جريدة لندنية :الجوع يهاجم السودانيين: الحرب تدفع ملايين المواطنين نحو خطر انعدام الغذاء

يتدحرج السودانيون بسرعة نحو مجاعة بسبب تواصل الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ نحو 8 شهور، وسط تشاؤم باستمرار الصراع لفترات أطول في ظل عدم وجود آفاق حلول سلمية.

ومنذ اندلاع الحرب بالسودان في الخامس عشر من إبريل/ نيسان الماضي بثت منظمات دولية تحذيرات من حدوث أزمة غذاء، وقالت إن أكثر من 6 ملايين سوداني على حافة الجوع في ظل استمرار النزاع والتدهور الاقتصادي في البلاد.

وفي شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حذر برنامج الأغذية العالمي، من أزمة جوع تلوح في الأفق على الحدود بين السودان وجنوب السودان، في وقت تستمر فيه العائلات الفارة من القتال في السودان في عبور الحدود.

وكشفت بيانات الفحص التي تم جمعها البرنامج أن ما يقرب من 20 بالمائة من الأطفال دون سن الخامسة، وأكثر من ربع النساء الحوامل والمرضعات يعانون من سوء التغذية.

وكان برنامج الأغذية العالمي حذر في مايو/أيار الماضي من أن استمرار القتال في السودان سيؤدي إلى زيادة عدد الجياع، ليصل انعدام الأمن الغذائي الحاد إلى مستويات قياسية ويشمل أكثر من 19 مليون شخص، أي حوالي 40% من عدد السكان.

في هذا السياق، قال الباحث السوداني في حقوق الإنسان والقانون الدولي حسن سعيد المجمر إن التوقعات للفترة من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى فبراير/ شباط 2024 مقلقة، حيث من المحتمل أن يواجه حوالي 15 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأكد أنه يتأسف لنشر هذه التقديرات عن الأزمات الغذائية في البلاد وإنتاجية الذرة والسمسم في ولاية القضارف شرقي البلاد وحدها فقط تكفي لسد حاجة جميع النازحين في بلادنا من أقصاها إلى أدناها.

واتفق نائب رئيس تجمع مزارعي السودان بالقطاع المطري، غريق كمبال، مع توقعات حدوث مجاعة في السودان مشيرا إلى بوادر ندرة غذاء ظهرت في بعض المناطق التي تعاني من الأزمات والحرب.

وأضاف أن بعض المواطنين لن يتأثروا بشبح المجاعة لبعدهم عن مناطق الحرب. ولم يستبعد غريق حدوث شح بالسلع الغذائية، في وقت أقر فيه بنجاح حصاد محصول السمسم وزيادة الإنتاجية، موضحا معاناة بعض مناطق الإنتاج من تدني الأسعار من خلال استغلال التجار والطفيليين.

وتابع: أما محصول القطن هذا العام، فزراعته كانت ضعيفة جدا وحقق انتاجية ضعيفة، مشيرا إلى أن المحصول المهم والذي يؤثر في مسألة الغذاء هو الذرة.

وأكد أن المساحات هذا العام تقلصت عن السابق حتى المزروع منها نسبة نجاحه حوالي 40% بعد تعرض المزارع إلى هجمة شرسة جدا من الآفات فضلا عن شح الأمطار. وقال إن الإنتاج الزراعي لن يفي بحاجة البلد، مشيرا إلى أن هذا الوضع بسبب شح الأعلاف بصورة كبيرة نتيجة الحرب.

ويرى مختصون أن القطاع الزراعي الذي يُعتمد عليه بشكل رئيسي في توفير الغذاء في السودان يواجه عددا من التحديات هذا الموسم، ورغم ذلك استبعد مختصون في القطاع حدوث مجاعة كبرى.

وفي هذا الإطار، توقع الخبير الزراعي محمد عثمان السباعي، في حديثه لـ”العربي الجديد” عدم حدوث أزمة غذائية حادة، وبرر ذلك لجهة أن إنتاج هذا العام بالإضافة إلى المخزون لدى المنتجين والدولة يكفي، لكنه توقع حدوث أزمة كبيرة في مناطق النزاع في غرب السودان بسبب العجز عن الحصاد لظروف التوتر الأمني إضافة إلى عدم المقدرة على العمل التجاري التقليدي بين التجار والمواطنين.

وأقر بأنه لا استطاعة للدولة ولا المنظمات ضمان تدفق السلع أو غيرها لمناطق الحرب في ظل تصاعد الصراع العسكري.

ومن جانبه، أكد وزير الزراعة المكلف أبو بكر عثمان فى تصريح صحافي مؤخرا، وجود فائض من محصولي الذرة والدخن (ذرة رفيعة) يقدر بحوالي 2.5 مليون طن، مستبعدا حدوث فجوة غذائية بسبب وجود مخزون إستراتيجي كاف.

كما نفى محافظ مشروع الجزيرة عمر مرزوق، توقعات منظمات خارجية بتعرض البلاد لأزمة غذاء. وقال إن السودان لن يجوع وعزا ذلك لجهة أن البلاد تتمتع بأراض زراعية خصبة وتحصد نسبة جيدة من المحاصيل والحبوب الغذائية رغم الحرب.

وأوضح أن مشروع الجزيرة وحده يزرع 35 ألف فدان ذرة فضلا عن التخطيط لزراعة 300 ألف فدان قمح خلال الموسم الشتوي للعام الحالي 2023.

وقبل أسابيع أعلن نائب المدير العام للبنك الزراعي السودان بدر الدين فقيري، عن توفر المخزون الاستراتيجي من الذرة والقمح بولاية القضارف.

ولدى السودان نحو 5 مشاريع زراعية مروية يعتمد عليها في المخزون الاستراتيجي من الحبوب الغذائية مثل الذرة والسمسم وتأمين جزء من احتياجات البلاد من القمح، وهي الجزيرة وسط السودان، والسوكي، ووادي حلفا، والرهد، ودلتا طوكر شرقي البلاد.

ويعتمد المزارعون في هذه المشاريع على التمويل المصرفي من البنك الزراعي في كل مراحل العملية الزراعية من بذور ومبيدات وأسمدة وآليات زراعية وصولاً إلى جوالات تعبئة المحاصيل المنتجة.

جريدة العرب اللندنية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.