نفذ الجيش السوداني غارات جوية مكثفة على أحياء في مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة ومناطق شرق وجنوب الجزيرة، مستهدفا بقصفه مواقع للدعم السريع، في وقت أجرى فيه رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان اليوم الأحد مباحثات مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص للسودان رمطان لعمامرة.
وضمن تقدمه في عدة محاور في هذه الولاية، نصبت قوات من الجيش كمينا للدعم السريع في منطقة دار السلام التي تبعد نحو 30 كلم غرب ود مدني، في وقت ترتكز فيه قوات من الجيش السوداني في مدينة المناقل التي تبعد حوالي 60 كيلومترا غرب ود مدني.
وقال مصدر عسكري -للجزيرة نت- إن الجيش السوداني تمكّن من التقدم في مناطق شرق الجزيرة عقب الهجوم على قوة تتبع للدعم السريع تجمعت في “جبل البويضا” يوم الجمعة الماضي وكانت تخطط للهجوم على مدينة الفاو بولاية القضارف شرقي السودان.
من جهتها، قالت مصادر محلية -للجزيرة نت- إن مدينة ود مدني تشهد عودة تدريجية للمواطنين الذين تقطعت بهم سبل النجاة، رافعين شعار “بيوتنا قبورنا”، لافتين إلى وفاة عدد من المواطنين نتيجة القصف الجوي للجيش وتردي الأوضاع الصحية.
وقال شاهد عيان في أحد أحياء مدينة ود مدني إن قوات الدعم السريع قللت من وجودها وانتشارها الأمني في المدينة رغم سيطرتها التامة على المدينة، مشيرًا إلى استهداف قوات الدعم السريع للجان المقاومة.
في المقابل، قالت لجان مقاومة ود مدني إن قوات الدعم السريع ارتكبت أبشع الانتهاكات في ولاية الجزيرة منذ سيطرتها عليها.
وشهدت مدينة المعيلق محلية الكاملين انتهاكات واسعة، وقال أحد سكان المدينة للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع نهبت المنازل وممتلكات المواطنين تحت تهديد السلاح، مما أدى إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين، بجانب محاولات اغتصاب للفتيات.
الوضع الغذائي والصحي
ويواجه مواطنو مدينة ود مدني شحا في المواد الغذائية، في وقت ارتفعت فيه أسعار السلع الاستهلاكية في عدد من قرى ولاية الجزيرة عقب سيطرة الدعم السريع على الولاية واستمرار عمليات النهب للمخازن والأسواق.
وقالت مصادر محلية في ود مدني -للجزيرة نت- إن تمدد الحرب إلى ولاية الجزيرة وسيطرة الدعم السريع أفرزا واقعا مريرا انعكس على الأطفال والنساء واحتياجاتهم الصحية، في ظل انعدام الدواء ووسائل النقل، وتذبذب خدمات الكهرباء والمياه والاتصالات.
من جانبه، قال وزير الصحة الاتحادي هيثم محمد إبراهيم إن نقل الحرب من الخرطوم إلى الجزيرة قاصمة ظهر للنظام الصحي، مشيرا إلى أن القطاع الصحي بالسودان ومؤسساته ونظام الإمداد الدوائي تأثر كثيرا بسبب امتداد الحرب.
كما تهدد سيطرة الدعم السريع على مناطق واسعة في ولاية الجزيرة الموسم الزراعي.
وقال نائب رئيس تجمع مزارعي القطاع المطري غريق كمبال إن الموسم الزراعي خرج عن السيطرة مع نهب الدعم السريع السماد والآليات الزراعية، وصعوبة الحصاد.
وفي حديثه للجزيرة نت، قال كمبال إن الجزيرة كانت تزرع قرابة مليون و300 ألف فدان، وسيؤدي فشل العروة الشتوية إلى أزمة في المحاصيل الغذائية، وحذر كمبال من حدوث مجاعة طاحنة حال استمرار الحرب وموجات النزوح.
بالمقابل، قال المهندس الزراعي بإدارة الأمن الغذائي عمار حسن بشير إنه لا يمكن الحكم بفشل العروة الشتوية، فهي أحد مكوني الموسم الزراعي في السودان، وفي حال التأثر ستسد ولايات سودانية أخرى الفجوة التي قد تحدث نتيجة الأحداث الجارية في الجزيرة.
وفي حديثه -للجزيرة نت- قلل بشير من مخاطر حدوث تأثير على وضع الأمن الغذائي العام في السودان من دخول قوات الدعم السريع إلى ولاية الجزيرة، فالتأثير الذي قد ينشأ يكون في تقليل الإسهام في توفير الغذاء.
مباحثات
في غضون ذلك، أجرى رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان اليوم الأحد مباحثات مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص للسودان رمطان لعمامرة.
وقد تم اللقاء بمدينة بورتسودان (شرق)، المقر المؤقت للحكومة، وهو الأول بين البرهان ولعمامرة (جزائري) منذ تولي الأخير منصبه يوم 17 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأطلع البرهان -وهو أيضا قائد الجيش السوداني- لعمامرة خلال اللقاء على ما قامت به قوات الدعم السريع من انتهاكات وفظائع ضد الدولة ومؤسساتها والبنى التحتية، وضد ممتلكات المواطنين وتهجيرهم، بحسب بيان لمجلس السيادة.
الجزيرة نت