أعلن وزير الصحة السوداني الدكتور هيثم محمد إبراهيم حصيلة جديدة للإصابات وحالات الوفاة بالكوليرا في 10 ولايات سودانية تفشى فيها الوباء، وكشف للجزيرة نت عن ارتفاع عدد الوفيات إلى 555 شخصا، والمصابين إلى 18 ألفا و900.
وأوضح أن الصعوبات تزايدت أمام إيصال الإمدادات وتقديم الخدمات الطبية واحتواء الأوبئة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وقال “أصبحنا نقاتل في أكثر من جبهة لتشغيل المستشفيات والمؤسسات ومكافحة الأوبئة”.
وأفاد وزير الصحة السوداني بأن أول التحديات التي تواجههم الآن هو أمن وسلامة الكوادر الطبية لإيصال الإمدادات الطبية في الولايات والمناطق التي تسيطر عليها أو تقطع طرقها الدعم السريع، بجانب تحدي قلة التمويل المخصص للتدخلات الصحية.
وأشار إلى أن التقدير الفعلي للاحتياج الصحي والإنساني في السودان -كما جاء في تقرير للأمم المتحدة– هو 4.7 مليارات دولار، في حين لم يتعد ما وصل إليهم من دعم 25% من هذا المبلغ. وأكد أن الحاجة أكبر مما هو مخصص للتدخلات الصحية من المجتمع الدولي ومن وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.
وقال الوزير السوداني إنهم غير قادرين على الإيفاء برواتب ومستحقات الكوادر الطبية التي كان لها دور مهم جدا في تأمين النظام الصحي واستمرارية الخدمات الطبية.
وكشف عن خسائر كبيرة لحقت بالقطاع الصحي، بسبب الحرب بلغت 11 مليار دولار تمثل قيمة ما فُقد من المعدات والأجهزة الطبية والإمداد الدوائي وتخريب المستشفيات ونهب عربات الإسعاف والنقل والشحن وغيرها.
وأفاد بأن عدد المستشفيات بالسودان هو 700 مستشفى، ولكن ثلث هذه المستشفيات لم تعد تُقدم خدمة بسبب الحرب.
وفيما يلي نص الحوار:
كيف تقيم الوضع الصحي في السودان الآن بعد أكثر من 17 شهرا على اندلاع الحرب؟
هنالك جانبان بعد مرور أكثر من 17 شهرا، جانب تزايد الصعوبات، وجانب آخر يتعلق بالمرونة العالية للحكومة والنظام الصحي، والتي أسهمت بقدر كبير في مواصلة تقديم الخدمات الأساسية خاصة الخدمات المتعلقة بتشغيل الطوارئ الأساسية في المستشفيات ومكافحة الأوبئة والخدمات الدوائية.
ولكن الصعوبات تتزايد خاصة في المناطق التي تسيطر عليها مليشيا الدعم السريع، فهناك صعوبات في إيصال الإمداد وصعوبات كذلك في تقديم الخدمات الطبية والصحية لتلك المناطق. وإذا ظهرت أوبئة في المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، فاحتواؤها فيه صعوبات كبيرة جدا، وهذا ظهر جليا.
يبدو أنكم تحاربون على أكثر من جبهة، لكن كيف تتعاملون مع الوبائيات خاصة الكوليرا، والملاريا؟
فعلا كما ذكرت، أصبحنا نقاتل في أكثر من جبهة، جبهة تشغيل المستشفيات والمؤسسات، وبحمد الله هناك قدر كبير من المؤسسات والمستشفيات تعمل خاصة في المناطق الآمنة، التي تسيطر عليها القوات المسلحة، وهذه تشكل أكثر من 60% من الخدمات الصحية حاليا، حيث فر كثير من المواطنين من مناطق الدعم السريع إلى المناطق والولايات الآمنة فأصبحت مكتظة بالسكان والنازحين، وتقدم فيها خدمة جيدة.
والجبهة ثانية هي جبهة الطوارئ والأوبئة الصحية التي ظهرت مؤخرا، وتظهر مع كل خريف بالذات الكوليرا والملاريا وبعض الأمراض المستوطنة التي تظهر بكثافة كبيرة جدا في فصل الخريف، وعمليات المكافحة مستمرة، لكنها تحتاج إلى تقوية خاصة في الولايات التي يوجد فيها انتشار أكبر.
هناك وفيات يومية في الخرطوم وبأعداد كبيرة بسبب الكوليرا والملاريا، ما حجم المرض وكيف تتعاملون مع هذا الوضع؟
كانت هناك زيادة في الأشهر الماضية في الإصابة بالكوليرا، ووصل انتشارها لـ10 ولايات، لكن أنشطة المكافحة تنتظم الآن في كل هذه الولايات، ونحرص على إيصال المحاليل الوريدية وأملاح التروية، مع استصحاب دور المواطن معنا وتوسيع عمل المنظمات في الولايات المختلفة.
وقد بلغت حالات الإصابة يوم الاثنين الثاني من أكتوبر/تشرين الأول 18 ألفا و900، بالإضافة إلى 555 حالة وفاة، لكن هناك بوادر تكامل جهود بين حكومة السودان ومنظمات دولية على رأسها وكالات الأمم المتحدة التي قدمت وما زالت تقدم دورا واضحا في مكافحة المرض، خاصة بالولايات التي ظهرت فيها مؤخرا.
ودورهم واضح بصورة أساسية في تقديم الدعم لمراكز المعالجة فيما يخص الإمداد والكلور والفحوصات والتطعيمات. ودخول التطعيمات يمكن أن يُحدث فارقا كبيرا، كما كان للتطعيمات مع التدخلات الأخرى في العام الماضي دور كبير جدا.
وبدأت التطعيمات في محليات كسلا وود الحليو، ونتوقع وصول المزيد من الإمداد بأكثر من مليون و400 ألف جرعة، وسيتم توزيعها للولايات الأكثر تأثرا في كسلا والقضارف ونهر النيل، ومع التدخلات الأخرى ستمضي الأمور للأحسن.
ما أكبر التحديات التي تواجهكم الآن؟
التحدي الأول هو الأمن والسلامة للكوادر الصحية، والأمن والسلامة لإيصال الإمدادات الطبية في المناطق التي تسيطر عليها أو تقطع طرقها “مليشيا” الدعم السريع في إقليم كردفان ودارفور وفي وسط السودان بولايات سنار، الخرطوم، والجزيرة.
وأصبحت بعض المناطق شبه معزولة، ويصعب إيصال الإمداد لها، إلا عن طريق النقل الجوي المحدود الذي لا يمكننا من نقل الكميات الكافية، وهذا أكبر تحد حاليا يواجه العمل، لذلك نحن ننادي بضرورة فتح المسارات والطرق الرئيسية خاصة الرابطة بين الخرطوم والجزيرة، وبين ولايات الوسط سنار والنيل الأزرق، والطريق الرابط للنيل الأبيض بشمال كردفان.
هذه طرق رئيسية مهمة جدا، وإغلاقها يعتبر جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، لأنه يقطع الغذاء والدواء عن المواطنين في تلك المناطق وهذا أكبر تحد.
التحدي الآخر هو قلة التمويل المخصص للتدخلات الصحية، فالحاجة أكبر مما هو مخصص للتدخلات الصحية من المجتمع الدولي، ونحتاج للمزيد من التمويل.
هل أنتم قادرون على الإيفاء بمتطلبات الكوادر الطبية في ظل الظروف الحالية؟
نحن غير قادرين على الإيفاء بمستحقاتهم، ونشكرهم لأنهم يعملون منذ زمن طويل جدا من غير رواتب واستحقاقات وبحوافز بسيطة. وهذه الشريحة كان لها دور مهم جدا في تأمين النظام الصحي واستمرارية الخدمات الطبية، فلهم كل الشكر والتقدير والاحترام.
ما الموقف الدوائي في السودان؟
الموقف الدوائي في السودان أفضل حالا مما سبق لسببين، الأول تخصيص مبالغ ثابتة من حكومة السودان ومن وزارة المالية للأدوية الأساسية والمنقذة للحياة، وهذه ساعدت الإمدادات الطبية على فتح اعتمادات خلال الشهور السابقة.
وكذلك للإجراءات الإيجابية والتسهيلية التي تمت للقطاع الخاص وشركات الاستيراد، مما أسهم في زيادة معدل الاستيراد أكثر من 5 أضعاف. هذا بالإضافة لما يصل من وكالات الأمم المتحدة والمنح والهبات من الدول الشقيقة والصديقة.
هل هناك مستشفيات تدار بواسطة الدعم السريع؟
نحن ليس لدينا مستشفى يدار بواسطة الدعم السريع، والدعم السريع أصلا لا يدير مستشفيات ولا يخدم المواطنين بالمستشفيات، حتى المستشفيات الموجودة في دارفور وكردفان وتقدم الخدمات للمواطنين نحن الذين نحاول أن نوصل لها الدعم والإمداد.
والدعم السريع عندما يستولي على مستشفى يجعله في خدمة جنوده والمصابين منهم ويوظف كل إمكانات المستشفى لذلك، وكان هذا ظاهرا بالنسبة لنا، ونعتبره احتلالا للمستشفيات مثل المستشفى الدولي ومستشفى الخرطوم ومستشفى الراقي ومستشفى شرق النيل، فهذه المستشفيات تحولت بصورة كلية لخدمة عساكر المليشيا، والمستشفيات الأخرى الموجودة في كردفان ودارفور نقدم لها خدمات مباشرة حسب ما نستطيع.
ما تقييمك للخسائر التي لحقت بالقطاع الصحي بسبب الحرب في السودان؟
بالنسبة للخسائر التي لحقت بالقطاع الصحي، فإن ما فُقد من المعدات والأجهزة الطبية والإمداد الدوائي وتخريب المستشفيات ونهب عربات الإسعاف والنقل والشحن وغيرها يصل لـ11 مليار دولار، وهذه خسائر كبيرة جدا، وما زال التقييم مستمرا.
ما نسبة المستشفيات العاملة إلى المدمرة، والمتأثرة جزئيا الآن؟
عدد المستشفيات في السودان 700 مستشفى، ثلثاها تقدم الخدمة، وثلث المستشفيات لا تُقدم خدمة.
كيف تقيم تفاعل منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى في إسناد السودان صحيا؟
هي تعمل معنا في مجالات الطوارئ الصحية، والأوبئة، والإمداد، وصحة الأمهات والأطفال، والتحصينات للأطفال، وتطعيمات الكوليرا والملاريا وغيرها. لكن الحاجة أكبر مما هو مقدّم. فالتقدير الفعلي للاحتياج الصحي والإنساني كما جاء في تقرير للأمم المتحدة هو 4.7 مليارات دولار، لكن ما وصل لا يتعدى 25% من هذا المبلغ على أحسن الظروف والحسابات.
الجزيرة نت