قال متعاملون في سوق العملات بالعاصمة السودانية الخرطوم، الخميس، إن تراجعا طفيفا طال أسعار الصرف الأجنبي مقابل الجنيه السوداني، في وقت طالب المحافظ السابق للبنك المركزي، بنك السودان بالانسحاب من عمليات شراء الذهب، لوقف تدهور سعر صرف النقد الأجنبي مقابل العملة الوطنية.
وأفاد تجار في سوق العملات (سودان تربيون)، إن سعر الدولار تراجع إلى 15.70 جنيها بعد أن سجل خلال اليومين الماضيين ارتفاعا غير مسبوق بلغ 16.80 جنيها.
وعزا أحد التجار العاملين في السوق الموازي – فضل حجب هويته – انخفاض الدولار إلى إعتقال السلطات الأمنية الأسبوع الماضي كبار التجار، وإجبار آخرين على توقيع تعهدات بعدم المضاربة في سعر الدولار.
وكانت السلطات ألقت الأسبوع الماضي القبض على 26 من كبار تجار العملة في السوق الموازي واودعتهم سجن كوبر الاتحادي في محاولة منها لكبح جماح التصاعد الكبير في أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني.
وترى الحكومة السودانية أن الارتفاع المستمر في سعر الصرف الأجنبي، غير واقعي وأنه نتاج لمضاربات التجار في السوق السوداء، وأن السعر الحقيقي أقل بأكثر من النصف.
وقال وزير المالية والتخطيط الاقتصادي بدر الدين محمود في فبراير الماضي ان سعر الدولار في السوق الموازي لا يجب ان يتعدى الـ 7 جنيهات وان ما يحدث من ارتفاع مستمر ما هو إلا مضاربات يقوم بها اصحاب المصلحة.
وأفاد الخبير الاقتصادي احمد مالك، أن انخفاض الدولار في الوقت الحالي ليس سوى تعبير عن انهيار اقتصادي، وانعدام لما قال إنها مصدات حقيقية للسيطرة على ارتفاع سعره.
وعزا مالك في تصريح لـ(سودان تربيون) الخميس، الانخفاض الحالي لضخ الحكومة قليل من الدولار في السوق، وتوقيفها عدد من المضاربين في السوق الموازي.
وأشار إلى أن السودان يستورد ثلاثة أضعاف ما يصدره، مضيفا “هذه المعادلة يمكنها أن تطيح بأي اقتصاد في العالم”.
وكان محافظ بنك السودان المركزي بالإنابة الجيلي اقر في تصريحات صحفية نشرت الثلاثاء الماضي، بضعف حجم الصادر السوداني، في مقابل الواردات التي تستدعي توفير عملة صعبة وقال إن بلاده تصدر ما قيمته 3 مليارات دولار وتستورد بما يقارب الـ 9 مليارات دولار.
وأكد انهيار المؤسسات الإنتاجية بالبلاد، سيما بعد توقف 75% من الشركات العاملة في الصناعة.
ورأى مالك إن الخلل في الاقتصاد السوداني سببه تزايد الصرف على الجهاز التنفيذي للدولة، وقال “مصروفات الدولة أصبحت خرافية، والإيرادات لا تكفي دولاب الدولة.. هناك 3 آلاف دستوري وألف وزير.. هذه ميزانية ضخمة”.
وتشير (سودان تربيون) إلى أن جهاز الأمن السوداني أصدر توجيهات للصحافة المحلية بعدم تناول الأخبار أو كتابة التقارير الاقتصادية المتعلقة بأسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الدولار.
في غضون ذلك أرجع محافظ بنك السودان المركزي السابق صابر محمد الحسن، تدهور الاقتصاد السوداني الى طباعة البنك المركزي للنقود للتمكن من شراء الذهب ما أدى إلى فقدان العملة قوتها، وحث البنك المركزي على الانسحاب الفوري من عمليات شراء الذهب لوقف تدهور سعر صرف النقد الأجنبي مقابل الجنيه السوداني.
وأشار صابر في ورشة عقدت بالخرطوم تحت عنوان (الجنيه السوداني الى أين ؟) الأربعاء، الى أن مطبعة العملة ببنك السودان تعمل بكثافة على مدار اليوم لشراء الذهب وتمويل المخزون الاستراتيجي.
وقال المحافظ السابق إن ارتفاع سعر الصرف مؤشر لوجود خلل وسياسات اقتصادية غير سليمة.
وأضاف أن انفصال الجنوب ترك اثارا سلبية علي الاقتصاد، وقال إن المسؤولين الاقتصاديين وهو منهم حسب قوله، لم يضعوا إجراءات واصلاحات لتفادي الانفصال الذي ذهب بـ 75% من البترول، رغم الدراسات التي أجريت بشأن انفصال الجنوب.
وحث صابر على معالجة الخلل في السياسات الاقتصادية، ووصف الوضع الاقتصادي في البلاد بالصعب، لكنه لفت الى إمكانية علاجه رغم ضخامة الكلفة.
سودان تربيون