لجأ عدد كبير من المواطنين السودانيين إلى دول الجوار (إثيوبيا، مصر وجنوب السودان)، بعد اندلاع الحرب إلى السودان، وذلك بعد أن ضاقت بهم الوضع المعيشي عقب نفاد أموالهم التي قدموا بها من السودان، وفي ظل عدم توفر فرص العمل الذي يستطيعون من خلاله توفير مال للغذاء والإيجار والعلاج، مفضلين العودة للسودان حيث المناطق الآمنة لعلها تتيح لهم سبل العيش الكريم رغم الحرب وتخفف عنهم بعض معاناة الغربة التي يرون أنها ضاعفت من معاناتهم المعيشية – حسب رأيهم.
خيار العودة
أوضح عدد كبير من المواطنين السودانيين الذين غادروا مصر قرار العودة: (ذهابنا إلى مصر كان الهدف منه البحث عن الأمان بعد أن أصبحت حياتنا مُهدّدة بعد الحرب التي اشتعلت نيرانها في العاصمة الخرطوم حيث كُنا نُقيم، ولكن بعد وصولنا مصر وانتهاء المال الذي كان بحوزتنا، تفاجأنا بالوضع المعيشي الصعب وعدم وجود فرص للعمل لذلك فضّلنا العودة).
مصيرٌ مجهولٌ
من جانبه، قال الشاعر أبوبكر أبو حنين: (قضيت وأولادي في مصر بعد اندلاع الحرب ما يقارب الأشهر السبعة، ولكن بسبب الإيجار وعدم وجود فرصة عمل قررت العودة إلى السودان وترك زوجتي وأطفالي في مصر للمحاولة لإخراج عربتي (كريز) إلى ولاية آمنة والعمل بها للتخفيف عن الضغط المعيشي الذي نمر به، وإرسال المصاريف ودفع الإيجار، وعند وصولي السودان قاصداً ولاية سنار، شهدت أحداث سنجة العنيفة ومنها نزحنا ناحية القضارف ومازالت الصورة قاتمة وأصبح مصيري مجهولاً).
قلة فرص العمل
عدد من النساء كشفن الظروف التي اضطرتهن لاتخاذ قرار العودة إلى السودان: (رجعنا بسبب الضغط المعيشي وطول أمد الحرب وهو ما لم نتوقعه، خاصة أن معظمنا أرامل والبعض الآخر منا فقدن أزواجهن في ساحة القتال، حاولنا أن نتأقلم مع الوضع بالبحث عن عمل في مجالنا فلم نجد ومعظم المهن التي وجدناها في المصانع أو عمال نظافة ولا يكفي الراتب الشهري حتى المصاريف اليومية ولا الإيجار، فكان خيار العودة للسودان أفضل بالرغم من أنه صعب).
كابوس الإيجار
وصفت الشقيقتان المهندسة (منى) والموظفة (مروة) قرار عودتهما للسودان بالحكيم، خاصة بعد أن واجهن مصاعب كبيرة في سبيل الحصول على عمل: (قررنا العودة بعد أن فشلنا في سداد إيجار الشقة لمدة شهرين فاضطررنا لبيع ما نملك من حلي حتى نستطيع الإقامة في الشقة مع البحث الدائم عن العمل ولكن دون جدوى، حتى تسجيلنا في مفوضية شؤون اللاجئين لم يجد نفعاً في أن نحصل على مساعدات من المنظمات، خاصّةً أن لدينا خمسة أطفال، قررنا العودة إلى الشمالية حيث الأهل والبيت الكبير وتوكلنا على الله، وما دمنا وسط الأهل بالتأكيد لن نجوع وارتحنا من هَـمّ الإيجار الذي جعلنا نعيش في كابوس).
حزنٌ وسعادةٌ
عبر الموسيقي (ك. م) عن إحساسه المتناقض بعد العودة، بأنه حزين للعودة لعدم وجود فرصة عمل كانت ستتيح له الاستقرار وأسرته والعيش في مأمن عن الحرب، وإنه سعيد للعودة لوجوده بين الأهل وفي داره التي غادرها منذ أشهر، قائلاً: (ارتحت منهم هٌـمّ الإيجار، ما باقي لي زلا أشحد).
من جانبها، قال الشقيقان طارق وعثمان جرقندي، إنّهما قررا العودة إلى السودان من إثيوبيا، بعد المعاناة الكبيرة التي وجداها هناك، وعدم توفر فرص عمل، ونفاد أموالهما، فعادا إلى القضارف للبحث عن عمل، عقب نهب متاجرهما في مدني من قبل المليشيا.
وقال الجزولي الله جابو، إنه اتخذ قرار العودة من جنوب السودان إلى ولاية النيل الأبيض، حتى يزرع في أرض والده، عقب هروبهم من أم درمان بعد اجتياح مليشيا الدعم السريع للفتيحاب، وسرقة دكان الاسبيرات الذي يملكه، وأوضح أنّ المعيشية صعبةٌ في جنوب السودان.
صحيفة السوداني