لماذا لم تنجح مبادرات إنهاء الحرب في السودان؟

عام مر على الحرب المستعرة في السودان، والتي توشك البلاد أن تتحول معها إلى «أكبر أزمة إنسانية في العالم» بحسب وصف المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، في ظل تراكم المعضلات التي تثقل كاهل السودانيين، بما تسبب في نزوح أكثر من 8.5 ملايين شخص من منازلهم، وبما يشكل أكبر أزمة نزوح في العالم.

وعلى مدار عامٍ كامل عانى فيه السودان ويلات الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، بزغت عديد من محاولات الوساطة الإقليمية والدولية، لحسم تلك الحرب التي لا تقتصر تداعياتها على الداخل السوداني فحسب، إنما تلقي بمزيدٍ من التهديدات الأمنية خارج الإقليم عموماً، وهو ما أبرزه فيليبو غراندي مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، عندما تحدث عن أن اللاجئين السودانيين قد يتوجهون إلى أوروبا في حالة عدم توفير مساعدات إنسانية كافية للسكان في البلد الذي تمزقه الحرب.

امتداد المخاوف

امتداد المخاوف لتأثيرات أزمة السودان كان محركاً لعديد من تلك الجهود، سواء على المستوى الأفريقي أو كذلك على المستوى الدولي، والتي كان أحدثها المؤتمر الدولي حول السودان في باريس، ومطالبة المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أطراف الأزمة بالعودة إلى طاولة الحوار في جدة، من أجل إيجاد مخرج يُنهي تلك الحرب. وشددت على أن «الوضع يجب أن يتغير الآن» .

تعدد المساعي

ورغم تعدد مساعي الوساطة من اتفاق جدة في مايو 2023 ومروراً بوساطة الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق القارة الأفريقية (إيغاد) ومبادرات دول أفريقية أخرى، إلا أن أياً منها لم يكتب له النجاح في إنهاء الحرب بشكل عملي وإسكات البنادق.

ويشدد مراقبون على أهمية توافر الإرادة السياسية لدى الأطراف السودانية المختلفة من أجل إنجاح تلك الوساطات، وهو ما أشار إليه نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، السفير صلاح حليمة، والذي أبرز مبادرات مصرية مختلفة من أجل وضع سيناريوهات لإنهاء الصراع الدائر، معتبراً أن توافر الإرادة السياسية للأطراف المختلفة يمثل مفتاح حل الأزمة.

وفي تصريحات خاصة لـ «البيان»، قال خبير الشؤون الأفريقية، رامي زهدي، إنه بعد مرور عام على الحرب في السودان «بدا أننا ما زلنا واقفين عند نقطة الصفر وأمام حائط صلد من التحديات.. فشلت حتى الآن كل مساعي السلام والوساطات الدولية؛ لأسباب مختلفة، منها أحياناً غياب الثقة، أو هكذا بدا لطرفي الصراع أو أحدهما، وأيضاً وفي معظم الأحوال فضل الجميع مصلحته على مصلحة الوطن والشعب».

واستطرد: من أسباب الفشل، ربما منذ العام 2019 هو ضعف القوى المدنية وتشتتها وسطحية بعضها أو عدم الثقة في وطنية بعضها.. وبالتالي عملت بعض هذه القوى على إيجاد مكتسبات ومصالح خاصة بأفرادها ولو على حساب السودان الوطن.. ومن أسباب الفشل في التوافق ووقف الحرب أيضاً محاولة أطراف كالإخوان للعودة إلى المشهد أياً ما كانت الطريقة». وشدد على أن استمرار الحرب مع تخطي حاجز السنة الأولى يضاعف حجم الأزمة الإنسانية للسكان في السودان، ويزيد من فرص استمرار غربة الفارين من الحرب خارج السودان، وصعوبة عودة النازحين داخل السودان إلى موطنهم.

ويدفع استمرار الحرب إلى الخطر الأكبر المحتمل والمرجح أحياناً من اتساع دائرة الحرب بدخول أطراف جديدة من قبائل وعشائر السودان وامتداد الاقتتال جغرافيا إلى ولايات كانت مستقرة نسبياً بالمقارنة بالولايات المركزية والغربية.. وتدفع كل هذه الظروف إلى احتمالية التقسيم الجغرافي للسودان، بحسب زهدي.

صحيفة البيان

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.