تحدث المخرج طارق خندقاوي عن حالة السينما السودانية في ظل الحرب، وعن التأثيرات السلبية التي أحدثتها الحرب على إنتاج الأفلام في السودان. وقد أوضح أن الإنتاج السينمائي في السودان يعتمد على الأفراد، ولا توجد مؤسسات حكومية تُساهم في صناعة السينما. كما أشار إلى أن السينما السودانية تعاني من انهيار كامل منذ نحو 30 عامًا.
وقال طارق، في حواره مع “المصري اليوم”، إن فيلم “وداعًا جوليا” يعد فخرًا للسودانيين بعد ترشحه للأوسكار باسم البلاد. وأكد أن صانعي السينما في السودان يعملون على إنشاء منصة للإنتاج السينمائي من أجل عرض أفلامهم ليتمكن الجمهور العربي من التعرف عليهم.
كشف طارق عن أكثر أعماله قرباً إلى قلبه، وهو فيلم “فوبيا الفسخ”، الذي يعد أول أفلامه، وأوضح أن المخرج السوداني سعيد حامد قد غيّر ملامح السينما المصرية.
وإلى نص الحوار:
ما هو رأيك في حالة السينما السودانية في ظل النزاع القائم في البلاد؟
السينما في السودان تعتبر مستقلة إلى حد كبير، سواء كانت هناك حرب أم لا. في الحكومة السابقة برئاسة عمر البشير، لم يكن للسينما وجود حقيقي، مما جعل الإنتاج السينمائي فرديًا. الحرب أثرت بلا شك على أوضاع السينما، ولكن إذا نظرنا إلى دولة مثل سوريا، نجد أن هناك مؤسسة حكومية للسينما رغم الصراعات المستمرة. بينما في السودان، الإنتاج السينمائي يعتمد على الأفراد مع بعض العوامل الداعمة، مثل الدعم من منظمات أو مهرجانات كما حدث مع فيلم “وداعًا جوليا”. وعلى الرغم من تأثير الحرب على المجتمع والاقتصاد، يسعى الناس في السودان للتكيف.
■ ما هي الأسباب الضعيفة التي نتجت عن الحرب في السينما السودانية؟
تفتقر السودان إلى البنية التحتية والمواقع اللازمة للتصوير، مما يعيق صناع السينما عن تنفيذ أعمالهم بشكل احترافي. خلال الثلاثين عامًا الماضية، كانت السينما في حالة تدهور، حيث لم تُنتج أي أعمال سينمائية، وقد أدت الحروب إلى تدميرها بالكامل. كانت هناك محاولات للإنتاج، حيث يعود آخر فيلم تم إنتاجه إلى عام 1998، ثم تبعه عمل آخر في عام 2010، مما يعني أن الفجوة بين كل إنتاج كانت تصل إلى عقد كامل. الأفلام السودانية الأربعة التي حصلت على جوائز عالمية كانت في عام 2019، وهو حدث يعتبر استثنائيًا. كما أن حب الشباب السوداني للسينما يختلف عن الأجيال السابقة، حيث كانوا يعتمدون في إنتاجهم على التلفزيون السوداني ووزارة الثقافة.
وداعًا جوليا هو أول فيلم سوداني يتم ترشيحه لجائزة الأوسكار.
ما رأيك فيه؟
فيلم “وداعًا جوليا” هو مصدر فخر للسودانيين، وقد تم ترشيحه لجائزة الأوسكار باسم السودان، على الرغم من وجود بعض الانتقادات له. نحن في النهاية لا نتعارض مع أي نجاحات تحدث في السينما السودانية، لأن هدفنا هو إنشاء منصة إنتاجية سينمائية تعرض الأفلام السودانية وتعكس الثقافة البصرية للسودانيين. كما نأمل أن يتعرف المجتمع العربي علينا من خلال السينما، تمامًا كما حدث مع مصر، حيث تعرف المجتمع العربي على الشعب المصري من خلال الدراما، إذ تعتبر السينما أحد أسهل الطرق للتواصل بين الشعوب.
■ ما هى أقرب أعمالك إلى قلبك؟
لقد قمت بالإخراج والتمثيل والإنتاج، لكن أقرب عمل إلى قلبي هو فيلم “فوبيا الفسخ”. هو فيلم سوداني مصري صورته في مصر عام 2017، وهو أول عمل من إخراجي بعد أن درست الإخراج في السودان. جئت إلى مصر وانضممت إلى ورشة للإخراج تحت إشراف المخرج سمير سيف. شاركت بفيلم “فوبيا الفسخ” في مهرجان الدار البيضاء بالمغرب عام 2019، وحصلت على جائزة أفضل تصوير. يُعتبر هذا الفيلم واحدًا من أربعة أفلام سودانية حازت على جوائز في 2019، إلى جانب “ستموت في العشرين”، “الحديث عن الأشجار”، و”الخرطوم أوفسايد”. لكل فيلم ساهمت في إنتاجه تحدياته وجمالياته، لكن “فوبيا الفسخ” كان له إحساس خاص لأنني عملت مع ممثلين مصريين وسودانيين، وفكرة الفيلم بسيطة، فهو كوميدي قصير.
سعيد حامد هو واحد من المخرجين السودانيين الذين تركوا أثراً بارزاً في السينما المصرية، حيث قام بإخراج أفلامٍ شهيرة.
ما رأيك فيه؟
المخرج سعيد حامد صديق عزيز لي، ومن الناحية الفنية فهو مبدع وقد غيّر وجه السينما المصرية من خلال فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية”. إذ قدّم فيلمًا بمشاركة فنانين شباب غير معروفين وجنى من خلاله أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية في ذلك الوقت، بالرغم من أن السينما المصرية كانت تركز على النجوم المعروفين. وقد أسهم في تطوير جيل كامل من الفنانين الذين كانت السوق المصرية بحاجة إليهم، وأصبح هؤلاء الفنانون نجوماً، مثل محمد هنيدي ومنى زكي وأحمد السقا وأحمد حلمي. كما يتعامل مع المخرجين المساعدين وكأنهم أبناءه، وتكون كواليس العمل معه مريحة. ونحن نعتز به في السودان.
■ حدثنا عن أعمالك المقبلة؟
حاليًا أنا أعمل على إعداد فيلم بعنوان “Black” الذي تدور قصته حول أحداث الحرب في السودان. سيتم عرض الفيلم في الفترة القادمة، ونحن الآن في مرحلة التحضير وسنبدأ التصوير قريباً.
المصري اليوم