام طريقة ركائز الحجر المكسور، ولتعقيد تركيب الجسر فقد احتاج العمل إلى تقنيات متطورة وذلك لبعدها عن بعضها بعضاً ولارتفاع الجسر الكبير فوق سطح النيل، ليفتتح عام 2000 بطول 4400 متر، وينتهي في أم درمان والخرطوم بتقاطعات مرورية.

جسور مائية

افتتح جسر سوبا عام 2017، وهو أحد منظومات الطريق الدائري الذي يربط مناطق الإنتاج في ولاية الخرطوم ومنافذ الصادر إلى ميناء بورتسودان شمالاً ومطار الخرطوم الدولي الجديد في الجنوب الغربي، ويبلغ طوله 571 متراً وعرضه 27 متراً بثلاثة مسارات في كل اتجاه.

ويعتبر كوبري توتي أول جسر معلق في السودان ومن الأوائل المشيدة في أفريقيا وافتتح عام 2008، ويربط العاصمة الخرطوم بجزيرة توتي التي كانت الوسيلة الوحيدة لدخولها عبر المراكب النيلية، لكن بفضل الجسر بات الوصول إلى الجزيرة ممكناً.

أما جسر سد جبل أولياء الواقع على النيل الأبيض فشيد عام 1937، وتقدر طاقته التخزينية بنحو 3.5 مليار متر مكعب وطاقته الكهربائية بـ 30 ميغاواط، ويعد السد المائي الوحيد في العاصمة الخرطوم ويعمل على ضبط منسوب المياه أثناء الحبس والتفريغ في السد العالي جنوب دولة مصر.

تعزيز الاقتصاد والتنمية

ويشير الباحث والمعماري حسين الطاهر إلى أن “الجسور تمثل رمزاً للتواصل والتقدم بين الشعوب والبلدان، وتلعب دوراً حيوياً في تعزيز الاقتصاد والاجتماع والبيئة وبفضلها تعزز التنمية المستدامة”.

وأضاف أن “الجسور تسهم في دعم مشاريع البنى التحتية وخدمة الأغراض التنموية، وهي جزء من المعمار الهندسي الحديث الذي يسهم في اختصار المسافات وتقليل ساعات الحركة داخل العاصمة الخرطوم، فضلاً عن الحفاظ على التبادل التجاري ونقل البضائع وتقليل نسبة الحوادث”. ونوه إلى أن “جسور العاصمة منحت السودان شكلاً جمالياً وبمثابة شاهد حضاري على المعمار والفن والهندسة”.

روابط ثقافية واجتماعية

من جهته أشار الباحث في مجال هندسة المساحة أحمد الجعلي إلى أن “جسور الخرطوم لعبت أدواراً اقتصادية وتنموية وقربت المسافات الجغرافية بين مدن العاصمة الثلاث، وأسهمت في تقوية الروابط الاجتماعية والتنوع الثقافي والاستفادة من التجارب والمعارف”.

وبين أن “هناك أدواراً أخرى مثل الحفاظ على البيئة من خلال تقليل عدد الطرق الرئيسة التي تمر في مناطق طبيعية، مما يحد من تأثيرها السلبي على الحياة الحيوانية والنباتية، فضلاً عن المحافظة على التوازن البيئي وتنمية التنوع الحيوي”.

وتابع الجعلي، “تخدم جسور الخرطوم كل قطاعات الدولة لأنها تربط بين مناطق التنمية المختلفة ومحاور النقل، وتقدم خدمات لجميع القطاعات من سياحة وزراعة وصناعة واستثمار وإسكان وتجارة إلى جانب خلق مجتمعات عمرانية في أماكن مختلفة”.

اندبندنت


انضم لقناة الواتسب

انضم لقروب الواتسب


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.