تقرير البنك الدولي لنماء مؤشر الاقتصاد السوداني في فترة سابقة
_ الرفيع بشير الشفيع _
إستمعت لتعليق أحد الشباب السودانيين عن حسابات ورصد للبنك الدولي في مؤشر النماء الإقتصادي للسودان في الفترة ما بين الستينيات والى قيام ما تسمى ثورة ٢٠١٩م مرورا بانخفاضه المريع بعد أن إستلم حمدوك الخبير والكفؤ الإقتصادي الدولي، للسودان مروراً للسقوط الاقتصادي الآن أثناء الحرب.
وعلى أن البنك الدولي يجري حساباته المادية فقط دون التطرق للخسارات السيادية والسياسية للدولة أو الخسارات المعنوية والنفسية لإنسانها.
فالبنك الدولي في مؤشراته تلك، لم يحسب قيمة تدمير البنى التحتية وقيمة التدمير المعنوي وقيمة أملاك الناس ومدخراتهم وخسارات التهجير والأنفس التي أزهقها حمدوك واتباع حمدوك، ولم يحسب قيمة الهلع والخوف وعدم الأمان، وتفريق البيوت وتفريغها من أهلها وشملها ودفئها وراحتها، والبنك الدولي من المؤكد ألا يحسب قيمة إخلاء المساجد وقلب بعضها لبيوت دعارة، ومواخير ولم يحسب القهر الذي حدث على الناس، ولم يحسب وسوف لن يحسب دمار البنية التحتية الدينية والثقافية وتدمير الجامعات والموروثات الثقافية ومحو الحضارات في المتاحف ودار الوثائق.
البنك الدولي سوف لن يحسب قيمة انهيار الدولة وهياكلها وجعل السودان وطناً بلا سيادة ولا ريادة وسوف لن يحسب قيمة الشروخ الإجتماعية والقبلية وتمزيق الهوية بمبرر التهميش ولا يحسب الضرر المعنوي والفكري الذي حدث لأكثر من أربعين مليون سوداني، بسبب الشقاق وانعدام الثقة بين الناس.
البنك الدولي سوف لن يحسب تفتيت المنطقة كلها لوضع اليد عليها ، وتنفيذ مخطط برنارد لويس، وبالطبع سوف لن يحسب قيمة تقسيم السودان إلى دويلات متحاربة، وإلى إثنيات وديانات متشاكسة، وسوف لن يحسب القيمة الكلية لتفتيت معنى السودان جغرافياً ووثقافياً واثنياً كبوتقة سكانية وجسر يصل العروبة بالأفريقية ولا الحضارات الشرق الوسطية بأفريقيا، وسوف لن يحسب قيمة التاريخ السوداني القديم كمهد لكل الحضارات الأفريقية وتاريخه الحاضرة كميراث إنساني تساوى فيه العربي بالأفريقي رغم أكاذيب التهميش وتساوى فيه الأرميني باليمني والأغريقي باليهودي والقبطي بالمسلم.
حسابات البنك الدولي رغم أنها كانت مؤشر عافية ونماء ألبّت كل الحاقدين على السودان في ارتفاع مؤشر نماءه ، لكنه لم يحسب معنى السودان وأمانه واستقراره، كونه سلة غذاء حقيقية لشعبه وجيرانه وأشقائه العرب والأفارقة وسوف لن يحسب قيمة المجاعات التي ستضرب المنطقة خصوصاً العربية في نقص الغذاء، والذي كان يمثل السودان سلته وهو (يتكيها) للغاشي والماشي، وهم ينتهبونها انتهاباً وهو يدري لكنه لم يقفل حدوده ولم يضرب على يد السارقين من دول الجوار والتي تصدر منتجاته بماركتها وهو يعلم.
هذه هي خساراتنا الحقيقية التي تحتاج لمئات السنين لإعادة السودان بلداً آمناً يتعايش أهله بأخوة وأمان وتجانس في الخلاسية والثقافة والمجتمع.