يعلم البرهان يقيناً أنه المستهدف الأول في هذه الحرب، وأن التخلص منه يمثل الهدف الرئيسي للمتمردين وأتباعهم ولأجهزة استخبارات القوى الدولية والإقليمية التي تدعمهم وتتآمر معهم على السودان، ويدرك البرهان أن مساعي قتله أو اعتقاله بدأت قبل يوم 15 أبريل 2023، ومع ذلك ظلت إجراءات حراسته وحمايته معيبةً ولا تتناسب مع حجم الخطر المحدق به، كما ظل هو متجاهلاً ومستخفاً بذلك الخطر في حله وترحاله، كذلك بقي فريق حمايته عاجزاً عن إقناعه بضرورة اتباع الإجراءات والبروتوكولات المستخدمة في حراسة وحماية الرؤساء بصرامة، كما شهدت بعض تحركات الرئيس قصوراً استخباراتياً مريعاً سيما عندما أقدم على زيارة ولاية سنار قبل ساعات قليلة من لحظة هجوم الجنجويد على مدينة سنجة عبر المنطقة نفسها التي هبطت فيها الطائرة المقلة للبرهان.
المعلومات المتعلقة بمساعي المليشيات لمهاجمة مواقع استراتيجية في ولاية البحر الأحمر بمسيرات انتحارية لم تكن غائبةً لا عن جهاز المخابرات العامة ولا الاستخبارات العسكرية، حيث وردت معلومات أولية تفيد أن المتمردين مجتهدون في التسلل للشرق عبر سهل البطانة ومنطقة همشكوريب في ولاية كسلا وصولاً إلى ولاية البحر الأحمر بطرق محددة عبر الجبال، بغرض بلوغ مواقع تمكنهم من إدخال مسيراتهم الانتحارية في مدى الاستخدام (حوالي 350 كيلومتراً)، وذلك عين ما حدث اليوم عقب تطوع التلفزيون القومي ببث احتفال تخريج الطلبة الحربيين في جبيت على الهواء.. الشيء الذي سهل مهمة المتمردين في تحديد موقع الرئيس ومهاجمته بمسيرة من ذات النوع الذي هوجمت به عطبرة والدامر وشندي والقضارف وسنار سابقاً..
إجراءات حراسة الرئيس بحاجة إلى مراجعة وتشديد، وما حدث اليوم في جبيت يستوجب المحاسبة والعقاب، ونتوقع من الفريق البرهان أن يتقيد بالبرتوكولات الأمنية الموضوعة لحمايته وأن لا يتجاهلها ولا يستخف بها، وليعلم أن جرأته وشجاعته معلومة للكافة، بمن فيهم المتمردون أنفسهم، ولا تحتاج منه إلى تأكيد وإثبات.
د. مزمل أبو القاسم