“حميدتي”.. عراب مخططات الغرب في السودان!

منذ أكثر من عام ونصف، يشتعل الصراع في السودان بين الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وميليشيا الدعم السريع تحت إمرة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. لكن يبدو أن الأمور تطورت بشكل أكبر.

ويرى العديد من المراقبين أن هذه المواجهة ليست مجرد نزاع داخلي أو حرب أهلية، بل لها تأثيرات دولية مترابطة، إذ أن هناك قوى خارجية تتداخل في الأحداث، مما يزيد من تعقيد الموقف.

ففي الأيام الأخيرة، أصبح الحديث عن مصادر التمويل والأسلحة المستخدمة في هذا النزاع أكثر شيوعًا، مما يفتح الباب للعديد من التساؤلات حول الأهداف الحقيقية لهذه القوات والداعمين الذين يقفون وراءها.

سلاح الحرب الجديد

وفقًا لاستقصاء أجرته بي بي سي نيوز عربي حصلت قوات الدعم السريع على هذه الطائرات، حيث اتهم خبراء دولة الإمارات بتزويدها بهذه الطائرات من خلال جسر جوي مخصص لتوريد الأسلحة.

وأوضح التحقيق الاستقصائي ان الطائرات التي تستعملها القوات المذكورة هي مسيرات أوكرانية، وقد أُطلقت من مناطق تسيطر عليها تلك القوات، حسبما أكدت المصادر المحلية.

بينما يعتقد مجموعة من الخبراء والمراقبين للشأن السوداني أن استخدام طائرات مسيرة أوكرانية من قِبل قوات الدعم السريع ليس جديداً، إذ تم استخدامها في معارك سابقة في الفاشر وأم درمان، بالإضافة إلى محاولة اغتيال البرهان خلال عرض عسكري.

فيما أظهرت تصريحات رسمية من قادة عسكريين أوكرانيين وجود مقاتلين أوكرانيين في السودان في إطار مهمات استخباراتية ومرتزقة.

إلحاقًا لذلك، أفادت منظمة العفو الدولية في تقريرها الأخير عن وجود تكنولوجيا عسكرية فرنسية متطورة في ناقلات الجنود التي تستخدمها قوات الدعم السريع، وتم الحصول عليها عبر وسطاء من الإمارات. وأشارت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية إلى أن قائد الميليشيا “حميدتي”، حصل على أجهزة تجسس حديثة تم نقلها إلى الخرطوم بواسطة طائرة مرتبطة ببرنامج تجسس إسرائيلي.

أجندات إسرائيلية

وفي ها السياق أوضح محمد سعد كامل، رئيس تحرير صحيفة “بروان لاند” السودانية، بأن الدعم الغربي والإسرائيلي لمليشيا “الدعم السريع” بات واضحاً منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل 2023.

وأشار إلى أن الصراع قد تسبب في مقتل أكثر من 20 ألف مواطن ونزوح ما يزيد عن 15 مليون شخص، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية بشكل ممنهج وفقاً لتقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وتقارير حكومية رسمية.

وأكد سعد كامل أن أطماع الغرب وإسرائيل في الموارد الطبيعية السودانية وموقع السودان الاستراتيجي قد دفعت تلك الدول إلى دعم الدعم السريع، لتحقيق أجندات سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث يتم تهريب السلاح للمليشيا عبر دول مجاورة مثل تشاد، بدعم واضح من الإمارات.

وأضاف أن الأدلة على دعم الإمارات للمليشيا قد قُدمت في عدة منظمات دولية، من بينها مجلس الأمن، مشيراً إلى أن فرنسا وإسرائيل تلعبان دوراً كبيراً في هذا الدعم عبر التصنيع الحربي الإماراتي.

وذكر رئيس تحرير صحيفة “بروان لاند”، أن موقف روسيا أصبح محل تقدير من الحكومة السودانية بعد تصويتها ضد قرار مجلس الأمن الأخير بشأن السودان، في حين أعلنت أوكرانيا موقفها العدائي ضد روسيا في السودان، مما يعكس صراع القوى الكبرى في البلاد.

لتعرف مايحدث في أوكرانيا عليك النظر إلى السودان

وأشار سعد كامل، إلى أن انخراط المقاتلين والمسيرات الأوكرانية بشكل فعلي في النزاع الحالي في السودان ضد القوات المسلحة السودانية، في ظل حاجة أوكرانيا الماسة للسلاح والجنود في صراعها مع روسيا، يعد برهانًا جليًا على استغلال الولايات المتحدة والدول الغربية للقيادة الأوكرانية وفرقها كمرتزقة في صراعات متعددة لخدمة مصالح واشنطن والدول الغربية، حتى وإن كان ذلك على حساب أرواح الشعب الأوكراني.

كما تناول “كامل” دور الإمارات في تجنيد مرتزقة من عرب الشتات من مختلف أنحاء أفريقيا للقتال في دارفور بهدف تنفيذ استراتيجية تقسيم هذا الإقليم عن الدولة السودانية وخلق رقعة جغرافية تابعة للإمارات، على غرار ما فعلته في اليمن وليبيا.

وأوضح أن هؤلاء المرتزقة يتم تجميعهم في تشاد ثم دفعهم عبر الحدود السودانية، حيث يتعرضون لهجمات جوية من قبل الجيش السوداني.

وألمح إلى أن الجيش السوداني يعتمد على معلومات استخباراتية من داخل تشاد لتحديد مواقع تحركات المليشيا وضربها.

وفيما يتعلق بالدور التشادي، أشار كامل إلى أن الرئيس التشادي محمد كاكا يتخذ موقفاً مزدوجاً، حيث يدعم الإمارات في خطتها في دارفور ظاهرياً، لكنه في الوقت نفسه يستغل الوضع للقضاء على المعارضة التشادية عبر استغلال المرتزقة الذين يتم دفعهم إلى داخل الحدود السودانية لمواجهة الجيش السوداني، موضحاً أن هذا الموقف يُنفذ بذكاء استراتيجي مستنداً إلى الدعم الفرنسي.

وأكد “كامل” أن محمد كاكا ينفذ خطة فرنسية لاستغلال الإمارات في تحقيق أهدافه، حيث يُرسل آلاف الشباب من القبائل العربية للقتال في السودان من أجل تقليص المعارضة داخل تشاد، دون أن تتكبد تشاد أي تكاليف أو خسائر تُذكر.

واعتبر “كامل” أن القبائل العربية تتحمل خسائر فادحة، وقد بدأت المجتمعات العربية في الداخل الأفريقي تتفكك بسبب هذا الصراع الناتج عن الطموح الإماراتي والخطط الفرنسية والارتزاق العسكري.

واختتم كامل تصريحاته بالقول إن ما يحدث هو مأساة بشرية للعرب في الشتات الأفريقي، مشيراً إلى أن المستقبل القريب سيكشف لهم حقيقة الخسائر التي لحقت بهم اجتماعيًا وجغرافيًا، وقد يواجهون ضياعًا لمكانتهم داخل السودان وعلى مستوى أفريقيا ككل.

الدعم

كما أكدت مصادر دبلوماسية ما كشفته بعض وسائل الإعلام عن محاولات حثيثة من قبل القوى الأمريكية والغربية لإعادة عبدالله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية “تقدم”، إلى السلطة، وذلك عبر لقاء حمدوك مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في 15 أبريل الماضي في باريس، رغم عدم حيازته على أي صفة رسمية، مما أثار استنكار الحكومة السودانية ويدل على تلقيه دعمًا أمريكيًا وأوروبيًا.

تشير التقارير إلى أن ماكرون وحمدوك ناقشا إمكانية عودته إلى رئاسة الوزراء مقابل تقديم ضمانات لتحقيق المصالح الأمريكية وإقامة قاعدة عسكرية فرنسية في السودان.

توضح التحليلات أيضًا أن هناك تحالفًا سريًا يتشكل بين حمدوك وحميدتي، والذي يتلقى الدعم من باريس عبر تسليح قوات الدعم السريع.

بينما تدعم واشنطن وباريس جهود حميدتي وتعارضان الجيش السوداني، تُدرك إسرائيل أنها ستحصل على فوائد جمة من هذا المد التمددي في السودان، إذ قد يمكنها ذلك من مواجهة نفوذ الإسلاميين في القوات السودانية ويتيح لها مزيدًا من النفوذ في البحر الأحمر.

فيما تشير كل هذه المعطيات بوضوح إلى وجود مخطط مدعوم من الولايات المتحدة يهدف للسيطرة على المنطقة باستخدام أدوات متعددة بما فيها المرتزقة والتقنيات العسكرية الحديثة.

صحيفة السوداني

Exit mobile version