رسائل الهجوم على البراء – بقلم: عادل الباز

فيما أرى
عادل الباز
رسائل الهجوم على البراء
1
ليس صعباً ولا مستحيلاً التكهّن بمن أطلق المُسيَّرة التي انطلقت على موقع الإفطار المُعلن لكتيبة البراء في صالة إنفينيتي بأتبرا قبل أن تظهر نتائج التحقيقات، كما ليس مستحيلاً التهّكن بموقف المعارضة اليسارية الطفولية من هذه الحادثة، ولكن قد لا يصل بك الخيال المدى الذي يمكن أن يبلغه التسفل التي يمكن أن تصل إليه تلك المعارضة.

كنموذج لهذا التسفل اقرأ ما أورده موقع (حرب السودان) وكنت حتى وقت قريب اعتقدت أنه موقع يتمتع بشيء من المصداقية المهنية، ولكن خابت توقعاتي. قال موقع حرب السودان معلقاً على حادث الهجوم على كتيبة البراء (إن ظروف الهجوم، ونوعية الأدلة المرئية التي تم التلاعب بها، والدور السياسي المباشر في أعقاب ذلك، تشير إلى أن الهجوم قد نفذه لواء البراء بن مالك نفسه، كعملية علم زائف، أو نتيجة خلافات داخلية داخل القوات الأمنية.).

هكذا الهجوم الذي راح ضحيته ثلاثون شخصاً طرحوا بين قتيل وجريح من أعضاء وضيوف كتيبة البراء في ذلك الاحتفال جرى تنفيذه بواسطة لواء البراء نفسه.!!. نفذوا هجوماً على إفطارهم واحتفالهم ليقتلوا أنفسهم..!! هل رأيتم مثل هذا الخبل والتسفل.؟ أسموا الهجوم (علم كاذب) على لواء إسلامي وقالوا (هجوم مزعوم بطائرة بدون طيار على مجموعة موالية للجيش في عطبرة).

ولكن كيف توصل هذا الموقع العبقري الذي يزعم أنه يذخر بمساهمين من كبار الخبراء العسكريين الذين لهم باع طويل في تحليل شؤون الحرب.. كيف اكتشف خبراء ذلك الموقع أن كتيبة البراء نفسها هي من قصفت نفسها بمسيرة؟. أنظر للأدلة التي قدموها
أولاً (تم تصوير مقطع فيديو في مستشفى شرطة عطبرة بعد ذلك، والذي يُزعم أنه يظهر أفراداً مصابين من اللواء، تم تصويره بشكل مرتعش وشوهد أحد الضحايا “الجرحى” وهو يبتسم ويرفع إصبعه منتصراً. يعد هذا رد فعل غير مرجح لدى شخص أصيب بجروح بالغة الخطورة بحيث يحتاج إلى أن يحمله الآخرون. ويشير أيضاً إلى أنه من المحتمل أنه كان يعلم أنه سيتم تصويره في المستشفى.

ثانياً (تم تصوير مقطع فيديو آخر واسع الانتشار داخل قاعة إنفينيتي، يظهر ما بدا وكأنه أرضية ملطخة بالدماء. ومع ذلك، تم تصويره في ظلام دامس تقريباً، لا يظهر بوضوح أي قتلى أو جرحى). إذن هذه الأدلة التي قدمها هؤلاء الخبراء لإثبات نظريتهم حول هجوم البراء.!! يا مرحى يالهم خبراء.. بتحليل تصاوير الهواة في الفيديوهات بطريقة كاذبة ومضللة اكتشفوا الجاني الذي ارتكب الجريمة وهو الضحية نفسها.. خبراء عباقرة ياخي.!!
ولكن الأدهى والأمر أنهم جاءوا (بخبيرة عسكرية) هي الأستاذة رشا عوض وقال الموقع إن رشا عوض رئيسة تحرير صحيفة التغيير شككت في الرواية العامة، وقالت (علامة استفهام كبيرة من هاجم إفطار كتيبة البراء بن مالك بعطبرة؟ طائرات الدعم السريع لا يمكنها قطع المسافة من الجيلي إلى عطبرة، فمن أين أتت هذه الطائرة بدون طيار؟). ماشاء الله موقع الخبراء العسكريين يعتمد على رأي رشا بدون اختشاء ليحلل له هجوم عسكري.!!. كنت أتمنى من الأستاذة أن تمتنع عن التعليق على شأن عسكري لا تفقه فيه شيئا وأن تخبر الخبراء العسكريين أنها متخصصة فقط في استجلاب أموال المنظمات لتمويل الأنشطة المشبوهة.. كان هذا أكرم لها.
ما هي الرسائل التي يسعى لإيصالها منفذو الهجوم العبثي المقيت؟. أعتقد أن الرسالة الأهم للهجوم هي للخارج، وذلك بخلق ضجة إعلامية هدفها إعلان وتأكيد أن هناك كتائب إسلامية (متطرفة) تحارب مع الجيش مما يعطي رسالة سياسية بأن هذه المليشيا المجرمة إنما تحارب الإسلاميين لا الشعب السوداني كله كما هو معلوم (أنظر للحرب التي تدور في الجزيرة) وذلك لأن عشرات المناسبات الأهم قامت في أتبرا ومتحركات عسكرية أهم من ضيوف حفل إفطار البراء، فالهدف ليس عسكرياً إنما سياسي.! ولذا نشهد أنه بمجرد وقع الهجوم تصدّر إسم كتيبة البراء الميديا المغرضة التي بدأت في شيطنتها باستعراض نشاطاتها وفيديوهاتها التي تبثها من مواقع العمليات وطفح كل الغثاء الكاذب على شاشات التلفاز وأسافل الأسافير.
الرسالة الثانية الأقل أهمية تستعرض فيها المليشيا يدها الطويلة لتقول إن باستطاعتها الوصول لأهدافها في خارج مسرح العمليات وقد سبق أن هددت المليشيا بالوصول إلى قادة القوات المسلحة في بورتسودان. وتهدف من وراء ذلك لتقوية موقفها التفاوضي بعد أن تضعضع وحدثت انهيارات متتابعة لقواتها في شتى مسارح العمليات في دارفور وكردفان والخرطوم بحري وقبلها أمدرمان.
الرسالة الثالثة الداعمون والممولون الذين بدأوا يعيدون حساباتهم بفعل الضغط الدولي وبفعل اقتناعهم أن المليشيا في نهاية المطاف لن تنتصر ولن تحكم السودان طال الزمن أم قصر.

لماذا ارتدت هذه الرسائل بالخسران المبين على المليشيا.؟ أثبت الهجوم أن هذه المليشيا مجرمة إرهابية تستهدف المدن الآمنة والمواطنين وليس مقرات الجيش ولا المقاتلين في سوح المعارك، فاستهداف مواطنين داعمين للجيش في إفطار رمضان لا يحقق هدفاً عسكرياً ولذا اتّحد الرأي العام كله إلا القلة العميلة إياها في إدانة ما حدث. وخرجت كتيبة البراء تزهو بثياب البطولة وارتفعت قامة شبابها المجاهدين في نظر الشعب وتعرف على جسارتهم بصورة أفضل.
الرسالة التي تهدف إلى إعلان أن الإسلاميين يقاتلون في صفوف القوات المسلحة قد تم إبطال مفعولها بإعلان قادة الجيش أنفسهم عنها أي أنه لم يعد ذلك سراً مخبوء على العالم ليكشفه هجوم إرهابي من المليشيا. وإفادات الفريق ياسر العطا قبل يومين كانت كافية لإعلان أن الجيش لا يخفي من يقاتلون معه كيزانا أو غاضبون.

أما تحسين الموقف التفاوضى بمثل هذه العمليات العبثية المكشوفة لن تخدع إلا أمثال رشا ورهطها فأي فعل غير مؤثر في مسارح العمليات لن يضع أي نقاط لصالح المليشيا في أي طاولة مفاوضات قادمة وخاصة هي محاصرة وإمدادها البشري يكاد يكون توقف، وضعف إمدادها بالسلاح والمال وحتى الوقود ضعف بعد حصار مصفاة الجيلي بمن فيها.
لم تكسب المليشيا شيئاً من هجومها الغادر على البراء بل كشف عن طبيعتها الفاشية الإرهابية وأثبت أن هذه المليشيا لاتستحق إلا السحق ومن يتوهمون أن دعم أو تبرير مثل تلك الجرائم ستعيد المليشيا إلى معادلة السلطة أو حتى الوجود داخل الخارطة السياسية والعسكرية فهم مجرد واهمون يشكون من رمد البصيرة الغباء!!.

Exit mobile version