للأسف، انشغلنا عن السودان حتى طالت الحرب فيها وتجاوزت الـ٥٠٠ يوم.. وحتى مزقت الحرب أوصال السودانيين، وأُجبر نحو ١٠ ملايين على النزوح الداخلى والخارجى وسقط ١٥٠ ألف مدنى.. وشهد السودان منذ ١٥ إبريل العام الماضى حربًا دامية بين القوات المسلحة بقيادة البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة حمدان دقلو، تدفعها أطراف دولية وإقليمية، للأسف الشديد!.
وامتدت المعارك الضارية إلى أغلب ولايات السودان، وحصدت أرواح الأبرياء.. تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى ١٥٠ ألفًا، وفقًا للمبعوث الأمريكى الخاص للسودان، توم بيرييلو، بينهم ما يصل إلى ١٥ ألف شخص فى عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء الأمم المتحدة!.
الأزمة السودانية أعقبتها أزمة إنسانية عميقة مزقت أوصال السودانيين، بين نازحين فى الداخل والخارج، حيث سجل السودان قرابة ١٢ مليون نازح داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب بيان هيئات نقابية سودانية، نزح نحو ٩ ملايين إلى مناطق داخلية، ولجأ أكثر من ٣ ملايين شخص إلى دول الجوار، ودُمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد، التى بات سكانها مُهدَّدين بالمجاعة!.
ولا نلوم أحدًا خارج السودان بقدر ما نلوم السودانيين أنفسهم، ونهيب بالنخبة والمثقفين التدخل لإنهاء الحرب والحفاظ على موارد البلاد من الضياع والسرقة والحفاظ عليها للأجيال القادمة، وتظل هذه الدعوة لها قيمتها ووجاهتها بعد الفيضانات لتجتمع على السودان الحرب والفيضانات.. ومن باب أولى أن يهرع أبناء السودان لإنقاذ السودان العزيز، فلابد أن يفيق طرفا النزاع إلى الكارثة لنجدة السودان وإمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى المضارين من الحرب والفيضانات، فالمثل يقول: «ما حك جلدك مثل ظفرك، فتولَّ أنت جميع أمرك»!.
هذه دعوة إلى حكماء السودان لإنقاذ السودان ووقف الحرب التى امتدت لأمد لا يخطر على بال أحد من دول الجوار، فضلًا عن الفيضانات التى أدت إلى نزوح أكثر من ٢٠ ألف شخص منذ يونيو الماضى فى ١١ ولاية من ولايات السودان الـ١٨، كما جرفت السيول البنية الأساسية الحيوية، مما أدى إلى تعطيل توصيل المساعدات الإنسانية الحيوية بشكل أكبر!.
ومن المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو ٢٥ مليون شخص انعدام الأمن الغذائى الحاد مع انتشار الصراع، فضلًا عن تفشى وباء الكوليرا، وهو مرض فتاك تتوافر له كل الظروف المساعدة.
وأخيرًا، يؤسفنى أن تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل أكبر بسبب الحرب والفيضانات، بينما يضيع السودان وينهار، ونفقد بلدًا عربيًّا غنيًّا كان يمكن أن يوفر الغذاء لكل ربوع الوطن العربى!.
محمد أمين
المصري اليوم