جامعة الجزيرة : إنتهاك “حرمة” القاعات والمعامل

قبل يوم من الأحداث المؤسفة التي شهدتها حاضرة ولاية الجزيرة ” ود مدني”، كانت طرقات المدينة تودع في صمت سكان الأحياء مدني التي احتضنت ضيوف الولاية لم تكن تعلم أنها ستصحوا على واقع مؤلم، فحتى من ” نزح” إليها من الخرطوم كان يظن أنها ملاذه الٱمن إلى أن يعود إلى دياره.

مساء الخميس ” قبل يوم واحد من الهجوم على المدينة”، كان شارع النيل يضج بالناس وتختلط فيه المشاعر وأحلام مرتاديه؛ مثله مثل بقية المتنزهات، الحركة كانت عادية في ظاهرها، بيد أن ” البعض” كان يعلم أن صباح المدينة سيكون مختلفا.

في جامعة الجزيرة؛ الوضع هناك لم يكن يختلف عن المدينة، حركة نشطة كانت تشهدها قاعات الدرس والمعامل والمكاتب الإدارية، الهدوء يتوسد حدائقها وطرقاتها إلا من حركة الطلاب ذهابا وإيابا من قاعاتهم إلى المكتبة أو المعامل..

بنهاية يوم الخميس، الطلاب وأساتذة الجامعة وغيرهم من العاملين، خرجوا من الجامعة عبر طرقاتها المختلفة لكنهم لم يكونوا يعلمون أن الدخول إليها ولو من طريق واحد سيطول.

الخراب الذي طال الجامعة، والنهب ” الممنهج” لممتلكاتها ” أوجع” الطلاب مثلما آلم الشعب السوداني الذي يعرف قدر الجامعة ومكانتها وسط مؤسسات التعليم العالي.

الجامعة امتلكت بنية تحتية وأجهزة ومعدات جعلت منها واحدة من أميز مؤسسات التعليم العالي.

فلكل كلية معامل تغطي تخصصاتها، بالإضافة إلى معمل مركزي بمجمع النشيشيبة يقصده طلاب العلم من داخل وخارج الجامعة، بينما تتوزع قاعات الدرس في مساحة كبيرة بالمجمع، تحيط بها الحدائق وأشجار الظل.

أوراق لنتائج دراسات وبحوث علمية لعلماء وباحثين ” تجوب” بأسى أرضيات المكاتب والقاعات والمعامل، وكأنها تبحث عن من يعيدها للأرفف من جديد، تاريخ مكتوب بمداد العلم والمعرفة يحكي عن ريادة الجامعة وتميزها؛ مزقت وبعثرت أوراقه. فقدت الجامعة كل ما امتلكته من أجهزة ومعدات وأثاثات، وفقدت كذلك أصولها المتحركة، فالمعلومات التي تحصلت عليها ( الصحيفة) تؤكد أن كل الأجهزة الموجودة بالقاعات تمت سرقتها، وأن يد ” النهب” طالت كذلك المعامل بمجمع النشيشيبة.

أضحى مبنى الإدارة ” فارغا” من كل شيء، الجدران التي عجزت عن حماية البحوث العلمية والمراجع والملفات والأجهزة ” تنظر” بأسى للأوراق التي تحركها الرياح وتتقاذفها يمينا ويسارا، و ” تلمح” بحزن لمقتنيات ألقيت أرضا.

بقية مجمعات الجامعة لم تكن إستثناءا، فبخلاف كلية الإنتاج الحيواني بالمناقل؛ تعرضت مجمعات وكليات الجامعة للتدمير والنهب، لم تسلم من ذلك حتى معدات المعامل لا سيما بكليات الطب، طب الأسنان، الصيدلة.

التدمير والنهب طال كذلك مجمع الخدمات الصحية بالإعدادية الذي كان يقدم خدمات علاجية لجميع مواطني ولاية الجزيرة.

بحوث علمية قيمة لأساتذة ولطلاب، حازت جوائز عالمية رفيعة، عكست تميز الجامعة عالمياً، كان مصيرها ” أرضا بحوث”.

مجمعات الجامعة لم يكن هذا مصيرها فحسب، فوفقا ل” منصة نداء الوسط” تحول مجمع كليات أبو حراز بالجامعة إلى مركزاً لتدريب منسوبي الدعم السريع.

كل ذلك لم يمنع جامعة الجزيرة من تقديم رسالتها، فبحسب ما نشرته إدارة الإعلام والعلاقات العامة بالجامعة، فإن الأحداث التي إمتدت لمدينة ودمدني ومحليات ولاية الجزيرة كانت لها تداعيات سالبة على جامعة الجزيرة، شملت تعطيلاً للدراسة وتدميراً لبنيتها التحتية، وأوقفت كذلك العمل في مكاتب فرعية لعدد من الجامعات التي كانت قد باشرت مهام عملها من داخل جامعة الجزيرة، وعطلت كذلك جهود الجامعة في إستمرار تقديم وتسخير إمكانياتها لضيوف الولاية.

ويقول البروفيسور صلاح الدين محمد العربي؛ مدير الجامعة – وفقا لإدارة الإعلام – ، إن الجامعة تمكنت في الفترة الماضية من مواصلة تحقيق أهدافها الرامية إلى خدمة المجتمع عبر التدريب والبحث العلمي، ويضيف ” تم كل ذلك بجهود مقدرة من جميع العاملين في كل الإدارات والكليات والمعاهد إذ أن التحدي الأكبر الذي واجه الجامعة هو تأسيس موقع بمدينة كسلا، يمكنها من القيام بمهامها على الوجه المطلوب.

” ويشير ” صلاح” إلى أن الجامعة باشرت مهامها في البداية بمكاتب بجامعة كسلا، مع الإستعانة بقاعات ومكاتب بجامعة الشرق للعلوم والتكنلوجيا، لتنفيذ بعض البرامج الأكاديمية وعقد الإجتماعات وإستخراج الشهادات الأكاديمية وشهادات الخبرة للعاملين بالجامعة وإجراء المناقشات لطلاب الدراسات العليا.

وأبان ” صلاح” إلى أن الدراسة انتظمت بعد ذلك لعدد كبير من الطلاب بمختلف الكليات عبر الإسناد الإسفيري والإسناد المباشر، بجانب عقد الإمتحانات لبعض الطلاب الخريجين وغيرهم، وأن ذلك تم بالتنسيق التام بين أمانة الشؤون العلمية وعمداء الكليات بعد تعميم إستمارة لحصر الطلاب والأساتذة والعاملين ومعرفة مواقعهم سواء داخل السودان أو خارجه وهو ما ساعد بحسب مدير الجامعة كثيراً في تحديد مراكز الإمتحانات.

وشدد ” صلاح” على أن الجامعة ستستمر في أداء رسالتها وتحقيق أهدافها وتسعى كذلك لتنفيذ كل ذلك عبر الآليات والطرق المتعددة التي تتيح لها الإستفادة من الإرث التليد والرصيد المتراكم من الخبرات والتجارب للجامعة ومنسوبيها؛ مستفيدة من الإتفاقيات الموقعة مع جامعات أخرى ومستفيدة أيضا من خريجيها المنتشرين في كل أنحاء العالم لتقديم تجاربهم ومعارفهم لطلاب الجامعة، والسعي كذلك لإيجاد منافذ لتقديم الخدمة التعليمية خارج السودان على مستوى الدراسات الجامعية والدراسات العليا لما تتمتع به الجامعة وخريجوها من سمعة طيبة جعلت من برامجها الأكاديمية مطلباً ملحاً للطلاب داخل وخارج السودان.

سونا

Exit mobile version