بين النار والماء: السودان والأزمات المتراكمة
_ أيمن أحمد المصطفى _
في بقعة من الأرض تعصف بها الرياح وتغرقها الأمطار، يعيش الشعب السوداني فصولًا جديدة من المأساة التي لا تنتهي..
منذ يونيو/ حزيران الماضي، وفي مشهد يملؤه الألم والفقد، نزح أكثر من 117 ألف سوداني من مناطقهم، تاركين وراءهم كل ما بنوه وحلموا به، هاربين من السيول الجارفة التي دمرت بيوتهم، وأخذت معها أحلامهم وأرواح أحبائهم.. 12 ولاية من ولايات السودان الـ18 تأثرت بهذه الكارثة الطبيعية، لكن الجروح لا تتوقف هنا.
في الوقت الذي يكافح فيه النازحون للنجاة من قسوة الطبيعة، يجدون أنفسهم محاصرين في صراع دامٍ بين الجيش وقوات الدعم السريع، صراع بدأ منذ أبريل/ نيسان 2023، ولا يزال مستمرًا، تاركًا وراءه ملايين اللاجئين والنازحين الذين يعانون من التشرد والفقر والجوع.. هذه الحرب التي لا ترحم، اجتمعت مع السيول لتضع الشعب السوداني في مواجهة مع تحديات أكبر من قدرته على التحمل.
وأمام كل هذه الكوارث، تزداد الأمور سوءًا بتفشي وباء الكوليرا في البلاد، كما أعلنت وزارة الصحة السودانية. هذا الوباء القاتل ينتشر بسرعة بين النازحين الذين يعيشون ظروفًا صحيّةً مترديةً، ويزيد من معاناتهم ويقضي على آمالهم في النجاة.. العشرات فقدوا حياتهم نتيجة للسيول، والآن تحصد الكوليرا أرواحًا أخرى، في ظل تدهور الأوضاع الصحية، وانعدام المستلزمات الطبية.
في هذه اللحظات العصيبة، يقف السودانيون على حافة اليأس؛ كل يوم يحمل لهم المزيد من الألم والفقد، وكل دقيقة تمر تضعف فيها قدرتهم على الصمود. هذه المأساة الإنسانية المتفاقمة تستدعي انتباه العالم ومساعدته؛ لأن الشعب السوداني لم يعد قادرًا على تحمل المزيد من الضربات.. بين مطرقة الحرب وسندان الطبيعة، يكافح هؤلاء البشر من أجل البقاء، في قصة تكتب بدماء الأبرياء، وتروي حكاية شعب ينزف بصمت.
لكن، رغم كل هذا الظلام، يبقى هناك أمل في أن يجد العالم أخيرًا ضميره الإنساني، ويمد يد العون لهؤلاء الذين يواجهون معركة البقاء كل يوم.