محكمة النقض تتصدى لجُملة “حتى زوال العقار” فى عقود الإيجار.. برلمانى
“حتى زوال العقار”.. النقض تتصدى لإشكاليات “التجويد فى تحرير عقد الإيجار”.. تسمية المدة ركن من أركان عقد الإيجار وعدم تركها للظروف والأحداث المستقبلية.. تدوين مقولة
كتب علاء رضوان
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكما فريدا من نوعه، يضع ضوابط وشروط بند ذكر المدة في عقد الإيجار، ويتصدى لتدوين جملة “حتى زوال العقار”، ويرسخ لمبدأ تسمية المدة كركن من أركان عقد الإيجار وعدم تركها للظروف أو الأحداث المستقبلية، خاصة لو كان العقد إيجار جديد، قالت فيه: “عقد الإيجار سند الدعوى غير محدد المدة ويتعذر منه معرفة تاريخ انتهائه التعلقة بأمر مستقبل غير محقق الوقوع وهو زوال العقار، فيكون بذلك منعقداً للمدة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر عملاً بنص المادة 563 من القانون المدني وينتهى بانتهائها”.
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 14940 لسنة 87 القضائية، برئاسة المستشار عبد الصمد محمد هريدي، وعضوية المستشارين عبد الناصر محمد فراج، وصلاح الدين فتحي الخولي، ومحمد سمير محمود، ومصطفى أحمد فتح الله، وبحضور كل من رئيس النيابة مصطفي غزاوي، وأمانة سر أشرف الغنام.
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضده الدعوى رقم 297 لسنة 2016 إيجارات محكمة الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بانتهاء العلاقة الإيجارية بينهما والإخلاء والتسليم، على سند من أنه بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1 يونيو 2000 استأجر منه المطعون ضده شقة النزاع لقاء أجرة قدرها مائتي جنيهاً شهرياً، وقد تضمن العقد بأن مدته تنتهي بزوال العقار، ولما كانت مدة العقد غير محددة فتكون المدة المحددة هي دفع الأجرة، ورغبة منه في إنهاء العلاقة الإيجارية وعدم الرغبة في التجديد قام بإنذاره رسمياً بتاريخ 15 ديسمبر 2016 ثم أقام الدعوى.
بينما وجه المطعون ضده طلباً عارضاً بإثبات امتداد العلاقة الإيجارية بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1 يونيو 2000 لمدة 59 سنة، وفى تلك الأثناء – حكمت المحكمة بتاريخ 22 فبراير 2017 في موضوع الطلب العارض برفضه، وفي موضوع الدعوى الأصلية بالطلبات، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 433 لسنة 42 قضائية، وبتاريخ 26 يوليو 2017 قضت بإلغاء الحكم المستأنف، وبرفض الدعوى، ثم طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة – في غرفة مشورة. حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
مذكرة الطعن تستند على عدة أسباب لإلغاء الحكم، حيث ذكرت إن مما ينعى به الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وبياناً لذلك يقول إن عقد الإيجار سند الدعوى غير محدد المدة ويتعذر منه معرفة تاريخ انتهائه التعلقة بأمر مستقبل غير محقق الوقوع وهو زوال العقار، فيكون بذلك منعقداً للمدة المحددة لدفع الأجرة وهي شهر عملاً بنص المادة 563 من القانون المدني وينتهي بانتهائها، وإن خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض دعواه معتداً بأن مدة العقد محددة بزوال العقار نزولاً على إرادة المتعاقدين، رغم مخالفة هذا الشرط للقانون، فإنه يكون معيباً مما يستوجب نقضه.
المحكمة في حيثيات الحكم ردت على تلك الدفوع بقولها: وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – وهيئتها العامة – أن النص في المادتين 558، 563 من القانون المدني يدل على أن المشرع استلزم توقيت عقد الإيجار واعتبر المدة ركناً فيه، وأنه إذا عقد العقد دون اتفاق على ميقات ينتهي فيه الإيجار أو تعذر إثبات المدة المدعاة أو عقد لمدة معينة بحيث لا يمكن معرفة تاريخ انتهاء الإجارة على وجه التحديد كأن ربط انتهاءها بأمر مستقبل غير محقق الوقوع تعين اعتبار العقد منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، ويكون لكل من المتعاقدين الحق في إنهاء العقد بعد التنبيه على الآخر بالإخلاء في المواعيد المبينة بنص المادة 563 سالفة الذكر والتي جاء النص فيها صريحاً بما يتعين تطبيقه.
وبحسب “المحكمة”: ولا محل للقول بأن العقد ينعقد لمدة يحددها القاضي تبعاً لظروف وملابسات التعاقد، أو أن الإيجار ينتهي بوفاة المستأجر أو بانقضاء 60 عاماً على إبرام عقد الإيجار قياساً على أحكام الحكر، إذ لا محل للاجتهاد أو القياس وهناك نص قانوني يحكم الواقعة، كما أنه ولئن كان المحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود والاتفاقات واستخلاص ما يمكن استخلاصه منها دون رقابة وظروف التعاقد مؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها وبما يكفى لحمل قضائها.
وتضيف “المحكمة”: لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن عقد الإيجار سند الدعوى محرراً في ظل سريان القانون رقم 4 لسنة 1996 ويخضع النزاع في شأنه الأحكام القانون المدني، إذ انعقد بين الطاعن والمطعون ضده مشاهرة وتضمن في أحد بنوده أن مدته تحددت بزوال العقار، فإنه مع وجود هذا البند لا يعرف على وجه التحديد تاريخ انتهاء الإجارة، ومن ثم عليها في ذلك من محكمة النقض، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون تفسيرها لها سائغاً أوفى بمقصود العاقدين يضحى هذا العقد من العقود غير محددة المدة ، ويعتبر منعقداً للفترة المعينة لدفع الأجرة وهي شهر، ويكون لأي من المتعاقدين الحق في إنهائه إذا نبه على المتعاقد الآخر بعدم الرغبة في استمرار العلاقة الإيجارية إعمالاً لنص المادة 563 آنفة البيان.
وأوضحت “المحكمة”: وإذ كان الطاعن قد نبه على المطعون ضده بموجب الإنذار المؤرخ في 15 ديسمبر 2016 بإنهاء العقد، فإن العلاقة الإيجارية تكون قد انفصمت عراها بهذا التنبيه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وعمد إلى تحديد مدة الإيجار بزوال العقار قياساً على أحكام الحكر، فإنه يكون قد أخطأ في تفسير القانون وتطبيقه الذي جره إلى القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، مما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن؛ وحيث إنه عن الموضوع فإنه صالح للفصل فيه، ولما تقدم، فإنه يتعين تأييد الحكم المستأنف فيما قضی به من انتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1 يونيو 2000 وإخلاء المطعون ضده من عين النزاع والتسليم.
لذلك:
نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضده المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة، وحكمت في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وألزمت المستأنف المصروفات ومبلغ مائة جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة.