استمر وصول عشرات المهجرين السودانيين إلى مدينة الكُفرة المحاذية للحدود مع ليبيا. يقول أنور الزوي، الناشط في مجال الاغاثة، لـ”العربي الجديد”، إن الوضع “يرثى له في ظل وجود مئات من المهجرين العالقين وسط الصحراء، وفي منطقة المثلث الحدودي بين ليبيا والسودان وتشاد”. ويتوقع الزوي أن “تزداد الأوضاع سوءاً في الكُفرة لأسباب عدة، منها أن قدرات البلدية ضئيلة وتنقص يوماً بعد يوم مع تزايد عدد المهجرين، في حين لم تتلقَ البلدية أي دعم حقيقي يتناسب مع حجم الأزمة”.
ويتحدث الزوي عن أسباب أخرى يرجح أن تزيد سوء أزمة المهاجرين السودانيين في الكُفرة، من بينها “دخول القضية على خط التجاذبات السياسية والتصريحات المتبادلة بين سلطة مليشيات اللواء المتقاعد خليفة حفتر التي تسيطر على منطقة الجنوب الليبي، والقيادة السياسية في السودان. وهناك مخاوف كبيرة من أن تصبح قضية المهجرين ورقة للمساومة والضغط”.
كابوس لدغات العقارب يعود إلى جنوب ليبيا
وكان مندوب السودان لدى الأمم المتحدة قد اشتكى من دعم مليشيات حفتر قوات الدعم السريع وتغذية الصراع القائم في السودان. وردت قيادة حفتر والحكومة المكلفة من مجلس النواب بنفي هذا الأمر، وأكدت اهتمامها بتقديم مساعدات للمهجرين.
وأعقب ذلك نشر وسائل إعلام مقربة من حفتر فيديوهات أظهرت تسيير دوريات أمنية في صحراء الكفرة، واستقبال أفرادها مهجرين من السودان وتقديم مساعدات لهم، وهو ما اعتبره الزوي “مؤشراً يثير القلق، ويطرح أسئلة كبيرة بشأن مزاعم تقديم مساعدات”. ويرى الزوي أن “مليشيات حفتر تستخدم قضية المهجرين للمتاجرة السياسية وإظهار تقديم مساعدات في إطار التسويق الإعلامي فقط. ومع تدخل السلطات الأمنية سيقل نشاط المتطوعين ومسؤولي المدينة الذين يدركون مخاطر تحوّل القضية إلى قضية أمنية للمتاجرة السياسية بها”، ويقول إن “فيديوهات استقبال المهجرين تكشف حقيقة أنهم لم يتلقوا مساعدات باستثناء أرتال السيارات الصحراوية الأمنية التي استقبلتهم عند البوابة الحدودية قبل أن يصل عدد قليل منهم إلى الكُفرة”.
ويعتبر الزوي أن “الاستغلال السياسي لقضية المهاجرين سيؤثر بشكل كبير على الخدمات، خاصة في ما يتعلق بحصرهم وتقديم العلاجات والإغاثات لهم، ويحتمل أن تدير الجهات الأمنية ملفهم”. ويورد الزوي معلومات عن أن “حركة الهجرة بدأت تتجه إلى مناطق أخرى أبعد من الكفرة، وذلك لأسباب عدة، منها اكتظاظ المدينة وسوء الوضع الصحي فيها، علماً أن النزوح إلى مناطق أخرى لا تحتضن أعداداً كبيرة من المهجرين ستتوفر فيها ظروف أفضل للعيش. ويمكن رصد اتجاه الهجرة إلى مناطق الشمال في جالو وأوجلة وأجدابيا”.
وفي تصريحات سابقة لـ”العربي الجديد”، قال الناطق باسم بلدية الكُفرة عبد الله سليمان إن “أعداد المهجرين من السودان إلى الكفرة وصلت إلى نحو ثلث سكان المدينة، وأن وضعهم الإنساني يزداد سوءاً في ظل معاناة السلطات المحلية ببلدية الكفرة من عراقيل عدة بسبب عدم قدرتها على السيطرة على الأوضاع الميدانية”.
وذكر سليمان أن الفرق الطبية والإغاثية في البلدية رصدت وجود أكثر من 100 مهاجر مصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة (إيدز)، وأكثر من 800 مصابين بالتهاب الكبد الوبائي، وأبدى تخوفه من أمكانية تفشي أمراض بين المواطنين في حال عدم دعم جهود البلدية في ظل تزايد تدفق المهاجرين.
وكشف تقرير أصدره برنامج تتبع حركة النزوح في المنظمة الدولية للهجرة بليبيا أن “السودانيين يمثلون 18% من إجمالي عدد اللاجئين في ليبيا بسبب ارتفاع موجات الفارين من الحرب في السودان إلى مدينة الكُفرة تحديداً، والتي تتعرض لما يشبه الغزو من السودانيين الباحثين عن أمان”.
لجوء واغتراب
أزمات اللاجئين السودانيين تتفاقم في ليبيا
ويعلّق الزوي بالقول إن “المنظمات الدولية لا تجيد أكثر من نشر إحصاءات لا تذكر مصادرها، في حين أنها يجب أن تساهم في وضع حلول قبل أن تتفجر الأوضاع، فالكُفرة لم تعد قادرة على استقبال مزيد من المهجرين”، ويتحدث عن طرق أخرى لوصول المهجرين “تحديداً عبر تشاد وصولاً إلى مرزق والقطرون، جنوب غربي ليبيا. ويوجد هناك أيضاً عدد من المهجرين يعانون بدورهم من مشكلات عدة، والحلّ يتمثل في أن تنشئ هذه المنظمات مخيمات لاستقبال المهجرين ومد يد العون بالغذاء والدواء للمنكوبين، والتوقف عن تسويق الدعايات الإغاثية التي لا تتجاوز إعلان أرقام”.
العربي الجديد