هكذا تدمر خيال طفلك وابداعاته
مقال الثلاثاء د. جاسم المطوع
قوى وسيلة لتدمير خيال الطفل وإبداعاته أنك تكثر من الصراخ والعصبية أثناء تربيته، فالتربية بالعصبية هي من أشد الوسائل التدميرية لعقل الطفل وتفكيره، فالخيال يبدأ من عمر الطفل سنتين وينموا معه في مراحل عمره حتى يصل لعمر أربع سنوات، فيتخيل أشخاص وأشياء يتحدث معهم، وهذا أمر طبيعي في مراحل نمو الأطفال
وكلما كان الخيال قويا كلما ساهم في تنمية تفكير الطفل وإبداعاته لأن الخيال يساعد الطفل على التفكير الإبداعي، والخيال يعزز من مهارات الطفل اللغوية فيتحدث مع الأطفال بخيالاته وقصصه التي يألفها وهذا يساعده على حسن التعبير وزيادة قدراته اللغوية، والخيال يساعد الطفل على التفكير النقدي فيطرح أسئلة يتخيلها ويبحث عن إجابة لها، وهذه تزيد من فهمه وعلمه للأمور فتزداد ثقته بنفسه، كما أن الخيال يساعد الطفل على فهم مشاعره ومشاعر الآخرين من خلال تفسير التصرفات والسلوك وتخيلها، وأحيانا يتقمص أدوار شخصيات معينة مثل شخصية والده أو جده أو أمه وهكذا، ومن فوائد الخيال أنه يخفف من القلق والتوتر عند الأطفال لأنه يدفعهم للعب الخيالي، وهذا النوع من اللعب يساهم في اخراج ما في النفس من أفكار ومشاعر
ولهذا إذا أردنا أن ندمر عقلية الطفل ونفسيته فإننا نربيه بالعصبية والصراخ أو نشغله بالشاشات الإلكترونية حتى يصبح مدمنا، فالتربية بالعصبية تجعل الطفل دائما يعيش في خوف وقلق وتوتر فلا يعطي مجال لخياله حتى ينموا، والانشغال الكثير والشاشات الإلكترونية يدمر خياله لأنه يفرض عليه خيال معين من خلال الكارتون الذي يشاهده والألعاب التي يلعبها، ولهذا إذا أردنا أن ننشئ طفلا مبدعا يتمتع بخيال يساعده على زيادة ذكائه ونمو تفكيره، علينا أن نبتعد عن العصبية ونربيه على الحوار بهدوء، ونشجعه على اللعب الحر وقراءة القصص واللعب التمثيلي والألعاب التعليمية التي تنمى ذكاؤه، كما أن التعامل مع الطبيعة مثل اللعب بالرمل والماء والمشي بالغابات والجبال للاكتشاف، فهذا ساعده على تنمية خياله وتفكيره وبالتالي يجعله طفلا متميزا ومتوازنا، بالإضافة إلى انشغاله في الفنون فإن لها دور كبير في تنمية خياله مثل الرسم والتصوير والتلوين والرقص وسماع الأصوات الجميلة،
ولو تأملنا المنهج التربوي في الإسلام فإنه لا يشجع على التربية بالعصبية والعنف، ورسولنا الكريم يحذر في أحاديث كثيرة من الغضب وأنه من الشيطان، والقرآن الكريم يشجع الخيال من خلال التأمل والتدبر ولهذا نجد أن ثلث القرآن قصص وآيات كثيرة تدعوا للتدبر، فعندما نقرأ القصة يسبح خيالنا معها وهذا يزيد من تأملنا وتدبرنا بالآيات الكونية والآيات القرآنية، وهذه كلها تنمى التفكير الذكي عند الإنسان،
فأهم قرار يتخذه المربي سواء كان أبا أو أما، أن لا يربي طفله بأسلوب عصبي وصراخ وشتم وعنف، ويحاول أن يضبط نفسه قدر الإمكان فالتربية طريقها طويل، وقد يجد الآباء للعصبية أثر سريع على تغيير السلوك الخاطئ للطفل ولكنه تغيير لحظي، أما التغيير الجذري فيكون من خلال التربية بالصبر والحوار، ولعل أخطر ما في التربية بالعصبية أن يصبح الطفل عصبيا، ولا يحسن علاج مشاكله إلا بالغضب، فعقله لا يعمل وتفكيره يتوقف لأنه تعلم أن يعالج أي مشكلة تواجهه بالعصبية والصراخ تقليدا لنموذج أمه أو أبيه، وفي الغالب الأطفال الذين تربوا في بيوت عصبية يصيبهم تشتت، وعدم تركيز وتأتأة، وأحيانا يكون لديهم تبول لا إرادي من المخاوف والقلق الذي بداخلهم بسبب الجو المتوتر داخل البيت،
فكيف يكون أبناؤنا أغلى ما نملك نحن نربيهم بالعصبية والصراخ.. هذا تناقض، فالتربية القرآنية والنبوية على الحوار والرفق هو المنهج الصحيح في التربية وهو الأسلوب الذي يخرج لنا طفلا قياديا متوازن سليما يحسن حل المشاكل بطريقة ذكية لا بأسلوب عصبي